توقعات بتغير شامل في الخارطة الدرامية المصرية عام 2018

يحمل العام الجديد المرتقب تغيرات كبيرة في سوق العمل الدرامي المصرية، بعد أن استمر لسنوات طويلة محصورا بين عدد محدد من النجوم، وفي موسم واحد بشهر رمضان، وينتظر عشاق الدراما تحوّلا في الخارطة الدرامية بسبب اتجاه الكثير من نجوم السينما إلى العمل في المسلسلات، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذت لتحجيم سوق الدراما بشكل يساعد على ترويجها عربيا ورفع جودتها.
الثلاثاء 2017/12/26
مسلسل "سابع جار" أثار الجدل نهاية عام 2017

بانقضاء عام 2017 تتغير خارطة السوق الدرامية المصرية كليّا، بعد الاتفاق الذي توصل إليه أصحاب القنوات الفضائية بتحديد شراء سعر المسلسل المصري بقيمة لا تتعدى 70 مليون جنيه (4 ملايين دولار)، وألاّ يتجاوز إجمالي قيمة المحتوى المُشترى خلال شهر رمضان "من مسلسلات وبرامج 230 مليون جنيه (13 مليون دولار)، الأمر الذي يدفع إلى عودة المنافسة في السوق الخليجية بقوة بعد سنوات من التراجع في المشهد العربي بسبب ضعف عدد كبير من الأعمال الدرامية.

ولم يجد المنتجون المصريون مفرا من مأزق القرار الذي اتخذه أصحاب القنوات الفضائية سوى البحث عن منفذ آخر للتسويق خلال مرحلة التجهيزات الأولى من الأعمال الدرامية المقرّر عرضها في رمضان المقبل، قبل البدء في تصويرها تفاديا لأزمة البيع والتسويق التي تواجه الكثير منهم في كل عام، خصوصا وأن القرار كان بمثابة الصدمة لهؤلاء الذين اعتادوا التحكّم في قرار بيع أعمالهم بسبب عدم وجود محدّدات وقواعد لعملية التسويق.

أزمة التسويق من أهم المشكلات التي واجهت صناعة الدراما المصرية خلال السنوات الماضية بعد خسارة السوق الخليجية

السوق السعودية

أزمة التسويق كانت واحدة من أهم المشكلات التي تواجه صناعة الدراما المصرية خلال السنوات الماضية بعد أن توقّفت سوق الخليج عن شراء المسلسلات المصرية في ظل تراجع المستوى، وخروج بعض الأعمال عن العادات والتقاليد التي تحافظ عليها الأعمال الخليجية، وهو ما جعل الدراما الخليجية في سنواتها الأخيرة تتقدّم بأعمالها وتُحدث جدلا في المجتمعات العربية بسبب اهتمامها بمجتمع العائلة الذي أغفلته نظيرتها المصرية في أعمالها مؤخرا.

وينتظر المنتجون انفراجة كبيرة بعد أن فتح المجال بالسوق السعودية لشراء الأعمال المصرية مع تطلّع للانفتاح نحو المجتمعات العربية الأخرى عقب سنوات طويلة من العزلة.

وكانت البشائر الأولى مع إعلان التلفزيون السعودي شراء مسلسل الفنان عادل إمام "عوالم خفية”، وهو الإنتاج الأول للشركة التي قام نجله المخرج رامي إمام بتأسيسها، وحصل التلفزيون السعودي على الحقوق الحصرية للعمل في دول الخليج والشرق الأوسط لمدة 10 سنوات.

وحصل التلفزيون السعودي على مسلسل “طايع” للفنان عمرو يوسف من إنتاج الشركة ذاتها، ووضع شروطا تتضمن خطوطا حمراء أخلاقية وسياسية لا يمكن تجاوزها، وهو ما سيكون ملزما للشركة أثناء تنفيذ الأعمال بالتأكيد.

"لا تطفئ الشمس" أساء إلى الرواية والفيلم معا

ودخول السعودية في السوق الخليجية لتسويق الأعمال قد يكون في العام الجديد رمانة الميزان في المشهد لكونها أكبر دولة في منطقة الخليج، والتي ستقوم أيضا بوضع قواعد لعمليات البيع والتسويق في السوق الخليجية، بحيث تكون شروطها ومحدداتها بمثابة الخطة التي ستسير عليها الفضائيات الخليجية الأخرى، مع ازدياد المنافسة بين تلفزيون يقتحم السوق العربية بعد سنوات وآخر قطع شوطا في هذا المجال.

وفتْحُ السوق السعودية يعيد مكانة المسلسل المصري في المجتمع الخليجي بعد الإطاحة به في السنوات الماضية بنسبة كبيرة، كما أنه يفتح بابا للتعاون المشترك بين الفنانين المصريين ونظرائهم من دول الخليج بشكل أكبر.

ويحمل التعاون مع السوق الخليجية مراجعة للكثير من الكتاب في أعمالهم، وستُحَدّد لأعمال كل منهم “خطوط حمراء” من أجل الحصول على فرص تسويقية أعظم، وربما يضع المنتجون شروطا في تعاقداتهم نحو هذا الأمر، لكن في الوقت ذاته هذه المراجعة لن تكون مجدية لدى البعض من الأعمال التي وجدت تحت شعار “التصنيف العمري” فرصة جيدة لمناقشتها بحرية وجرأة.

قرار جريء

القرار الذي اتخذته الفضائيات المصرية أيضا بتحديد سعر شراء المسلسلات سيكون له العديد من نقاط النجاح، أهمها تقليل عدد الأعمال خلال شهر رمضان الذي يشهد دائما زخما كبيرا يطيح بالعديد من الأعمال.

قرار الفضائيات المصرية بتحديد سعر شراء المسلسلات سيكون له العديد من نقاط النجاح، أهمها تقليل عدد الإنتاج خلال رمضان

وسيجعل بعض المنتجين يكتفون بالمنافسة بمسلسل واحد بدلا من إنتاج الكثير، يضاف إلى ذلك أن قرار تخفيض سعر المسلسل سوف يعقبه إلزام بتخفيض أجور الفنانين التي قفزت بشكل كبير خلال السنوات الماضية وأحدثت ارتباكا في المشهد.

وبالتأكيد الأمر سوف يواجه في البداية صعوبة في التنفيذ، لكنه يلقي بظلال نجاحه في ما بعد، ما يعيد ميزانية العمل إلى أصولها كما كانت في الماضي.

ونجاح قرار الفضائيات وثماره التي يترتب عليها تخفيض أجور الفنانين، ربما يجدان تعثرات لدى البعض فلن يقبل الكثيرون بمسألة التخفيض والدليل أنه بعد ثورة يناير لم يقبل غالبيتهم بذلك، بالرغم من حالة الركود والتخبّط الاقتصادي الذي كانت تشهده البلاد، وهنا سيكون أمام المنتجين حلان.

الأول، أن يتم الضغط على النجوم الجدد الذين ظهروا على الساحة الدرامية منذ عام أو اثنين وباتوا أصحاب شعبية كبيرة في مقابل بيع المسلسل باسمهم. والثاني، أن يتم الدفع بإنتاج أعمال جديدة بميزانية مشتركة ووجوه جديدة قليلة التكاليف، بشرط البحث عن قصة جيدة مع استخدام أسلوب جيد في عناصر الصورة والإخراج بشكل يحمل الإبهار، وهو ما تطلبه صناعة الصورة في الوقت الحالي.

16