مطامع إخوانية ترافق جهود تشكيل الحكومة الكويتية

الكويت - بدأت الأوساط السياسية الكويتية تستشعر تأخيرا في إعادة تشكيل الحكومة بعد استقالة الحكومة السابقة في الثلاثين من أكتوبر الماضي مستبقة عقد جلسة برلمانية كان من المقرر أن تشهد تصويتا على طلب نيابي بسحب الثقة من وزير شؤون مجلس الوزراء ووزير الإعلام بالوكالة الشيخ محمد عبدالله المبارك الصباح.
ولن تكون مهمّة الشيخ جابر المبارك الذي أعيد تكليفه من قبل أمير البلاد بترؤس الحكومة، سهلة في إيجاد تركيبة حكومية جديدة تضمن نجاعة الأداء في إدارة الشأن العام إلى جانب ضمان حدّ أدنى من الوفاق مع نواب البرلمان لضمان استمراريتها.
وتسعى أطراف كثيرة إلى الحصول على حقائب وزارية من منطلق الحفاظ على الدور والمكانة والمشاركة في صنع القرار لتكييفه وفق توجهاتها وأهدافها.
وطرحت خلال الأيام القليلة الماضية بقوّة مسألة مساعي جماعة الإخوان المسلمين للحصول على منصب أو أكثر في الحكومة الجديدة.
وتجلّى ذلك بالخصوص من خلال الدعوات إلى استبعاد الجماعة من أي تشكيل حكومي قادم مراعاة للظرف الإقليمي وتجنّبا للدخول في إشكالات محتملة مع بلدان عربية تصنّف الجماعة على لوائح الإرهاب.
وقالت عضو البرلمان صفاء الهاشم مخاطبة رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك “الأخ رئيس الحكومة كما علمنا وقرأنا أنك تعمل حاليا على اختيار تشكيلة حكومية توازن بين الوضعين الإقليمي والمحلي”، مضيفة “أشكرك أخي الكريم إن كان قصدك المرشحين المحسوبين على الإخوان المسلمين.. قطع دابر الشر خطوة مباركة”. وختمت تغريداتها بالقول “أعقلها وتوكل وشكّل حكومتك ونحن معك”.
ومن جهته نصح النائب وليد الطبطبائي من منطلقات مختلفة مشاركة الإخوان في الحكومة قيد التشكيل ناصحا الحركة الدستورية الإسلامية “حدس” الذراع السياسية لإخوان الكويت بـ”عدم المشاركة في الحكومة المقبلة، إذا كانت بتشكيلتها السابقة ذاتها”.
وأثار قضية التأخر في تشكيل الحكومة، قائلا في تصريح لصحيفة الرأي المحلّية إنّه يعطل انعقاد مجلس الأمة والنظر في التشريعات الكثيرة الموجودة على جدول أعماله.
|
وكثيرا ما ترتبط الدعوات إلى الإسراع بإعلان التشكيل الحكومي الجديد بظروف عدم الاستقرار في الإقليم وبالتعقيدات الأمنية والاقتصادية التي تستوجب عودة السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى عملهما الطبيعي بأقصى سرعة، خصوصا أن مجلس الأمة بادر إلى تعليق عقد جلساته بانتظار إعادة تشكيل الحكومة.
غير أنّ أوساطا قريبة من السلطة تعتبر الحديث عن حدوث تأخير في تشكيل الحكومة بعد مضي أسبوعين فقط على استقالة الحكومة السابقة أمرا مبالغا فيه، مؤكّدة أن ما قد يعتبر تأخيرا إنّما هو بسبب التروّي وتوسيع دائرة التشاور لتحصين الحكومة القادمة ودرء الخلافات بينها وبين نواب البرلمان.
واعتبر رئيس مجلس الأمّة مرزوق الغانم أن القول بأن “التشكيل الحكومي يجب أن يكون خلال أسبوعين، ليس له أساس وليس له علاقة بالسوابق أو الدستور”.
وفي انتظار تشكيل الحكومة الجديدة تجري جهود حثيثة في الكويت لتهيئة أرضية من الوفاق بين السلطتين التشريعية والنيابية.
ويشارك في تلك الجهود رأس هرم السلطة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد بما له من سلطات دستورية ومكانة أدبية.
وأعلن الغانم الخميس متحدّثا للصحافيين من مقرّ البرلمان عدم تحديد موعد للقاء المرتقب بين أمير البلاد ونواب مجلس الأمّة، وأنّ الأمر متروك لأجندة الأمير والتزاماته.
وأشار في حديثه إلى أهمية حسن اختيار الوزراء في التشكيل الحكومي المقبل، معربا عن الأمل في أن تكون الحكومة بالمواصفات التي تحقق الحد الأدنى من طموح النواب والشعب الكويتي بغض النظر عن الفترة الزمنية لتشكيلها.
ودعا الغانم إلى حسن اختيار الوزراء في التشكيلة الجديدة، مضيفا أن الرسالة التي أكد عليها العديد من النواب هي عدم الاستعجال في الاختيار تجنّبا للوقوع في أي خطأ.
وتعليقا على الدعوات إلى تعيين نواب في مناصب وزارية لتحقيق الوفاق بين السلطتين، قال الغانم “إن ذلك رأي ووجهة نظر تُحترم لكننا ننتظر لنرى”.
وراجت أنباء في الفترة الأخيرة بشأن رغبة إخوان الكويت في تعيين أحد نوابهم بالبرلمان في منصب وزاري.
وقالت مصادر إنّهم يطالبون بذلك في شكل مكافأة على وقوفهم إلى جانب الحكومة ضدّ استجواب بعض وزرائها ومن ذلك دفاعهم عن الوزير الشيخ محمّد العبدالله الذي دار سجال ساخن بشأن استجوابه بين النائب المشارك في تقديم الاستجواب رياض العدساني والنائب الإخواني جمعان الحربش الذي طعن في دستورية الاستجواب وشرعيته.
وتسجّل دوائر خبيرة بالشأن السياسي الكويتي استدارة كبيرة في مواقف إخوان الكويت من الحكومة والتحوّل من الوقوف في صفّ معارضتها وتسليط الضغوط عليها باستخدام عدّة ملفّات من بينها ملف سحب الجنسية من عدّة أشخاص على خلفية اتهامهم بالحصول عليها بالتزوير، إلى صفّ مساندتها وتأييدها وإغلاق ملفات الخلاف معها.
وتربط ذات الدوائر هذا التحوّل الكبير في مواقف إخوان الكويت من حكومته بالوضع الإقليمي وتحوّل الإخوان إلى موضع إدانة بالتورّط في الإرهاب في عدّة دول، خصوصا بعد مقاطعة أربع دول عربية لقطر بسبب إيوائها ودعمها وتمويلها للجماعات الإرهابية ومن ضمنها جماعة الإخوان المسلمين التي تؤثر التهدئة في الكويت لتجنّب وصول العاصفة الإقليمية إليها.