اجتماع القاهرة تنسيق عربي مشترك قبل زيارة الوفد الأميركي

يمثّل الاجتماع الثاني لوزراء خارجية مصر والأردن والسلطة الفلسطينية مناسبة لمتابعة تطورات الملف الفلسطيني وبحث سبل دعم القضية. كما يكتسب اللقاء أهمية، إذ يسبق زيارة مرتقبة لوفد أميركي رفيع إلى المنطقة العربية الأسبوع القادم في مسعى لدفع عملية السلام.
الأحد 2017/08/20
جهود جديدة

القاهرة – يهدف اللقاء الذي شهدته القاهرة، السبت، بين وزراء خارجية مصر سامح شكري والأردن أيمن الصفدي والسلطة الفلسطينية رياض المالكي إلى صياغة موقف عربي موحد إزاء ما سيتم طرحه من جانب الوفد الأميركي الذي يبدأ زيارة إلى المنطقة الخميس المقبل.

وقال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبوزيد، إن اجتماع الوزراء الثلاثة يأتي على ضوء حرص دولهم على تقييم الأوضاع إثر التصعيد الإسرائيلي الأخير في القدس المحتلة، موضحا أن الاجتماع هو الثاني ضمن آلية التنسيق حيث عقد اللقاء الأول في 14 مايو الماضي.

لقاء وزراء الخارجية الثلاثة جاء في ظل متغيرات تؤثر بشكل ملموس على المعادلة والتوازنات بالمنطقة قبيل وصول الوفد الأميركي رفيع المستوى في جولة تشمل مصر والأردن والسعودية والإمارات وقطر.

ويضم الوفد الأميركي غاريد كوشنر، المستشار السياسي للرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجيسون غرينبلات، المبعوث الأميركي لعملية السلام، ودينا باول نائبة مستشار الأمن القومي للشؤون الاستراتيجية.

وترجّح مصادر أن إدارة ترامب ستطرح مسألة فتح المجال أمام استئناف المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية بحثا عن تسوية دائمة. وبحسب تسريبات صحافية تجهّز السلطة الفلسطينية 12 مطلبا لعرضها على الولايات المتحدة كأساس لمفاوضات مستقبلية مع إسرائيل، بناء على اتفاق مسبق في هذا الصدد مع كوشنر.

وأشار مراقبون إلى أن أهداف زيارة الوفد الأميركي تمت صياغتها في بيان للبيت الأبيض عبّر عن أمل واشنطن في “الأمن والازدهار الاقتصادي والسلام”، وهي رؤية تعيد تغليف رؤى إسرائيلية تروج لأن صيغة الحل ينبغي أن تنطلق من معادلة “السلام مقابل السلام” وأن “التعاون الأمني والاقتصادي هو مفتاح الاستقرار”.

ويرى متابعون أن على الجانب العربي إقناع الولايات المتحدة بأن تعيد بلورة موقفها بشكل منصف وموضوعي. وتقول نفس المصادر إن المعادلة التفاوضية يجب أن ترتكز في المقام الأول على قرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام وضرورة التراجع الأميركي عن فكرة حل الدولة الواحدة، مع المطالبة بضغوط أميركية على إسرائيل لتجميد الاستيطان إذا كانت هناك رغبة جادة في سلام حقيقي يساهم في استقرار المنطقة وحماية المصالح الأميركية أيضا.

انغماس قطر في السعي لتقليل خسائرها من مقاطعة الدول الرافضة للإرهاب سوف يساعد في صياغة موقف عربي جديد يتميز بأكثر تماسك وتناغم دعما للمفاوضات الساعية لإيجاد حلول للقضية الفلسطينية

وركز الاجتماع الثلاثي في القاهرة على ضرورة تقديم دعم اقتصادي وإنساني عاجل للضفة الغربية وقطاع غزة، بما يساهم في تهيئة المناخ أمام نجاح الدورة المقبلة لاجتماعات كل من مجلس وزراء الخارجية العرب والجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم. ويجب استثمار الاجتماعات القادمة لحشد أوراق ضغط بالتنسيق مع روسيا والصين، خاصة في حال دخلت المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي إلى نفق مظلم من جديد.

وعقد وزراء خارجية مصر والأردن والسلطة الفلسطينية اجتماعهم الأول بعد 100 يوم تقريبا على لقاء عمان التشاوري الذي استبق جولة أميركية سابقة مماثلة، وهي فترة زمنية واكبتها متغيرات أغلبها إيجابي. وتحدث كوشنر علنا وبعد فترة صمت طويلة عمّا أسماه أولويات العمل الأميركي على الصعيد الفلسطيني في المرحلة المقبلة.

ويضاف إلى ذلك أن الجانب العربي نجح في إدارة أزمة البوابات الإسرائيلية أمام الحرم القدسي. كما وظفت السلطة الفلسطينية إمكانياتها الميدانية في إيقاع سريع مع جهود الدول العربية، وعلى رأسها مصر والأردن والسعودية والإمارات، ما أجبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته على التراجع ونزع البوابات والكاميرات.

وأشار متابعون إلى تطور آخر، وهو أن موسكو أثبتت مجددا أنها راغبة في استمرار دورها في القضية الفلسطينية ولن تتنازل عنه، في رسالة واضحة إلى واشنطن. ولفت مراقبون إلى توافق الرؤية المصرية مع موسكو حيال العديد من الملفات الإقليمية بشكل سمح باتصالات تنسيقية على مستوى وزيري الخارجية المصري والروسي.

وروسيا عضو في الرباعية الدولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا)، ولها تأثير ثقافي وإعلامي مباشر في نحو مليون ناخب إسرائيلي من أصل روسي.

وقال خبراء في الشؤون الدولية لـ”العرب”، إن انغماس قطر في السعي لتقليل خسائرها من مقاطعة الدول الرافضة للإرهاب سوف يساعد أيضا في صياغة موقف عربي أكثر تماسكا وتناغما دعما للمفاوض الفلسطيني.

وعلى الجانب الأردني، أشار الخبراء إلى أن حادث إطلاق حارس السفارة الإسرائيلية في عمان النار على المارة مؤخرا كانت له تداعياته أيضا على المشهد وعلى المعادلة إزاء حكومة نتنياهو وأنصارها داخل الإدارة الأميركية. ولا يزال الشارع الأردني ممتعضا من الحادثة وصب البرلمان غضبه على تل أبيب وعلى الحكومة الأردنية على حد سواء، وهو ما يستدعي المزيد من التركيز والإصرار على تحقيق تقدم في القضية الفلسطينية برعاية أميركية.

وتواردت أنباء عن قرب إفراج إسرائيل عن أسرى أردنيين في سجون الاحتلال. وتحدثت مصادر أردنية عن مطالبات شعبية بضرورة الإفراج السريع عن دفعة منهم (23 أسيرا)، إلى جانب الكشف عن مصير مفقودين (نحو 30 مفقودا أردنيا). وربط خبراء بين التقدم في العلاقات الرسمية المصرية مع إسرائيل والتقدم على المسار الفلسطيني، حيث شهدت العلاقات تراجعا غير مسبوق واكبه إغلاق السفارة الإسرائيلية نهائيا في مصر وسحب السفير، هو ما تكرر بشكل أو بآخر منذ أسابيع مع السفارة الإسرائيلية في الأردن.

ويمثل التقارب المصري مع حماس من مستجدات المعادلة الحالية، إذ يتم حاليا حصد جهود تراكمية قامت بها القاهرة لتحقيق المزيد من الضبط للحدود مع غزة.

وتم تنظيم مظاهرات في القطاع نابذة للإرهاب وداعمة لمصر بشكل مباشر. كما قامت القاهرة بخطوات علنية بشأن تقديم مساعدات إنسانية عاجلة لأهالي غزة والتجهيز للقاءات دورية بين قادة فتح (التيار الإصلاحي الذي يقوه محمد دحلان) وحماس في القاهرة، فضلا عن بحث آليات جديدة لفتح معبر رفح بإيقاع أفضل. كل هذه العوامل تمهّد الطريق لتخفيف ممانعات حماس لأي تحرك متوقع لقطار التسوية.

2