مصريات يستبدلن صالونات التجميل بعيادات الأمراض الجلدية

القاهرة – تحتل منطقة الشرق الأوسط المرتبة الثانية الأسرع نموا في استخدام مستحضرات التجميل في العالم بعد أميركا اللاتينية بمبيعات من المتوقع أن تصل إلى 30 مليار دولار بنهاية عام 2018، وتوضح تلك الإحصائية مستوى الإقبال الذي تحظى به مواد التجميل في البلدان العربية.
وبالنظر إلى أن الظروف الاقتصادية الحالية للعديد من الأسر العربية لا تسمح بذهاب المرأة إلى صالونات التجميل التي رفعت أسعار خدماتها بشكل مبالغ فيه تحت ذريعة أن “كل شيء زادت أسعاره مؤخرا”، فقد لجأت النساء إلى شراء مستحضرات التجميل من المحال لاستخدامها داخل المنازل أملا في الحصول على المظهر الجذاب. وشجّعهن على الشراء إعلانات التخفيضات ومنافسات الأسعار وتقديم عروض لعدد من المستحضرات بسعر مخفض.
وانحرفت محلات كثيرة لبيع منتجات التجميل عن مسارها من استخدام مساحيق التجميل البسيطة إلى مزاولة مهنة الطب بوصفات من اختراعها، ضاربة عرض الحائط بما قد يتسبب ما تقدمه من تقليعات وما تبيعه من كريمات في إصابة النساء بتشوهات.
وبهذا الشكل يتحول الأمل في الحصول على إطلالة جميلة إلى كابوس مزعج لدى الكثيرات، فالوشم والكتابات البسيطة التي قامت فتيات بنقشها على أجسامهن عرّضهن لحساسية في الجلد وتشوهات دائمة وأخرى مؤقتة وحروق من الدرجة الثانية والثالثة في الجلد، حتى باتت عيادات الأمراض الجلدية خلية نحل لا تقل أعداد المتواجدين فيها عن المتراصين في صالونات التجميل هذه الأيام.
عيادات الأمراض الجلدية لا تقل أعداد المتواجدات فيها عن المتراصات داخل صالونات التجميل، حيث تحول الأمل في الحصول على إطلالة جميلة إلى كابوس مزعج لدى الكثيرات
وقالت مي غانم، طالبة بكلية التجارة، إنها ذهبت إلى عيادة الأمراض الجلدية بعدما أصيبت بتقرحات في أجزاء متفرقة بفروة رأسها بسبب صبغة شعر اشترتها من مندوب مبيعات لإحدى الشركات غير المعروفة، إنها تشعر بحزن شديد وهي على تلك الهيئة المزرية بعدما أصابتها مادة “الأكسجين” المضافة إلى الصبغة بتشوهات في أعلى جبينها وفي رأسها.
وأوضحت غانم لـ”العرب” أنها عندما وضعت الخليط على شعرها طبقا للتعليمات المدونة على العبوة من الخارج شعرت بحرارة شديدة في رأسها فهرعت لتغسل شعرها فتساقطت خصلات منه وشعرت بالتهاب شديد وعند الذهاب إلى الطبيب فوجئت بتوبيخه العنيف لها. وأضافت أن الطبيب أخبرها بأن شعرها يحتاج إلى أربعة أشهر على الأقل من العلاج المتواصل حتى يستعيد طبيعته ويتخلص من الآثار السلبية.
وأوضح محمد الحريري استشاري مصري للأمراض الجلدية أن اكتظاظ عيادته هذه الأيام بالفتيات مثّل ظاهرة جديدة وغريبة عليه، وكان الأغرب أن الرجال هم أيضا شاركوا النساء في المجيء إلى العيادة للعلاج من أمراض بكتيرية وفيروسية وفطرية وطفيلية بسبب منتجات التجميل.
وأشار إلى أنه لم يتوصل إلى بلد المنشأ لتلك المنتجات لإبلاغ جهاز حماية المستهلك عنها، فهي مجهولة المصدر ورخيصة السعر وانتشرت في الشهور الأخيرة بالدول العربية، وخاصة مصر، بعد ارتفاع أسعار المستورد منها إلى نسبة 140 بالمئة بسبب زيادة الجمارك، وازداد الإقبال عليها من الفقراء وانضم إليهم أبناء الطبقة المتوسطة.
وأفاد الحريري لـ”العرب” أنه اكتشف بعد تحليل عينات من هذه المنتجات المغشوشة أن المنتجات الخاصة بتغيير اللون، كالحناء والصبغات، تتم إضافة مادة كيميائية إليها بألوان مختلفة تخلط بها، وعندما يتعرض الجلد لتلك المادة يتفاعل معها ويمتلئ بالفقاعات المائية التي تترك آثارا وندوبا حتى بعد علاجها.
وحذر أستاذ الأمراض الجلدية السيدات من استخدام مواد تجميلية ضارة بالصحة لتقشير البشرة أو لمعالجة عيوب عقدة الحاجب، وحتى أدوات الزينة من إسفنج وفراشي تكون كفيلة بنقل بعض الأمراض والتقرحات الفيروسية.
وكانت الظاهرة اللافتة للنظر أن هناك فتيات جئن لعيادة الطبيب مع أسرهن بسبب استخدامهن لحشرة القمل (حشرة طفيلية تتغذى على دماء فروة الرأس). وقالت إحدى الفتيات، رفضت ذكر اسمها، لـ”العرب” إنها تعاني ضعفا في نمو الشعر وتساقطا كثيفا نتيجة لسوء التغذية، وعلمت من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أن حشرة القمل تمتص الدم من فروة الرأس، وهو ما يؤدي إلى تجديد نشاط الخلايا في الفروة بصفة مستمرة ما يزيد من كثافة الشعر.
وأضافت “على الفور توجهت إلى أحد صالونات التجميل لشراء القمل الذي تأخذه الصالونات من رؤوس بعض الفتيات الصغيرات الفقيرات”. وشرحت الفتاة أنها بعد استخدام القمل أصيبت بحكة شديدة ومستمرة وجروح والتهابات في فروة الرأس وانتشرت الالتهابات في الغدد الليمفاوية المجاورة للرأس ثم انتقلت العدوى إلى جميع أفراد الأسرة، فهرولوا إلى الطبيب.
وأكد حسني فتحي موظف مصري بجهاز حماية المستهلك أن الجهاز تلقى العديد من الشكاوى بسبب مستحضرات التجميل المغشوشة والمقلدة.
وصرح فتحي لـ”العرب” أن هناك تكثيفا لحملات الرقابة والتفتيش ضمن منهجية مدروسة تغطي جميع المحال التجارية للتأكد من مدى التزامها بتطبيق اللوائح في بيع تلك المنتجات، بما يتواءم مع متطلبات الصحة والسلامة. وتابع “لكن المشكلة أن تلك المنتجات يتم الترويج لها بعيدا عن الرقابة”.
كاتبة مصرية