اتفاق شينهوا الصينية ينقل عقود النفط العراقية لعهد جديد

بغداد - أعلنت وزارة النفط العراقية أمس أنها وقّعت عقدا مع شركة شينهوا للنفط التي تديرها الحكومة الصينية لتطوير الجزء الجنوبي من حقل شرقي بغداد النفطي، وذلك بعد مصادقة مجلس الوزراء على صيغة العقد الجديد.
وقال وزير النفط جبار اللعيبي إن المشروع له “أهمية اقتصادية لبغداد حيث يعدّ المشروع النفطي الأول في العاصمة”. وتأمل بغداد في أي يكون العقد نقطة انطلاق لإصلاح العقود السابقة التي تدور حولها شبهات فساد.
ويرى محللون أن العقد الجديد يكتسب أهمية قصوى بأن ينقل فوضى العقود العراقية إلى مرحلة جديدة تتسم بدرجة عالية من المسؤولية الاجتماعية لأنه يتضمن إنعاش حياة السكان في المناطق المحيطة من خلال إنشاء مدينة سكنية وشبكة واسعة من البنية التحتية والخدمات المتكاملة.
وذكر المتحدث الرسمي باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد عقد تطوير الجزء الجنوبي مع شركة شينهوا الصينية سيوفر النفط الخام والغاز المصاحب لمحطات الطاقة الكهربائية والمنشآت والمشاريع الصناعية، ويؤدي إلى إنعاش النشاطات الاقتصادية ومناخ الأعمال في المناطق القريبة من الحقل.
وأضاف أن الشركة الصينية سوف تقوم ببناء مدينة سكنية نفطية تشمل وحدات سكنية، ومرافق خدمية متكاملة من ضمنها إنشاء مدرسة وحضانة ومستوصف طبي.
ومنذ عام 2003 نشطت الشركات النفطية الصينية في العمل بتطوير الحقول النفطية في العراق وخاصة تطوير حقل الأحدب في محافظة واسط وحقل حلفاية ومجموعة حقول الفكة والبزركان وأبوغرب في محافظة ميسان.
كما اتسع نشاطها في المنافسة على تطوير رقع استكشافية جديدة وأعمال لوجستية ومدّ خطوط أنابيب نفطية وحفر آبار جديدة لزيادة الإنتاج.
ويعدّ العقد خطوة كبيرة على طريق إصلاح الفوضى التي هيمنت على عقود النفط منذ عام 2003 ويمكن أن يصبح أساسا لمراجعة العقود المجحفة التي أبرمها حسين الشهرستاني المسؤول عن ملف الطاقة في عهد رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
وقال اللعيبي إنّ هذا العقد مهم للعراق لزيادة إنتاج النفط الخام بمعدل 40 ألف برميل يوميا لتلبية متطلبات قطاع الطاقة الكهربائية في بغداد. ويبلغ إنتاج الحقل نحو 20 ألف برميل يوميا، بينما تشير تقديرات إلى أن إنتاجه الكلّي قد يصل إلى حدود 120 ألف برميل يوميا في حالة التطوير الكامل.
ويمكن لهذا العقد أن يفتح الأبواب لمراجعة العقود السابقة التي منحت الشركات مزايا غير مسبوقة على حساب مصالح البلد، الذي كان يدير ثورته النفطية بشكل مباشر قبل الغزو الأميركي دون الاستعانة بالشركات الأجنبية.
وافتقرت العقود السابقة إلى الرؤية المستقبلية حين كانت أسعار النفط تفوق 100 دولار للبرميل، ومنحت الشركات نحو 21 دولارا مقابل إنتاج كل برميل، إضافة إلى فواتير بلا حدود للمصروفات تشمل مكاتبها في الخارج وسفر مسؤوليها وفواتير اجتماعاتهم.
وينص العقد الجديد على إلزام الشركة الصينية بالاعتماد على الأيدي العاملة الوطنية بنسبة 50 بالمئة في البداية على أن ترتفع تدريجيا لتصل إلى 80 بالمئة.
وأكد محللون أهمية العناصر الجديدة في العقد مثل تطوير البنية التحتية وبناء الوحدات السكنية والمرافق العامة وتشغيل السكان المحليين والتي أدى فقدانها في العقود السابقة إلى مشاكل كبيرة معهم.
وعلى مدى السنوات الماضية، امتنعت العديد من الشركات الأجنبية عن الاستثمار في حقل شرق بغداد، الذي تديره شركة نفط الوسط المملوكة لوزارة النفط، نظرا إلى وقوعه ضمن مناطق سكنية، إضافة إلى نوعية النفط في الحقل وهو من النوع الثقيل، مقارنة بنفط الحقول الواقعة في المنطقة الجنوبية التي تمتاز بجودة أعلى.
ويرى مراقبون أن وزارة النفط حققت إنجازات كبيرة خلال العامين الماضيين تجعلها الاستثناء الوحيد في واقع الخراب الاقتصادي الذي يعمّ البلاد.
وتسارعت وتيرة الإصلاحات والمشاريع الجديدة في الأشهر الأخيرة لزيادة الإنتاج من حقول كثيرة لم يسبق للعراق أن استثمرها في محافظات ذي قار وميسان وواسط وشرق العاصمة بغداد.
وتمكّنت من تحقيق خفض كبير في استثمار الغاز المصاحب لإنتاج النفط. وهي تستعد لتصدير الغاز إلى الكويت بمعدل 50 مليون قدم مكعب يوميا من حقل الرميلة في مرحلة أولى على أن يرتفع إلى 200 مليون قدم مكعب يوميا في مرحلة لاحقة.
وعادت الوزارة لأول مرة إلى تولي إدارة بعض المشاريع بالكوادر الذاتية مثل مشروع حقل الناصرية، بعد توقف ذلك النوع من الإدارة المباشرة منذ عام 2003 حين تحولت الحكومة لتسليم جميع المشاريع للشركات الأجنبية.
وتخطط الوزارة لإنشاء 6 مصاف جديدة في أنحاء العراق، إضافة إلى انطلاق أعمال إصلاح وحدتين في مصفاة بيجي، التي كانت أكبر المصافي العراقية وتعرضت للتدمير خلال سيطرة تنظيم داعش والحرب ضد التنظيم.
وتنتظر الأوساط الاقتصادية المحلية والأجنبية المعنية بالعراق مخاض تشكيل الحكومة بعد الانتخابات الأخيرة لمعرفة التوجهات الاقتصادية قبل اتخاذ أي قرار للاستثمارات المستقبلية.