فيسبوك يرضخ للضغوط بحماية بيانات مستخدميه الأوروبيين

شركة فيسبوك أذعنت لمطالب الاتحاد الأوروبي وبدأت إجراءات جديدة وصارمة لحماية بيانات المستخدمين الأوروبيين، كما انضمت إليها شركة تويتر بتمييز الإعلانات السياسية في الولايات المتحدة لمنع التلاعب في الانتخابات واستهداف المستخدمين الأميركيين بالدعاية الأجنبية.
السبت 2018/05/26
سياسة جديدة خاصة بالإعلانات السياسية

بروكسل - دخلت تشريعات حماية البيانات الجديدة لمستخدمي الإنترنت في الاتحاد الأوروبي حيز التنفيذ الجمعة، بعد جدال ومفاوضات طويلة بين الاتحاد الأوروبي وشركات الإنترنت، لتنتهي إلى تعزيز حقوق المستخدمين وفرض عقوبات مشددة على بعض المخالفات في العصر الرقمي، التي تمثلت مؤخرا في فضيحة فيسبوك.

وتسببت التشريعات الجديدة المسماة لائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي في سيل من الرسائل الإلكترونية من الشركات التي تطلب موافقات صريحة من المستخدمين على الاتصال بهم.

وعلى الرغم من اعتماد هذه القواعد الجديدة رسميا قبل عامين، مع فترة سماح حتى ليل الخميس الجمعة للتكيف معها، تباطأت الشركات في التصرف، مما أدى إلى تدافع شديد منها في اللحظات الأخيرة لتكييف أوضاعها.

وقال “مكتب مفوض المعلومات” المكلف بحماية البيانات في بريطانيا، إن موقعه الإلكتروني شهد “بعض الانقطاعات” مع اقتراب الموعد النهائي، لكنه عاد وأكد أن “كل شيء يعمل الآن”.

وتصر بروكسل على أن هذه القوانين سوف تصبح معيارا عالميا لحماية معلومات المستخدمين على الإنترنت، لا سيما في أعقاب فضيحة إساءة استخدام بيانات مستخدمي فيسبوك.

وقال مفوض العدل في الاتحاد الأوروبي فيرا جوروفا إن “القواعد الجديدة ستعيد للأوروبيين السيطرة على بياناتهم”. وأضاف “عندما يتعلق الأمر بالبيانات الشخصية اليوم، يبدو الناس كعراة في حوض للسمك”.

ويتيح القانون إمكانية فرض غرامات على الشركات المخالفة تصل إلى 20 مليون يورو (24 مليون دولار) أو أربعة في المئة من المبيعات العالمية السنوية عقابا على خرق قواعد البيانات الجديدة الصارمة للاتحاد الأوروبي، وهي سوق كبيرة تضم نحو 500 مليون شخص.

وسيكون بوسع الأفراد منح إذن صريح لاستخدام بياناتهم الشخصية، بموجب القانون الجديد، كما يتضمن أيضا منح المستخدمين “الحق في معرفة” الجهات التي تعالج معلوماتهم وفي أي مجال سيتم استخدامها.

وسيكون بوسعهم حظر معالجة بياناتهم لأسباب تجارية وحتى الحق في حذف بياناتهم بموجب “الحق في النسيان”. وسيتخذ الآباء القرارات بالنيابة عن أبنائهم حتى يبلغوا سن الرشد، وهو ما ستحدده الدول الأعضاء ما بين 13 و16 سنة.

وتعززت قضية القواعد الجديدة لحماية البيانات بسبب فضيحة شركة “كامبريدج أناليتيكا” المتهمة بجمع بيانات نحو 87 مليون مستخدم لموقع فيسبوك دون علم منهم.

شركة فيسبوك استبعدت تقديم تعويضات لنحو 2.7 مليون مستخدم أوروبي انتهكت شركة كمبردج أناليتيكا خصوصية بياناتهم

من جهته، وصف المدير التنفيذي لشركة فيسبوك مارك زوكربيرغ القوانين الجديدة الصارمة بـ”المراحل الإيجابية”.

لكن شركة فيسبوك استبعدت تقديم تعويضات لنحو 2.7 مليون مستخدم أوروبي انتهكت شركة كمبردج أناليتيكا خصوصية بياناتهم لأن بيانات مهمة مثل تفاصيل الحسابات المصرفية لم تنتهك.

وردت فيسبوك على أسئلة مشرعين من الاتحاد الأوروبي لم يتمكنوا من الحصول على إجابات من زوكربيرغ أثناء جلسة لاستجوابه الثلاثاء الماضي في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل.

وقالت فيسبوك في بيان “كانت هذه بوضوح خيانة للأمانة. لكن من المهم تذكر أنه لم يجر تبادل بيانات تتعلق بالحسابات المصرفية أو بطاقات الائتمان أو بيانات بطاقات الهوية”. وأضافت أن مطور التطبيق المتورط في انتهاك البيانات باع لكمبردج أناليتيكا بيانات تخص مستخدمين أميركيين وليس أوروبيين.

وتواجه فيسبوك وكمبردج أناليتيكا بالفعل شكوى قدمها أحد سكان ماريلاند يطلب فيها تعويضات بسبب استغلال بيانات مستخدمين أميركيين دون إذن.

وتتعرض شركات الإنترنت لضغوط مكثفة أيضا من الولايات المتحدة، بخصوص الأخبار الكاذبة والمحتوى المسيء، استجابت على إثرها شركتا تويتر وفيسبوك بإجراءات جديدة، فأعلن موقع تويتر الخميس عن توجيهات جديدة تسمح بالإشارة بشكل واضح إلى الإعلانات السياسية على منصته، في الوقت الذي بدأ فيه فيسبوك بتنفيذ سياسة تفرض التحقق من هويات الذين يدفعون ثمن المنشورات السياسية.

وتأتي هذه الخطوة من موقعي التواصل الاجتماعي العملاقين ردا على الانتقادات التي طالت دورهما في السماح بانتشار المعلومات المضللة خلال انتخابات الولايات المتحدة الرئاسية عام 2016 بواسطة برامج روبوتية تعمل بشكل آلي وتسمى”بوتس”، أو من خلال حسابات روسية مزيفة.

وقالت شركة فيسبوك إن سياستها الجديدة للإعلانات السياسية ستدخل حيّز التنفيذ بدءا من الخميس في الولايات المتحدة على موقعي فيسبوك وانستغرام. وسيتم تطبيق نفس الإجراءات في العالم في الأشهر المقبلة.

وفي هذه الأثناء قالت شركة تويتر إنها ستفرض سياسة جديدة في الأشهر المقبلة تتطلب وضع “علامات” على إعلانات المرشحين للانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، وتفرض أيضا بيانات موثّقة تؤكد أن المعلنين موجودون في الولايات المتحدة. وقال بيان لتويتر “لن نسمح لمواطنين أجانب باستهداف مواطنين يتواجدون في الولايات المتحدة بإعلانات سياسية”.

بالإضافة إلى ذلك فإن الحسابات المستخدمة على تويتر للحملات الإعلانية ستكون متطلباتها أكثر تشددا. وقالت فيجايا غادي وبروس فالك المسؤولان عن السياسات وإجراءات الأمان والمنتجات في تويتر إن صورة المستخدم والصورة الرئيسية والموقع الإلكتروني في هذه الحسابات “يجب أن تكون متوافقة مع المحتوى الموجود على الشبكة الإلكترونية، والنبذة يجب أن تتضمن موقعا إلكترونيا مع عناوين صالحة”. وموقع تويتر الذي أشار الشهر الماضي إلى أنه يعمل على سياسة جديدة خاصة بالإعلانات السياسية قال إنه سيقيم شراكة مع “بالوتبيديا” وهي مجموعة لا تبغي الربح للمساعدة على تعريف الحسابات الخاصة بالحملات للمرشحين ما إن يتأهلوا للانتخابات العامة في نوفمبر.

بدوره قال موقع فيسبوك إنه سيتحقق من هوية الذين يدفعون ثمن الإعلانات، ليس بالنسبة إلى المرشحين فحسب بل أيضا في ما يتعلق بالمنشورات حول القضايا السياسية الساخنة، وهو أمر اعتبره محللون صعب التحقيق.

وجاء في مدوّنة لمدير المنتجات في فيسبوك روب لاذيرن “من اليوم كل الإعلانات المتعلقة بالانتخابات على فيسبوك وانستغرام في الولايات المتحدة يجب أن تحمل علامة معيّنة بما في ذلك عبارة ‘دفع ثمن هذا الإعلان’ في أعلى المادة الإعلانية لإظهار هوية المعلن”.

وقال زوكربيرغ على صفحته في الموقع إن الهدف من السياسة الجديدة هو “التأكد من أننا نساعد على منع التدخلات والتضليل في الانتخابات”. وأضاف “هذه التغييرات لن تصلح كل شيء، لكنها ستجعل من الصعب جدا على أي شخص أن يفعل ما فعله الروس خلال انتخابات عام 2016 من استخدام حسابات مزيفة وصفحات لتمرير الإعلانات”.

18