اليونان تنتقل من حافة الإفلاس إلى وجهة للاستثمار

تزايد الاهتمام الدولي بالفرص الاستثمارية الكبيرة في اليونان بعد أن تأكد خروجها من مرحلة انكماش دام 9 سنوات. وتؤكد البيانات الرسمية أن تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ 10 سنوات.
الاثنين 2017/09/11
الشركات العالمية تتسابق للاستثمار في اليونان من خلال معرض سالونيكي

سالونيكي (اليونان) - أعلن رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس أن بلاده انتقلت من حافة الانهيار وخطر الخروج من منطقة اليورو إلى وجهة لاستقطاب الاستثمارات.

وقال في افتتاح معرض سالونيكي الدولي إن “عام 2016 شهد تدفق استثمارات أجنبية مباشرة هي الاعلى على مدى السنوات العشر الأخيرة، ونتوقع تحسنا إضافيا في العام الحالي”.

وأكد أن “الاهتمام الدولي الكبير بالاستثمار في اليونان ليس وليد الصدفة”، لكنه أقر بأن غالبية اليونانيين لم تلمس بعد مؤشرات النمو الاقتصادي.

وحصلت أثينا على شهادات دولية على إحراز تقدم كبير في طي صفحة أزماتها، وقد زارها مؤخرا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبحث توسيع التعاون الاقتصادي والاستثماري في تأكيد على الآفاق الكبيرة التي تعد بها اليونان.

وقد اختار ماكرون في الأسبوع الماضي أن يدعو من أثينا إلى إعادة بناء أوروبا بعد إشادته بالخطوات الكبيرة التي اتخذتها مؤخرا للخروج بقوة من أزماتها الاقتصادية.

وقال تسيبراس إن رجل أعمال فرنسيا من مرافقي ماكرون قال إن اليونان تمكنت من تحويل “غريكست” (خروج اليونان من منطقة اليورو) إلى “غرينفست” (الاستثمار في اليونان). وأضاف أنه أكد له أن اليونان أصبحت “وجهة استثمارية ليس بالنسبة للفرنسيين فقط بل لباقي دول أوروبا”.

وبعد سنتين من وضع حكومة تسيبراس البلاد على شفى الخروج من منطقة اليورو، وثماني سنوات من انزلاق اليونان في أزمة اقتصادية خانقة، بدأت أرقام التوظيف بالتحسن.

وأضاف تسيبراس أن حكومته خلقت أكثر من 500 ألف وظيفة منذ تسلمه الحكم في عام 2015 وهو رقم قياسي منذ بداية القرن الحالي. وتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي في اليونان نموا بنسبة 2 بالمئة في العام الحالي.

إيمانويل ماكرون: توجد في اليونان اليوم فرص استثمارية كبيرة لا يجوز تفويتها

وحصلت اليونان على خطتي إنقاذ بمئات مليارات اليورو منذ عام 2010، إلا أنها غالبا ما تشتكي من مطالب صندوق النقد الدولي بتطبيق إجراءات تقشفية قاسية وإصلاح قانون العمل.

وتطبق البلاد الكثير من الإصلاحات التي طالب بها البرنامج الذي سيسمح نظريا لها في نهاية المطاف بالعودة إلى أسواق المال لجمع التمويل اللازم لاقتصادها في المستقبل.

وقال تسيبراس “نحن مستعدون تماما ومصممون على المضي في اتجاه الخروج من برنامج الإنقاذ المالي، وأنا واثق من أن مقرضينا لديهم مثل هذا التوجه في تفادي الصعوبات والتأخيرات”.

وأكد أن “اليونان تتجاوز سنوات صعبة… وتقف عند نهاية الأزمة المالية التي سوف تشكل علامة على عبور أوروبا إلى حقبة جديدة أقل ضبابية”.

وتلقت تلك التصريحات دعما من بيانات رسمية أظهرت تراجع نسبة البطالة في اليونان في يونيو الماضي، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2011 حين بلغت نحو 21.2 بالمئة.

وأعرب ماكرون يوم الخميس عن تضامنه مع اليونان حين دعا صندوق النقد الدولي إلى الامتناع في المحادثات المقبلة عن مطالبة أثينا بالمزيد من إجراءات التقشف خارج إطار ما تم الاتفاق عليه.

وقال الرئيس الفرنسي في وقت تستعد فيه اليونان لاستئناف المفاوضات حول الإصلاحات مقابل حصولها على شريحة جديدة من برنامج الإنقاذ المالي “يجب على صندوق النقد الدولي التحلي بحسن النية وعدم زيادة المطالب”.

وعبر ماكرون يوم الجمعة عن رغبة فرنسا في “تطوير الصلات الاقتصادية”، وأكد أن في اليونان اليوم فرصا استثمارية كبيرة “لا يجوز تفويتها”.

ويستمر برنامج الإنقاذ الثالث لليونان الذي يديره الاتحاد الأوروبي حتى أغسطس 2018. وكان صندوق النقد يعتزم المشاركة في هذه الخطة الجديدة شرط اتخاذ الدول الممولة خطوات إضافية لتقليص عبء الدين اليوناني، وهو ما لم يحصل بعد بسبب اعتراضات شديدة من ألمانيا.

وقال تسيبراس إن اليونان “مستعدة ومصممة” على الخروج من برنامج الإنقاذ الدولي في أغسطس 2018، وهو ما يضع نهاية لأعوام من الأزمة والشكوك.

وأعرب عن تفاؤله بالقول “في العام المقبل ستفتتح البلاد معرض سالونيكي الدولي وهي غير خاضعة لبرنامج إنقاذ مالي خانق”.

ويجد المحللون دلالات كبيرة في حجم الوفد التجاري الذي رافق الرئيس الفرنسي والذي ضم رؤساء ومسؤولين تنفيذيين يمثلون 40 شركة فرنسية، إضافة إلى وزير الاقتصاد برونو لومير.

لكن الدلالة الأكبر تتمثل في اختيار ماكرون لليونان كمنصة للكشف عن مقترحات جديدة يريد من خلالها إصلاح البيت الأوروبي وتعزيز التقارب والثقة بين الدول الأعضاء.

وقال ماكرون إن الأزمة الاقتصادية في اليونان ليست مشكلتها بمفردها، بل هي “فشل أوروبا بأكملها”.

وتضم الإصلاحات التي سيقترحها الرئيس الفرنسي بحلول نهاية العام تبني ميزانية لمنطقة اليورو ووزير للمالية وبرلمان لها. وقد بدا تسيبراس الذي بدأت بلاده تخرج من الأزمة بعد انكماش دام 9 سنوات مؤيدا لتلك الإصلاحات.

10