مخاوف في تونس من عدم الترشح في بعض البلديات للانتخابات القادمة

تونس - بدأت تتضح في تونس ملامح القائمات المرشحة لخوض السباق الانتخابي نحو البلديات، إذ شملت الترشحات لهذا الاستحقاق 274 بلدية، في المقابل لم تتقدم أي قائمة للترشح في 76 بلدية من جملة 360 بلدية في تونس وهي بلديات تابعة لولايات (محافظات) سليانة والقصرين وقفصة وقابس وتطاوين.
وقال أنيس الجربوعي عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية السبت، إن أغلب البلديات التي لم تترشح لها بعدُ أيّ قائمة، هي في الأغلب “بلديات جديدة ومحدثة مؤخرا”. وأفاد بأنه تم تسجيل أكثر استقبال لملفات الترشح في الإدارة الفرعية للانتخابات بنابل 1.
وفي حصيلة أولية للترشحات، تقدمت قائمة ائتلافية واحدة لخوض الانتخابات البلدية حيث كانت في بلدية المكناسي من ولاية سيدي بوزيد من بين 22 قائمة قدمت ترشحها للهيئة الفرعية للانتخابات بالجهة وذلك بحسب تصريح نبيل جلالي المنسق المحلي للهيئة، لإذاعة محلية خاصة.
وقال سامي بن سلامة المنسق العام لمنظمة “23 -10” التي تعنى بمسار الانتقال الديمقراطي، لـ”العرب”، إن عدم ترشح قائمات في البعض من البلديات “أمر منتظر”.
ويرى بن سلامة أن الجميع في تونس يعرف الموعد المفترض لابتداء الانتخابات لكنهم لا يعرفون تاريخ انتهائها، مضيفا “إذ قد نجد أنفسنا أمام استحالة إعلان النتائج النهائية التي لا تعلن رسميا إلا بتوفر نتائج جميع الدوائر”. وتابع أنه إذا لم تترشح أيّ قائمة في البعض من الدوائر فلن تجرى الانتخابات فيها ولا يمكن بالتالي إعلان نتائجها إلا بعد تنظيمها من جديد، مؤكدا على أن ذلك “أمر صعب لأن لدينا استحقاقات انتخابية رئاسية وتشريعية خلال سنة 2019، يعني ذلك أن نتائجها قد لا تعلن إلا بعد سنوات”.

سامي بن سلامة: اللامركزية مشروع متسرع وخطير يهدف إلى تفكيك الدولة
ويرجع بن سلامة أسباب هذه التعقيدات بشأن الانتخابات البلدية “إلى الشروط المعقدة التي وضعتها حركة النهضة بمعية الحزب الذي وقع تحت سيطرتها وهو نداء تونس”. وتابع أنها شروط من الصعب تحقيقها وأن “الغاية من وضعها بتلك الطريقة هو توسيع الطريق أمام حركة النهضة لاكتساح الانتخابات المحلية وانتخابات الأقاليم غير المباشرة فيما بعد”.
وتم فتح باب الترشح للانتخابات البلدية الخميس الماضي، كما تم تحديد آخر أجل لقبول ملفات الراغبين في المشاركة في هذا لاستحقاق في 22 فبراير الحالي. وفق جدول مواعيد الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تم إقرار تاريخ 3 مارس القادم للإعلان عن القائمات المقبولة للمشاركة في الانتخابات البلدية أما الإعلان عن القائمات المقبولة نهائيا بعد البت في الطعون فيكون في أجل أقصاه 4 أبريل القادم.
ووصف عادل البرينصي نائب رئيس الهيئة العليا للانتخابات، في تصريح لـ”العرب”، عدم ترشح قائمات في 76 بلدية بـ”الأمر العادي والمتوقع”.
وأوضح أنه في الهيئة العليا للانتخابات “كنا نتوقع ألّا تتقدم قائمات للترشح في البعض من البلديات الجديدة أو أن تتقدم للترشح في إحدى البلديات قائمة واحدة فقط”.
واعتبر البرينصي أنه “من السابق لأوانه” الخوض في مسألة عدم تقدم قائمات للترشح للانتخابات البلدية باعتبار أن آجال تقديم الترشحات تنتهي في 22 فبراير الجاري، مشددا على أن هناك “نسقا تصاعديا” بخصوص تقديم ملفات الترشح.
وأقرت الحكومة التونسية إجراءات استثنائية لتمكين الراغبين في الترشح لانتخابات المجالس البلدية من الظروف الملائمة لإعداد ملفات ترشحاتهم. وتم تأمين استمرار مواعيد العمل في القباضات المالية والبلدية (إدارات دفع الضرائب) في كامل مناطق البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد) الموافقة لـ17 و18 فبراير الحالي. من جهتها، قررت وزارة الشؤون المحلية والبيئة “تأمين حصة عمل استثنائية في البلديات يومي السبت والأحد الموافقين لـ17 و18 فيفري 2018 قصد تسهيل استكمال ملفات المرشحين للانتخابات البلدية” بحسب بيان أصدرته الوزارة.
ولفت البرينصي إلى أنه في حال تم تسجيل عدم وجود قائمات مرشحة للانتخابات في البعض من البلديات بعد يوم الخميس القادم، فالأمر حينها يفرض وكما ينص عليه القانون الانتخابي أن يتم إجراء انتخابات بلدية جزئية لسد هذا الفراغ إذ الأمر يتعلق بانتخاب مجالس بلدية في كل الدوائر الانتخابية.
لكن بن سلامة لا يرى في الانتخابات الجزئية حلا لانتخاب مجالس بلدية في البلديات التي لم تقدم فيها أي قائمة ترشحها للانتخابات، إذ قال “عندها تتم الانتخابات بدوائر منقوصة ويمنع إعلان نتائج نهائية بل فقط نتائج تسمى جزئية إلى حين تنظيم انتخابات تكميلية”. واستدرك “لكن ذلك مستحيل تقريبا في حالتنا لأن لدينا انتخابات أخرى في 2019 وهذا يعني أن الانتخابات التكميلية لن تتم قبل 2020”، في توضيح لتصريحه بشأن عدم معرفة تاريخ انتهاء الانتخابات البلدية.
ويعتقد بن سلامة أن “اللامركزية مشروع متسرع وخطير يهدف إلى تفكيك الدولة التونسية ولن يخدم الديمقراطية”.
وخلال العامين 2015 و2016 أجرت السلطات التونسية تقسيما بلديا جديدا تم بموجبه إحداث 86 بلدية جديدة. وكان الهدف من هذا الإجراء هو تغطية كامل مناطق البلاد بالنطاق البلدي في خطوة تمهيدية لتنظيم الانتخابات البلدية والمحلية الأولى منذ سقوط النظام السابق في يناير من العام 2011.