معركة الحويجة تقرّب العراق من طي صفحة حرب داعش

الجمعة 2017/09/22
أهم من النصر العسكري طريقة توظيفه

بغداد - دخلت القوات العراقية بفتحها جبهات الحويجة والشرقاط وعنّة، آخر مراحل حرب استعادة الأرض من تنظيم داعش، واضعة البلد على أعتاب مرحلة جديدة لا تخلو من آمال الخروج من الوضع الحالي المعقّد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وأمنيا، إلاّ أنّها لا تخلو في المقابل من تعقيدات موروثة عن فترة الحرب وما سبقها.

وتمكّنت القوات المسلّحة العراقية خلال مرحلة الحرب على التنظيم المتشدّد من استعادة تماسكها بعد أن شارفت على التفكّك والانهيار في صيف سنة 2014 تاريخ غزو تنظيم داعش لمدينة الموصل وما بعدها من مناطق وصولا إلى مشارف العاصمة بغداد، وهي اليوم على وشك استكمال سلسلة انتصارات مهمة على التنظيم تعيد المعنويات لمنتسبيها.

لكن الحرب ذاتها أدخلت إلى الساحة جسما شبه عسكري منافسا، متمثلا في الحشد الشعبي المكوّن بشكل أساسي من الميليشيات الشيعية التي تمثّل مشكلة بحدّ ذاتها إذ أنّ إدماجها بالقوات المسلّحة سيدفع إلى إضفاء سمة طائفية على تلك القوات، كما أن تركها على ما هي عليه سيعني بقاء كمّ هائل من السلاح خارج سيطرة الدولة، حيث لا يخفى ولاء الميليشيات لقادتها الموالين بدورهم لإيران.

ويُخشى من جهة أخرى أن تمثّل الميليشيات ضغطا على الحياة السياسية وعامل ممانعة للتغيير الذي ينشده العراقيون ويطالبون به علانية عن طريق مظاهرات في الشارع.

وفقدت غالبية الشعب العراقي الثقة بجلّ السياسيين الذين قادوا البلد طيلة سنوات ما بعد 2003 وأفضت تجربتهم في الحكم إلى تراجع شديد للدولة العراقية على مختلف المستويات. وقد يكون سلاح الميليشيات التي خرجت بدورها قوية من حرب داعش أفضل وسيلة لحماية هؤلاء الساسة وتأمين دور لهم في المرحلة القادمة.

وفتحت القوات العراقية الخميس جبهتي قتال ضد آخر معقلين لتنظيم داعش في شمال البلاد وغربها، مضاعفة الضغط على المتشدّدين الذين فقدوا السيطرة على الأراضي التي كانوا أعلنوها تابعة لما يسمى “دولة الخلافة” الممتدة إلى سوريا المجاورة.

وتأتي هذه الخطوة فيما يترقب العراقيون ما ستؤول إليه المفاوضات الجارية بين الحكومة المركزية في بغداد وإقليم كردستان الذي يتوقع أن يشهد في الخامس والعشرين من سبتمبر الجاري استفتاء على استقلاله.

وبدأت القوات الأمنية مدعومة من فصائل الحشد الشعبي فجر الخميس، هجوما على منطقة واقعة على مشارف مدينة الحويجة الشمالية، بعد أيام فقط من بدء عملية مماثلة ضد معقل تنظيم الدولة الإسلامية في غرب البلاد.

وأعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في بيان “مع فجر يوم عراقي جديد، نعلن انطلاق المرحلة الأولى من عملية تحرير الحويجة وفاء لعهدنا لشعبنا بتحرير كامل الأراضي العراقية وتطهيرها من عصابات داعش الإرهابية”.

ويعتبر العبادي أكبر الرابحين سياسيا من حرب داعش إذ بدأ اسمه يُتداول كقائد للنصر، فيما سجّل اسم سلفه في رئاسة الحكومة، ورئيسه في حزب الدعوة الإسلامية، نوري المالكي كمسؤول عن إضعاف القوات المسلّحة وعن هزيمتها أمام تنظيم داعش.

ويمتلك العبادي قدرا من الجماهيرية باعتباره زعيما معتدلا مؤمنا بفتح العراق على جواره العربي بالتوازي مع علاقاته القوية مع إيران، فيما يستند المالكي إلى ولاء الميليشيات المسلّحة وإلى دعم طهران.

وتقع الحويجة على بعد 230 كيلومترا شمال شرق بغداد و45 كيلومترا من مدينة كركوك الغنية بالنفط، وإلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل، ويسكنها حوالي 70 ألف نسمة غالبيتهم العظمى من العرب السنة.

ووجه العبادي تحية للقوات العراقية “بجميع صنوفها وتشكيلاتها وهي تخوض أكثر من معركة تحرير في وقت واحد وتحرز الانتصار بعد الانتصار، وها هي بشرى نصر جديد تلوح في الأفق بعون الله تعالى”.

وبدأت القوات العراقية عملياتها بقصف مدفعي، تزامنا مع تقدم الجيش باتجاه ناحية الشرقاط، جنوب غرب الحويجة.

ولا يزال الجزء الشرقي لبلدة الشرقاط في محافظة صلاح الدين والذي يجاور الحويجة، تحت سيطرة تنظيم داعش، وهو مشمول بالمرحلة الأولى من العمليات.

وبالتوازي مع حملة الحويجة، استعادت القوات العراقية الخميس بالكامل بلدة عنّه في أقصى غرب البلاد على الحدود مع سوريا، حيث لا يزال داعش يسيطر على مساحات ضيقة، فيما يواجه على الطرف المقابل من الحدود ضغطا من القوات السورية في منطقة دير الزور.

3