فرنسا تبدأ حملة انتخابية أوروبية تلعب على خلافات بريكست

انتقدت فرنسا المساعي الأوروبية لفرض حزمة عقوبات جديدة على بريطانيا ما لم تلتزم بقوانين الاتحاد الأوروبي خلال الفترة الانتقالية لما بعد بريكست، ما يغذي مشاعر العداء لأوروبا التي تستعد لإجراء انتخابات العام المقبل.
الأربعاء 2018/02/14
ضغوط مستمرة

باريس – يرى مراقبون أن التحذيرات الفرنسية الداعية إلى عدم معاقبة بريطانيا عبر فرض حزمة من العقوبات الجديدة خلال الفترة الانتقالية، تندرج ضمن مساعي هذه الأخيرة لفرض كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه الفرنسي الجنسية على رأس المفوضية الأوروبية خلفا لجون كلود يونكر.

وأكد المتابعون أن التحذيرات الفرنسية جاءت في سياق حملة انتخابية أوروبية مبكرة، بعد أن أشارت تقارير إعلامية إلى أن ميشال بارنييه مرشح بقوة لتعويض يونكر على رأس المفوضية، بعد الإشادة بحسن إدارته لملف بريكست.

وذهب عدد آخر من المتابعين إلى اعتبار أن التحذيرات الفرنسية الرافضة لمعاقبة بريطانيا، تندرج ضمن خطة فرنسية تهدف إلى الظفر بأولوية في عقد اتفاقيات تجارية حرة مع لندن خلال الفترة الانتقالية، ما قد يساهم في تقليص عجز الموازنة الفرنسية.

وحذر المتحدث باسم الحكومة الفرنسية بنجامان غريفو من أن “معاقبة” أو “إذلال” لندن في إطار بريكست سيكون “أسوأ شيء يمكن القيام به”، ما قد يعزز المشاعر المعادية لأوروبا قبل عام من الانتخابات الأوروبية.

وقال بنجامان “موقفنا بسيط جدا، من غير الوارد معاقبة أي طرف في إطار بريكست، إنه أسوأ شيء يمكن أن يحصل وأعتقد أن ذلك سيعزز المشاعر المناهضة للأوروبيين في الكثير من الدول التي ستجرى فيها انتخابات خلال عام”.

وتابع “عندما ينسحب بلد من الاتحاد الأوروبي فهو فشل لبريطانيا والاتحاد في وقت واحد، يجب عدم المعاقبة أو الإذلال بتاتا”، مضيفا “لكننا نحتاج إلى حزم والقول إننا سنمارس هذه الحرية وليست حرية أخرى غير ممكنة”. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرح على هامش زيارة لبريطانيا في يناير الماضي، أن اتفاقا خاصا بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي “ممكن” بعد بريكست، موضحا “لكن هذا النهج الخاص يجب أن يتماشى مع الحفاظ على السوق الواحدة ومصالحنا المشتركة”.

وجاءت تصريحات المتحدث باسم الحكومة الفرنسية في وقت لم يهدأ فيه غضب نواب محافظين في بريطانيا حيال مشروع العقوبات الذي لوح به الاتحاد الأوروبي “تفاديا لأي لعبة غير منصفة” من قبل لندن خلال الفترة الانتقالية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس 2019.

 

بنجامان غريفو: معاقبة لندن في إطار بريكست ستكون أسوأ شيء يمكن القيام به

وكشف مصدر أوروبي الأربعاء أن الدول الأعضاء في الاتحاد أقرت مشروع قرار يجيز فرض عقوبات على بريطانيا في حال عدم التزامها بقوانين التكتل خلال المرحلة الانتقالية لما بعد بريكست، فيما تسعى لندن الى الخروج من الاتحاد الجمركي بعد الانفصال مباشرة، ما يمكنها من إبرام اتفاقيات تجارية.

وينص مشروع القرار على أن تظل بريطانيا تطبق التشريعات والقوانين الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية، سنتين، بعد خروجها فعليا من الاتحاد في مارس 2019، وهو ما يرفضه المشككون في أوروبا داخل بريطانيا، إذ يعتبرون أنه يجعل من بلادهم “دولة تابعة”.

وكان مشروع الاتفاق الأخير حول شروط المرحلة الانتقالية ينص على منع بريطانيا من الوصول إلى السوق الموحدة في حال عدم التزامها بالقوانين، وذلك إذا لم يكن الوقت يكفي لرفع شكوى أمام القضاء الأوروبي.

وأُضيف البند المتعلق بالعقوبات بعد استئناف المحادثات في بروكسل الثلاثاء، حيث أكد مصدر دبلوماسي، رفض الكشف عن هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية أن البند ينص على “آلية تسمح للاتحاد الأوروبي بتعليق بعض الفوائد الناجمة عن انتماء بريطانيا إلى السوق الموحدة”.

وتابع المصدر أن “العقوبات لا يمكن فرضها إلا في حال لن يؤدي رفع شكوى أمام محكمة العدل الأوروبية إلى الحل المنشود ضمن مهلة مواتية”.

وفي يناير الماضي، أعلن الاتحاد الأوروبي موقفه إزاء التفاوض حول المرحلة الانتقالية بعد بريكست، حيث وافقت الدول الأعضاء على مبدأ “مرحلة انتقالية بموجب الوضع القائم، لكن دون أن تتمتع لندن بحق التدخل في قرارات التكتل”.

وتثير المرحلة الانتقالية انقساما داخل الحزب المحافظ بزعامة رئيسة الحكومة البريطانية تيريزا ماي، إذ يخشى النواب المؤيدون للخروج أن تصبح بلادهم دولة تابعة خلال المرحلة الانتقالية، حيث سيتعين عليها الالتزام بالقوانين الأوروبية دون أن يحق لها التدخل. وكانت ماي قد أعلنت في وقت سابق أن بلادها ترغب في الانسحاب من الاتحاد الجمركي الأوروبي خلال المرحلة الانتقالية، وهو ما يرفضه التكتل الأوروبي. وأكد بيان صادر عن مكتب ماي أن بريطانيا تريد “ترتيبا” لجعل التجارة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مع التكتل سلسة قدر المستطاع.

وأنهت رئيسة الوزراء البريطانية مؤخرا زيارة إلى الصين استمرت 3 أيام بحثا عن وضع أسس لاتفاقية تجارة حرة مستقبلية بين لندن وبكين، استعدادا لما بعد بريكست، فيما تشير تقارير حكومية مسربة إلى أن بريطانيا ستكون في وضع أسوأ أيا كان الاتفاق بشأن اتفاق بريكست.

وتحاول بريطانيا إعادة طرح نفسها كشريك تجاري دولي بعد أن أجرت استفتاء عام 2016 جاءت نتيجته لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، لكن خروج بريطانيا من الاتحاد لم يقلق بكين حتى في الوقت الذي تأمل فيه لندن في التوقيع على اتفاق للتجارة الحرة مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت ماي، التي ينظر إليها باعتبارها أقل حرصا من سلفها ديفيد كاميرون على التقرب من الصين، إنها ملتزمة بتقوية العلاقات في ظل الخروج من الاتحاد الأوروبي وإنها ستبحث كل الخيارات حول العلاقات التجارية المستقبلية.

وقالت “نحن عازمون على تعزيز علاقاتنا التجارية بدرجة أكبر ونطمح لما ستكون عليه علاقاتنا التجارية المستقبلية”، مضيفة “اتفقنا على فتح السوق الصينية كي نتيح لخبراتنا في قطاع الخدمات المالية الوصول للمزيد من العملاء الصينيين”.

5