الكويت تفضل عقد القمة الخليجية دون قطر على إلغائها

الكويت - قالت مصادر خليجية إن الرسالة التي بعث بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وحملها النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية بدولة الكويت الشيخ صباح خالد الحمد الصباح لا تتعلق بأي وساطة جديدة مع قطر، وأن الأمر يتعلق بقمة مجلس التعاون الخليجي المقررة مبدئيا في الكويت الشهر المقبل.
وأشارت هذه الأوساط إلى أن الكويت تسعى لبحث عقد القمة الدورية للمجلس ولو أدى الأمر لغياب قطر، لافتة إلى أن الرسالة الكويتية محاولة أخيرة لإنقاذ قمة مجلس التعاون التي ما عاد أحد يتحدث عن موعدها، وأن الكويت تؤمن بأن عقد القمة منقوصة من عضو أو اثنين أفضل من عدم عقدها، وأنها المكان الأرحب لاتخاذ القرارات الملزمة تجاه قطر سواء بتجميد عضويتها، أو إعطائها فرصة أخيرة لتنفيذ تعهداتها.
لكن مصادر سعودية تؤكد أن الملف القطري أقفل بالنسبة للسعودية بشكل نهائي، وأن الأمر متروك للدوحة لتقرر بشأن مصيرها إما الاستجابة الجدية لما طلب منها، وإما الانسحاب العملي من مجلس التعاون، مع التأكيد على أن المقاطعة ماضية، وأنها لن تقف عند مستوى معين، في إشارة إلى القائمة الجديدة من المصنفين على لائحة الإرهاب.
وكشفت المصادر أن الشيخ صباح خالد الحمد الصباح أبلغ في الرياض أن وقت الوساطات انتهى، وأن الرباعي تعامل مع الدوحة برحابة صدر وأعطاها أكثر من مهلة، وأن الوسطاء الإقليميين والدوليين الذين كانت ترسل بهم قطر كانوا يسلمون رسائل جادة ودقيقة بأن المقاطعة ليست ظرفية، ولن تتوقف عند مستوى معين، وأن على القيادة القطرية أن تقرر من الآن أمرها إما تنفيذ التزاماتها والعودة إلى عمقها الخليجي، وأما أن تستمر في المكابرة وتتحمل نتائجها، وقد اختارت الخيار الثاني.
الكويت تجد نفسها في موقف محرج نظرا إلى أنّه ليس في استطاعتها تجاهل موقف ثلاث دول أعضاء في المجلس السداسي من جهة، كما أنّها لا تستطيع عدم توجيه الدعوة إلى القيادة القطرية من جهة أخرى
وأضافت “الوزير الكويتي سمع بوضوح تام أنه لا شيء يعيد قطر إلى المسار الخليجي غير التزامها بالمطالب الثلاثة عشر”.
وتجد الكويت نفسها في موقف محرج نظرا إلى أنّه ليس في استطاعتها تجاهل موقف ثلاث دول أعضاء في المجلس السداسي من جهة، كما أنّها لا تستطيع عدم توجيه الدعوة إلى القيادة القطرية من جهة أخرى.
ويرجح هذا المأزق سيناريو يجري نقاشه في الكويت اليوم، ويقوم على تمني مسؤولين كويتيين على القطريين عدم الحضور “طواعية” حتى لا يتسبب ذلك في انسحاب السعودية والإمارات والبحرين، ومن ثم انهيار القمة وإحراج الكويت.
وإذا ما تمكنت الكويت من إقناع قطر بهذا الخيار، فسيكون هو المخرج الوحيد الذي قد يقود في النهاية إلى انعقاد قمة أثارت كثيرا من الالتباس.
وسيكون انعقاد القمة في هذه الحال إعلانا بانتهاء الوساطة الكويتية، وخفوت أزمة مقاطعة قطر واتخاذها مسارا طويل الأمد.
وأبدت قطر انزعاجها من مسعى رباعي لإهمال الأزمة، وعدم التحدث عنها في وسائل الإعلام، واعتبار أن الأمر محسوم، وهو ما قد يحول المقاطعة إلى أمر روتيني ويغلق أبواب الوساطات ويرفع الغطاء عن خطاب المظلومية والتباكي الذي دأبت الدوحة على إظهاره.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، الأحد، إن أزمة قطر أمر صغير جدا، وتوجد أمور أهم من ذلك كالخطر الإيراني على الأمن القومي العربي ومكافحة الإرهاب والأزمة السورية وليبيا واستقرار اليمن والتنمية الداخلية وتطبيق رؤية 2030 في المملكة والإصلاح، مشددا على ضرورة “ألا نشغل بالنا بموضوع قطر”.
وأرسل الرباعي رسالة قاطعة قبل زيارة الشيخ صباح خالد الحمد الصباح بساعات حين أصدر قائمة إضافية على لائحة الإرهاب التي سبق أن وضعها، وضمت القائمة الجديدة كيانين إخوانيين عرفت قياداتهما بمهاجمة دول الرباعي لحساب قطر، وهو ما يعني أن الوضع لم يعد يحتمل وساطات تطييب الخاطر، أو اللعب على طيبة المسؤولين الكويتيين واستثمار صلاتهم القوية بالسعودية لتحقيق اختراق ولو صغير، أو ربح الوقت.
وأطلق رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية القطري الشيخ عبدالله بن ناصر آل ثاني، تصريحات بمحتوى جديد، الأربعاء، قائلا إن الدوحة تؤمن بأن حل الأزمة لن يأتي إلا من البيت الخليجي، كما تضمن الحديث عن اتفاق الرياض في 2014 كمرجعية للمحاججة بعد أن تبرأت الدوحة منه طويلا.
واعتبر متابعون للشأن الخليجي أن هذه التصريحات مخادعة، وأنها تستعير مفردات من خطاب دول الرباعي مع إفراغها من مضمونها، والإيحاء بأن الدوحة مع حل يأتي عبر مؤسسة القمة الخليجية، وهي التي بادرت إلى تدويل الخلاف واستعانت بقوات تركية كمظلة حماية، إيهاما بوجود خطر على أمنها، رغم تشديد دول الرباعي مرارا على أنها لم تفكر أبدا بالخيار العسكري، وأنها مع الحوار الذي يستند إلى مرجعيات مجلس التعاون واتفاق الرياض بمرحلتيه 2013 و2014.
وقال رئيس الوزراء القطري “نحن جميعا في دولة قطر نقدّر ونثمن الجهود المخلصة والمساعي الحميدة التي يقوم بها أمير الكويت، وحكمته منذ بداية الأزمة لاحتوائها داخل البيت الخليجي”، مضيفا “من وجهة نظري أن حل الأزمة لن يأتي إلا من داخل البيت الخليجي، وأشكر الدول الشقيقة والصديقة التي تدعم هذه الوساطة”.
وقبل هذه التصريحات التي تستعيد الحديث عن الحل الخليجي، كان وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني يلتقي نظيره الأميركي ريكس تيلرسون في سياق تدويل الحلول، والبحث عن وساطات جديدة مع علم الدوحة أن الرباعي لا يقبل أي وساطة منحازة لقطر كتلك التي يمكن أن يتولاها تيلرسون، خاصة أنه فشل سابقا بسبب هذا الانحياز، الذي يتناقض مع الموقف الرسمي لإدارة الرئيس دونالد ترامب.
ويعتقد المتابعون الخليجيون أن هذه التصريحات صارت تحرج الكويت أكثر فأكثر خاصة بعد محاولات قطرية لإظهارها طرفا محايدا في الصراع، وجرها إلى المربع القطري. ولفتوا إلى أن الوزير الكويتي ذهب إلى الرياض للتبرّؤ من أي تأويلات أو تسريبات تتهم بلاده بالقرب من قطر على حساب دورها الذي كلفتها به من السعودية، أي كونها قناة للتواصل وإبلاغ رسائل للدوحة.