توافق في ليبيا حول إجراء انتخابات عامة رغم تحذير بريطانيا

طرابلس - تبدي مختلف أطراف الصراع في ليبيا موافقة على ضرورة إجراء انتخابات عامة مبكرة كحل لإخراج البلاد من حالة الانقسام السياسي الذي تعاني منه منذ ثلاث سنوات، في ظل فشل كل محاولات توحيد أجهزة الدولة عن طريق المفاوضات، وهو الأمر الذي ترفضه بريطانيا.
واعتبر مستشار رئيس مجلس النواب عبدالله عثامنة أن البلاد لن يكون فيها حل توافقي عن طريق المفاوضات في المدى القريب، مؤكدا أن الحل هو الذهاب إلى انتخابات مبكرة.
وكان المتحدث العسكري باسم القيادة العامة للجيش أحمد المسماري قد دعا الأربعاء ممثلي القوى السياسية إلى اللجوء للانتخابات وأن تحشد هذه القوى أنصارها ومؤيديها للوصول إلى السلطة عبر صندوق الانتخاب. وحذر المسماري من “فرض بعض القوى نفسها بالقوة أو محاولة الترويج لفكرة تقسيم البلاد”.
وأضاف المسماري أن “الجيش سيحرص على أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة لكل مواطن وبمشاركة رقابة دولية لضمان سير الانتخابات بشكل سليم ولو اضطررنا إلى استخدام القوة لتحقيق هذا المسعى”.
وتابع “لا يهمنا من سيكون الرئيس أو رئيس الحكومة فمن سينتخبه الشعب فله ذلك ومن يرفضه الشعب سيجد نفسه خارج دائرة السياسة ومهمتنا فرض هيبة الدولة”.
وكان القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر قد اتفق مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فايز السراج في نهاية يوليو الماضي بباريس على وقف إطلاق النار وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية في 2018. وقبل ذلك، تقدم السراج بخارطة طريق قال إنها المخرج الوحيد لإنقاذ ليبيا، تضمنت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في مارس 2018
سفير ليبيا السابق لدى الإمارات عارف النايض يبدأ حملته الانتخابية بإطلاق مبادرة تحت اسم "رؤية إحياء ليبيا 2023"
.
ووقعت أطراف الصراع الليبي في ديسمبر 2015 اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية، انبثق عنه المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، إلا أن الاتفاق لقي معارضة كبيرة من السلطات شرق ليبيا وتحديدا من البرلمان والجيش.
ودعا البرلمان إلى ضرورة مراجعة الاتفاق السياسي وفي مقدمته المادة الثامنة التي رأى أنها تستهدف إقصاء حفتر واستبعاده من المشهد. وتنص المادة على تحول جميع المناصب السيادية والعسكرية إلى سلطة المجلس الرئاسي بمجرد توقيع الاتفاق.
وبدأ السياسيون الاستعداد لخوض غمار الانتخابات. وأعلن سفير ليبيا السابق لدى الإمارات ورئيس مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة عارف النايض رؤية قال إنها “تأتي على ضوء تعدد المبادرات بخصوص الانتخابات الرئاسية والتشريعية المقبلة، واستعدادا لها” وهو ما يشير إلى نيته الترشح لهذه الانتخابات.
وقال النايض عبر صفحته الرسمية على موقع فيسبوك إن فريق العمل في المجمع قام بتحديث مبدئي لرؤيته نحو مستقبل ليبيا، وإطلاق الموقع التفاعلي باسم “رؤية إحياء ليبيا 2023” على أن يستمر الفريق في تحديث محتوى الموقع وتنقيحه عبر حوار مفتوح مع الشباب والخبراء رجالا ونساء من كل المجالات.
ولم ينف رئيس الوزراء الأسبق علي زيدان في تصريحات صحافية محلية أن وجوده في طرابلس خلال الفترة الماضية يأتي في إطار الاستعداد للانتخابات. وقال في تصريح لـ“بوابة الوسط”، “إن ما رأيته من أداء وتصرف من قبل المسؤولين الحاليين في البلاد، يجعل من واجبي أن أتقدم إلى هذه المهام”. واستدرك قائلا “إذا طلب مني أهل فزان أن أتقدم إلى أي مهمة، وإذا اقتضى الأمر ورغب الليبيون، وجب ألا أتردد في ذلك، رغم أن الأمر ليس مغريّا”.
وتعرض زيدان الأسبوع الماضي لعملية اختطاف من قبل إحدى الجماعات المسلحة المسيطرة على طرابلس قبل أن يتم الإفراج عنه مساء الأربعاء.
الجيش سيحرص على أن تكون الانتخابات نزيهة وحرة لكل مواطن وبمشاركة رقابة دولية لضمان سير الانتخابات بشكل سليم
وطالب مجلس مصراتة البلدي، وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون بأن تضغط حكومة بلاده على الأطراف المعرقلة لتطبيق الاتفاق السياسي، أو العمل على الدخول في عملية انتخابية عاجلة سواء عن طريق ما تنص عليه مسودة الدستور بعد طرحها للاستفتاء وموافقة الشعب الليبي عليها، أو تبني مبادرة وطنية لانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة.
ومدينة مصراتة من أبرز المدن الليبية المناوئة لخليفة حفتر، ودعم التيار المتطرف الذي سيطر على المدينة منذ إسقاط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، الجماعات الإرهابية التي يقاتلها الجيش في مدينة بنغازي، إذ اتهمت القيادات العسكرية في أكثر من مناسبة المدينة بإرسال جرافات مليئة بالمقاتلين والأسلحة إلى بنغازي.
وبدأ جونسون الأربعاء زيارة إلى ليبيا، افتتحها بلقاء السراج ثم اجتمع الخميس في بنغازي مع خليفة حفتر، في زيارة هي الأولى من نوعها لوزير بريطاني إلى المدينة منذ 2011.
وحذر وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون ليبيا من إجراء انتخابات في وقت مبكر، مستشهدا بقرار رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي الذي وصفه بـ“الكارثي” حول إجراء انتخابات مبكرة، وهو القرار الذي أظهر خطورة إجراء انتخابات في وقت مبكر جدا.
وقال جونسون في تصريحات لصحيفة “التليغراف”، “ما لم تكن لذلك البلد حكومة فاعلة وموحدة ، سيظل الليبيون يعانون معاناة شديدة”.
وأضاف “هناك ميلشيات لا تعد ولا تحصى، وتتنافس مع الجيش الوطني الليبي للسيطرة على المساحات الشاسعة ذات اللون الأصفر والتي يغيب عنها القانون. وفي هذه الأراضي التي لا تخضع للقانون، نرى أرضا خصبة للإرهابيين ومهربي البشر، وهم المجرمون الذين كان لأنشطتهم أثر كبير على أوروبا الغربية”.