إصابة الطفل بالسرطان تؤثر على استقرار الأسرة

القاهرة - تشخيص مرض السرطان عند الطفل يعتبر من أكبر الصدمات التي يمكن أن يتعرض لها الوالدان، فقد يذهب الأب والأم إلى الطبيب بسبب شكوى الطفل من وجع في منطقة ما ليُفاجآ بتشخيص الطبيب بإصابة الطفل بمرض السرطان، ويقع هذا الخبر عليهما كالصاعقة، ومهما كانت نسبة الشفاء ضئيلة، فإن الأمل يظل حليف الأبوين، خاصة وأن 85 بالمئة من الأطفال يستطيعون الحياة بشكل طبيعي وبصحة جيدة بعد الإصابة بالمرض.
ولا شك أن حياة الطفل تنقلب رأسا على عقب بعد المرض بداية من علاقاته مع أصدقائه وحتى ذهابه إلى مدرسته، حيث يتغيّر روتين حياته اليومية بمجرد إصابته بالمرض.
ووجد الأطباء أن للأسرة دورا كبيرا في تأهيل الطفل للتعامل بشكل صحيح مع المرض دون الإصابة بالإحباط والاكتئاب، ويتوقف ذلك على حالة الأسرة نفسها ومدى إيمانها بقضاء الله، فالأسرة التي تساعد الطفل وتتفهمه ولا توجّه له النقد المستمر تسهم في سرعة نسبة شفائه، بالإضافة إلى مساعدة الطفل في الخروج من العزلة والتفاعل الاجتماعي، والخروج مع أصدقائه لرفع الروح المعنوية، بالإضافة إلى دعمه من الناحية النفسية، وتعريفه بأن ما يشعر به من ألم هو أمر طبيعي وسينتهي بعد فترة من العلاج.
وأكد علماء نفس أن إصابة الطفل بالسرطان هي تجربة أسرة بأكملها، حيث أن هذه الحالة المرضية تؤثر على الروتين اليومي للأسرة، بالإضافة إلى تأثير ذلك على علاقة بقية الأبناء مع آبائهم وأمهاتهم ومع شقيقهم المريض، وتأثر العلاقات بين الوالدين كحدوث الانفصال والتوتر، وقد تواجه الأسرة ضغوطاً مادية.
ونبهوا إلى أن تأقلم وتكيّف الوالدين مع حالة مرض ابنهم أو ابنتهم يؤثران إلى حد كبير على استجابة الطفل من الناحية العاطفية والسلوكية وبالتأكيد يؤثران على استجابته للرعاية الصحية الطبية المقدمة له.
الكشف عن الاضطراب العاطفي لدى المرضى، وتقديم الدعم النفسي الاستباقي يمكن أن يكونا فعالين للحد من وطأة المرض
أشاروا إلى أن أولياء الأمور لهم مهمة مزدوجة وذلك بالتحكم بعواطفهم والضغط النفسي الذي تعرضوا له، بالإضافة إلى مساعدة أطفالهم على فهم العادات الجديدة والتكيف معها، والبيئة المحيطة بهم، واتباع متطلبات العلاج الطبي.
وبيّنوا أن المرضى وأسرهم يحتاجون إلى المزيد من الدعم النفسي والاجتماعي، حيث وجدت العديد من الدراسات أن الكشف عن الاضطراب العاطفي لدى المرضى، وتقديم الدعم النفسي الاستباقي والبعض من التدخلات النفسية، يمكن أن تكون فعّالة للحد من وطأة المرض، وتؤدي لتعزيز مهارات التأقلم الصحية، ومنع النتائج السلبية النفسية، وأعراض الإجهاد الطبية لدى الأطفال المصابين بالسرطان وأسرهم.
وعن تأثير المرض على الحالة النفسية للطفل، يقول الدكتور أحمد سعيد، استشاري الطب النفسي "التعامل مع مرض السرطان يختلف حسب عمر الطفل ومرحلة التطور المعرفي والعاطفي، ففي مرحلة الطفولة يدرك الطفل إلى حد ما المرض والوفاة بشكل محدود، فينصب تفكيره على الأمور الملموسة، فمفهوم المرض قد يكون مربكا بالنسبة إليه بسبب شعوره المستمر بالألم وتناوله للأدوية التي تؤثر على شكله واحتجازه في المستشفى وانعزاله عن العالم المحيط به.
وأضاف “لكن إذا كان في مرحلة المراهقة فيكون أكثر إدراكا للمرض، فالقبول الاجتماعي قد يسيطر على المراهق حتى مع شدة المرض، وقد تكون ردة فعله سلبية ويرفض الامتثال للعلاج بسبب إحساسه بالاستقلال وعدم رغبته في سيطرة المرض عليه وعلى كل تفاصيل حياته، لذلك يجب على الأسرة أن تكون أكثر احتواء للطفل وعدم إظهار الحالة النفسية السيئة له، ومحاولة عدم إحساسه بأنه انقطع عن التعليم وعن أصدقائه بل محاولة تعليمه في المنزل وتوفير كافة الأنشطة المحببة له حتى لا يؤثر المرض بشكل سلبي على نفسية الطفل".
ومن جانبها أوضحت أسماء عبدالعظيم، أخصائية العلاج النفسي، أن مرض السرطان تنتج عنه آلام جسدية ونفسية تنعكس على حالة المريض وأسرته، بسبب ارتباط هذا المرض بالموت والمعاناة الشديدة التي يتعرض لها المريض، فهو بمثابة الشبح الذي يهدد حياة المريض بمجرد معرفته بالمرض لأنه يعلم أن مصيره الموت.
وأشارت إلى أن هذا الاعتقاد خاطئ لأن مرض السرطان مثله مثل أي مرض آخر يختبر قدرة الشخص على الصبر والمواجهة وتحدي المرض، وتتواصل الحياة باستمرار الأهداف التي يحيا من اجلها الإنسان، مؤكدة أن الضغوط النفسية والاكتئاب الذي يتعرض له الفرد يضعفان الجهاز المناعي في الجسم ويصبح أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.
ولفتت عبدالعظيم إلى أهمية تحفيز الطفل على المثول للعلاج من خلال الأسرة والأشخاص المقربين له، وبث روح الأمل في الشفاء، لأن ارتفاع الأمل عند المريض يقلل من شعوره بالألم، كذلك حث الأطفال على اللعب وممارسة الهوايات التي يفضلونها وعدم انقطاعهم عن التعليم، لأن ذلك يؤثر بشكل سلبي على حالتهم النفسية، ومن شأنه أن يقلل من الشعور باليأس ومن شدة الألم الذي يعانون منه، مما يؤدي إلى زيادة نسبة الشفاء ويقوي الطفل على تحمّل الألم.
وأكدت على أهمية عدم إظهار الوالدين لمشاعر الحزن والأسى التي تنتابهما جرّاء إصابة ابنهما بالسرطان، لأن ذلك يزيد من الإحساس بالألم وتزداد الحالة سوءا، وعدم الضعف أمام صرخات الطفل وشكواه من الوجع، وبث الأمل والصبر في نفسه.
وأشارت الأخصائية النفسية إلى أهمية عرض الأطفال ومتابعتهم لدى متخصص نفسي لأن الإصابة بالمرض تؤثر على نفسية الشخص المصاب لا محالة.