الميليشيات الشيعية تخوض حربا دعائية موازية في تلعفر

تلعفر (العراق) - اقتربت القوات العراقية، الثلاثاء، خطوة جديدة من الحسم النهائي للحرب ضدّ تنظيم داعش، وذلك بدخولها أحياء مدينة تلعفر بمحافظة نينوى بشمال البلاد، في تقدّم سريع للحملة التي أعلن عن إطلاقها فجر الأحد عكس حالة الضعف التي أصبح عليها التنظيم بعد انتزاع مدينة الموصل مركز المحافظة ذاتها من سيطرته في يوليو الماضي.
وتقرّب نهاية الحرب على داعش دخول العراق في مرحلة جديدة يؤمل أن يجري خلالها تفادي الأخطاء السياسية والأمنية الجسيمة التي أدّت إلى احتلال بضعة آلاف من عناصر التنظيم لأكثر من ثلث مساحة البلد في ظلّ انهيار قواته المسلّحة بشكل مريب.
ويتميّز المشهد العراقي بسيطرة أحزاب وميليشيات شيعية على القرار السياسي والعسكري. ويعتبر ذلك مظهرا لعدم التوازن في البلد وأبرز نقاط ضعف العملية السياسية التي انطلقت بعد الغزو الأميركي وإسقاط حكم حزب البعث.
وكثيرا ما تتّهم تلك الأحزاب والتشكيلات شبه العسكرية المرتبطة بها، بأن لها ارتباطات وأهدافا ما فوق وطنية وعابرة لحدود البلد.
ومعروف عن غالبية القيادات الشيعية العراقية ارتباطها بإيران وخوضها الصراع بالوكالة عنها.
وعلى مدار مختلف حلقات الحرب على تنظيم داعش في العراق، جسّدت الميليشيات الشيعية المنضوي أغلبها ضمن الحشد الشعبي الصراع الحادّ الذي تخوضه إيران لتوطيد نفوذها في العراق، وتحويله من نفوذ سياسي إلى سيطرة ميدانية عن طريق الميليشيات ذاتها.
وتردّدت أصداء ذلك الصراع مجدّدا خلال معركة تلعفر الدائرة حاليا، حيث خاض قادة الميليشيات صراعا سياسيا حادّا ضدّ رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلّحة حيدر العبادي لانتزاع دور أساسي في المعركة التي هي أيضا معركة وضع الترتيبات لعراق ما بعد داعش.
وبالتوازي مع مشاركتها في القتال على الأرض، تخوض الميليشيات الشيعية حربا إعلامية دعائية ذات أهداف سياسية مرتبطة بطموحات قادة الحشد وسعيهم لتحويله إلى قوّة انتخابية في الانتخابات النيابية المقرّرة لربيع العام القادم.
وفي خطوة ذات أبعاد دعائية أعلن حسن سالم النائب بالبرلمان العراقي، الثلاثاء، عن انسحاب ميليشيا العصائب وكتائب حزب الله العراق من معركة تلعفر بسبب مشاركة القوات الأميركية فيها.
وقال النائب الذي يرأس كتلة “صادقون” الشيعية إن الولايات تشارك في المعركة بقوات كبيرة، وإنّ شهود عيان رصدوا أرتالا أميركية وقوات برية في أطراف قضاء تلعفر وتحديدا في منطقة تل عبطة٬ وذلك بخلاف المواقف الرسمية لرئيس الوزراء حيدر العبادي الذي ينفي مشاركة قوات أجنبية في المعارك.
ويجزم متابعون للشأن العراقي، أن اعتراض الميليشيات الشيعية على الدور الأميركي في معركة تلعفر ليس سوى صدى لموقف طهران التي تخوض صراعا ضدّ واشنطن لأجل السيطرة على المناطق الحدودية بين العراق وجيرانه، وتحديدا سوريا حيث تعمل إيران على تأمين الطريق الواصل نحوها ويمر عبرها إلى لبنان وإلى ضفّة المتوسّط.
وبدا الربط واضحا بين الأوضاع في العراق وسوريا ولبنان من خلال تصريحات لقيادي في الحشد الشعبي أكّد فيها مشاركة حزب الله اللبناني في معركة تلعفر، ما مثّل مفاجأة لمتابعي أحداث المعركة.
وقال أحمد الأسدي المتحدث باسم هيئة الحشد إن حزب الله وإيران سيساعدان قوات الحشد في العملية العسكرية الجارية لاستعادة تلعفر.
وأكّد أن المستشارين العسكريين من الحزب ومن إيران كانوا دائما موجودين في مختلف جبهات الحرب ضدّ داعش في العراق بطلب رسمي من الحكومة العراقية لتقديم الدعم والاستشارة والمشاركة في وضع الخطط، ليس للحشد وحده، ولكن للجيش والشرطة العراقيين أيضا.
وبدا من خلال هذا التصريح حرص الأسدي على الدعاية لحزب الله ولإيران عبر التأكيد على أن لهما فضلا في الانتصار الذي بصدد التحقق بشكل سريع في تلعفر.
وأحرج هذا التصريح قيادة هيئة الحشد ذاتها التي تقول إنها مرتبطة برئيس الوزراء، ودفعها إلى نفي ما جاء فيه وذلك على لسان رئيس الهيئة مستشار الأمن الوطني العراقي فالح الفياض الذي وصف في حديث إذاعي أدلى به الثلاثاء كلام الأسدي بغير الدقيق، قائلا إن الحشد في بداية عمله كان يستعين بالكثير من الخبرات لكنه حاليا أصبح مؤسسة عسكرية متقدمة ليست في حاجة للدعم.