التفاهمات الروسية الأميركية بشأن سوريا على المحك

تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وروسيا على ضوء اتهامات الأخيرة لقوات موالية لواشنطن باستهداف الجيش السوري وقوات روسية شرق سوريا، ويرجح أن يعمد الطرفان إلى بحث سبل تخفيف هذا التصعيد الذي إذا استمر فستكون عواقبه وخيمة.
الجمعة 2017/09/22
الاحتكام إلى النار

دمشق - تواجه التفاهمات الروسية الأميركية في سوريا خطر انهيارها على وقع التصعيد القائم في محافظة دير الزور شرقي البلاد.

وقالت روسيا الخميس إنها أنذرت الولايات المتحدة بأنها ستستهدف مناطق في سوريا تنشط فيها القوات الأميركية الخاصة وقوات تدعمها واشنطن إذا تعرضت القوات الروسية للقصف من أي من الطرفين مشيرة إلى أن هذا الأمر حدث مرتين بالفعل.

وصرح الجنرال إيغور كوناشينكوف من الجيش الروسي في بيان “القوات السورية تعرضت مرتين لقصف كثيف من مدافع ومدافع هاون انطلاقا من مواقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات حيث ينتشر مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية والقوات الخاصة الأميركية”.

ولفت كوناشينكوف إلى أن عسكريين من القوات الخاصة الروسية موجودون حاليا مع الجيش السوري في المناطق التي تعرضت لإطلاق النار.

وأبلغت موسكو مسؤولا رفيعا في الجيش الأميركي عبر قناة تواصل في قطر بأن “أي محاولات لإطلاق النار من مناطق ينتشر فيها مقاتلو قوات سوريا الديمقراطية سيتم وضع حد لها على الفور”.

وجاء في بيان الجيش الروسي “ستتعرض المواقع التي ينطلق منها إطلاق النار في هذه المناطق على الفور للضرب بكل التجهيزات العسكرية المتوافرة”.

وتشكل محافظة دير الزور في الوقت الراهن مسرحا لعمليتين عسكريتين: الأولى يقودها الجيش السوري بدعم روسي إيراني في مدينة دير الزور وريفها الغربي، والثانية تشنها سوريا الديمقراطية بدعم من التحالف الدولي ضد الجهاديين في الريف الشرقي.

صالح مسلم: الانتخابات هي الخطوة الأولى نحو ترسيخ الديمقراطية الفيدرالية

وتحالف سوريا الديمقراطية مشكّل في غالبيته العظمى من مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردي، ومطعّم ببعض الفصائل من عرب وأرمن وغيرهما من العرقيات في سوريا.

ويتنافس التحالف والجيش السوري على ملء الفراغ الذي يتركه داعش في محافظة دير الزور الحدودية مع العراق والغنية بالنفط، وسط مخاوف من أن يتحول هذا التنافس إلى نزاع مسلح بينهما يصعب التكهن بمآلاته.

وسيطر الجيش السوري، على حوالي 100 كيلومتر من الضفة الغربية للفرات هذا الشهر ووصل إلى حدود محافظة الرقة الأربعاء.وعبرت أيضا القوات السورية الاثنين إلى الضفة الشرقية من الفرات التي كانت قد شهدت تقدم قوات سوريا الديمقراطية.

ويرى مراقبون أن السيطرة على دير الزور مسألة استراتيجية بالنسبة للقوتين المتنافستين، حيث أنها ستكون ورقة ضغط مهمة جدا للطرف المنتصر هناك، عند الحديث عن أي تسوية نهائية للصراع السوري.

ومعلوم أن أكراد سوريا المدعومين من واشنطن يسعون لتوسيع المساحة الجغرافية التي يسيطرون عليها، وأيضا توفير أحد مقومات الحياة لإقليمهم المنشود، بالسيطرة على المقدرات النفطية في دير الزور.

وفي المقابل يريد النظام أن يعزز المكاسب التي حققها، فضلا عن طموحات إيران لتثبيت ممر بري يصلها بلبنان. وأكيد روسيا مستفيدة رئيسية من تغيير دفة الصراع لصالح النظام فذلك سيعني تكريسا لحضورها ليس في سوريا فقط بل وفي المنطقة، وهذا ما تعمل جاهدة على تحقيقه.

ويرجح مراقبون أن تسعى موسكو وواشنطن لإيجاد تفاهمات فيما بينهما بخصوص دير الزور لأن تصاعد الأزمة ليس في صالح كليهما.

وتبدي روسيا استعدادا للتعاون مع الولايات المتحدة في سوريا، وترجم هذا التعاون في التوصل إلى اتفاق خفض التصعيد في الجنوب الغربي، بيد أنها لا تريد أن تقدم تنازلات تراها مؤلمة وبالتالي ما يحصل اليوم في دير الزور هو أشبه “بالرقص على حافة الهاوية” بين القوتين.

ويرى محللون أكراد أن روسيا لا تعارض إنشاء فيدرالية في الشمال السوري للأكراد ولكنها ترفض أن يوسع هؤلاء مساحة سيطرتهم خاصة وأنهم جزء من أجندة واشنطن في هذا البلد. وبالتوازي مع سعيهم لتوسيع حدود مناطقهم بالدم يستعد أكراد سوريا لإجراء أول انتخابات في شمال البلاد الجمعة، في خطوة تسبق استفتاء على استقلال كردستان العراق المجاورة.

ويقول صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي “الانتخابات هي الخطوة الأولى نحو ترسيخ الديمقراطية الفيدرالية”.

2