مجتمع إلكتروني مغلق للمحجبات على فيسبوك

القاهرة - هذا الشهر، تمر 3 أعوام على تجمّع ما يزيد عن 560 ألف فتاة، ضمن مجموعة إلكترونية “للسيدات فقط” على موقع التواصل الاجتماعي الشهير فيسبوك.
هؤلاء الفتيات تجمّعن دون معرفة مسبقة، أو أي علاقات قائمة على منفعة سواء شخصية أو مادية، وذلك فقط من أجل خلق بيئة نقاش فعّالة ومنضبطة، لمناقشة فكرة واحدة هي “الحجاب”.
التجمع النسائي غير الربحي، الذي أسسته الطبيبة والرياضية المصرية، منال رستم، في نوفمبر 2014، لم يعد ظاهرة تثير فضول الفتيات المحجبات المسلمات أو غيرهن فقط، بل بات إنجازا إلكترونيا، حسب وصف القائمين على فيسبوك.
ففي عدد أكتوبر الماضي من مجلة “أنتروبونر” الأميركية، قال أيم أرتشيبونغ، نائب رئيس قطاع الشراكات التجارية في فيسبوك إن “المجموعة المخصصة للنساء، والتي من شأنها دعم المحجبات وتمكينهن، تنمّ عن قائدة واعدة”.
وأضاف في حديثه الذي جاء عقب لقاء جمعه بمؤِسسة مجموعة “surviving hijab” (ادعموا/أنقذوا الحجاب) “فريق فيسبوك أراد أن يستكشف ويبحث آليات دعم أشخاص مثل منال، حتى يستكملوا مسيرتهم”.
وتعدّ منال رستم (37 عاما) مثالا دقيقا لرواد الأعمال المحليين، كونها تقود واحدة من أكبر المجموعات الإلكترونية في الشرق الأوسط، واستمرار التزامها بمبدأ عدم التربح أو نشر الإعلانات، وفق “أرتشيبونغ”.
وفي هذا السياق، كشف أرتشيبونغ أن “فيسبوك منح منال خاصية فريدة تمكنها من تصفية مجموعتها من حسابات الرجال بضغطة زر واحدة، لمساعدتها في إدارة مجموعتها دون إضاعة الوقت في تحديد هوية المنتسبين” وهذه الخاصية غير متوفرة في مجموعات فيسبوك أخرى.
وأشارت رستم إلى أنّ أهم ما تحرص عليه في مجموعتها الحفاظ على بيئة نقاش “حرة لكن منضبطة”، إذ تمنع و4 من مساعداتها اللواتي تدرن المجموعة، أي ألفاظ خارجة أو عبارات تسيء للأعضاء.
وفي ما يتعلق بميلاد فكرة المجموعة، قالت “كنت أفكر في خلع الحجاب ومن هنا جاءت الفكرة”.
فيسبوك منح منال خاصية تمكنها من تصفية مجموعتها من حسابات الرجال بضغطة زر
وأضافت أنّ الهدف الأساسي يتمثل في “الدفاع عن الحجاب والمساهمة في عدم خلعه، عبر خلق حوار بأساليب راقية بين الفتيات المنتسبات حول المخاوف والاهتمامات والتجارب والتساؤلات التي تتمحور جميعها حول فكرة الحجاب دون تحقيق أي مصلحة فردية أو مادية”.
وشددت على أن المجموعة لا تستهدف المسلمات فقط، “بل موجهة لكل امرأة قادرة على دعم غيرها من السيدات”. وعبر المجموعة يتم حث السيدات على ارتداء الحجاب بطرق عصرية تزيد من تعلقهن بهذا الزي الإسلامي، كما تقول رستم.
لكن في الوقت ذاته، لا يسمح لأي عضو بالسخرية أو التقليل من شأن غير المحجبات اللاتي يحاولن المشاركة بآرائهن، وبسط شكوكهن، وطرح تساؤلاتهن لمعرفة تجارب غيرهن.
وعلى مجموعة “surviving hijab” لا تخجل فتاة من السؤال “ما إذا كانت حسنة المظهر عند ارتداء الحجاب، أم تستمر في عدم ارتدائه خشية النفور منه في ما بعد، حال عدم اقتناعها بشكلها”، فتعرض صورها في الهيئتين، للحصول على أكبر قدر من الانطباعات التي قد تدعمها حينا في قرار عدم خلع الحجاب، أو تشجعها في أحيان أخرى على ارتدائه.
وفي السياق، تأتي معظم ردود المتابعات كونهن في الأساس مؤيدات لفكرة الحجاب، بالتأكيد على أن “شكلها أحلى بالحجاب لأنه يبرز الملامح بشكل أكبر”، فيما تشير أخريات إلى حقيقة أن “الشعر يضيف جمالا خاصا على الفتاة، لذا أمر الله بتغطية الفتاة لمظاهر زينتها”.
كما تلجأ فتيات أخريات إلى تقديم نصائح بتلخيص موقفهنّ من الحجاب. كما لا تخلو المجموعة من مناقشة البعض من الظواهر المتعلقة بمجتمع المحجبات، وأولها “خلع الحجاب”. ولا يقتصر دور منال رستم في دعم الحجاب عبر المنصات الإلكترونية، بل إنها واحدة من الرياضيات البارزات في الشرق الأوسط.
وحظيت الفتاة المصرية باختيارها من قبل العلامة التجارية العالمية للملابس الرياضية “نايك” في أبريل الماضي، لتكون الوجه الرئيسي لأول زيّ مخصص للرياضيات المحجبات.
وبدأت مسيرة رستم الرياضية منذ سنوات، بفضل حبها لرياضتي تسلق الجبال والجري، فبعد إنهائها دراستها الجامعية عام 2006 بحصولها على درجة الماجستير في الصيدلة الإكلينيكية، بدأت المشاركة في أهم سباقات الجري، والتسلق حول العالم.
وهي تعدّ أول فتاة مصرية تنجح في تسلق قمة “إلبروس”، أعلى قمة في أوروبا، وقمة “كليمانجارو”، أعلى قمة في أفريقيا، علاوة على كونها أول مصرية تشارك في سباق (ماراثون) سور الصين العظيم.
وتأتي تجارب التسلق لرستم ضمن استعدادها لتخطي تحدي القمم السبع العالمية الذي تتصدره أعلى قمة في العالم “إيفرست” (أحد جبال سلسلة الهيمالايا).