العدسة ترصد الحدث في اعتداء لندن

لندن - استخدم هجوم لندن الأربعاء 22 مارس أحد أحدث التكتيكات الإرهابية المفضلة الجديدة: دهس الحشود بالسيارة.
يقول خبراء إن الحادث الأخير ينضم إلى سلسلة من الهجمات التي تتسم بأسلوب عمل جديد يشمل استخدام أدوات بسيطة ومتاحة في الحياة اليومية لتنفيذ هجمات إرهابية في مناطق من المضمون أنها تجذب الانتباه العالمي.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن فرانك فولي، وهو باحث في شؤون الإرهاب بقسم دراسات الحرب في كلية كينجز لندن قوله “يحرص الإرهابيون على أن يشاهد الكثير من الناس هجومهم الإرهابي، ربما يكون ذلك أقوى من قتل العديد من الأشخاص”.
ويضيف فولي “يبدو أن هؤلاء الأشخاص اختاروا استخدام أسلحة بدائية نسبيا، لكنهم هاجموا أهدافا بارزة للغاية: البرلمان وجسر ويستمنستر، لذا انتشرت أنباء الهجوم عبر وسائل الإعلام على الفور. ستواصل كل محطة تلفزيونية في أوروبا وأميركا تغطية هذا الحادث أسبوعا”.
التكتيك ليس جديدا ففي عام 2010، حث فرع تنظيم القاعدة في اليمن على استخدام الشاحنات كسلاح. نشرت مجلة “إلهام”، وهي المجلة الرسمية لتنظيم القاعدة، مقالا بعنوان “آلة السحق المثالية”، يدعو فيه التنظيم أتباعه إلى استخدام الشاحنة “كآلة سحق، ليس لجز العشب بل لإبادة أعداء الله”.
وشمل المقال المكون من ثلاث صفحات إرشادات حول كيفية إحداث أكبر عدد ممكن من الضحايا، وإرشادات بشأن أفضل السيارات لاستخدامها، وصورة لموكب احتفال عيد الشكر الأميركي، واصفا إياه بـ”الهدف الممتاز”.
وفي مقطع فيديو نشر في 2014، قال أبومحمد العدناني المتحدث باسم تنظيم داعش لمستمعيه “إذا لم تتمكن من العثور على عبوات ناسفة أو طلقات رصاص، عليك بانتقاء أي أميركي أو فرنسي مشرك أو أي من حلفائهم. حطم رأسه باستخدام حجر، اذبحه بسكين، ادهسه بسيارة، أو ألق به من فوق مبنى مرتفع، أو اخنقه”.
وفي إصدار شهر نوفمبر من مجلة “رومية” التابعة لتنظيم داعش، أثنى التنظيم على مزايا استخدام الشاحنات الكبيرة لإحداث “حمام دم”.
نابليون بونابرت: (في الحرب يجب الخوف من أربع صحف معادية أكثر من ألف حربة)
وقال مسؤول أمني أوروبي “لقد وصلنا إلى مرحلة تريد فيها الجماعات الإرهابية خلق مناخ يمكنها من استهداف أي شخص في أي مكان وباستخدام أي وسيلة. تنشر مقاطع الفيديو والرسائل التي تُحرض ضد فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية عبر شبكات التواصل الاجتماعي المختلفة، وفحوى هذه الرسائل هو “استخدم أي وسيلة ممكنة للقتل، حتى السيارات”.
بالمقابل نشرت مجلة “بوليتكو” مقالا مشتركا لكل من الباحثة في جامعة هارفارد باولا جي دوبريانسكي، ومؤسس منظمة “ميديا أبرود” أرون لوبيل، تساءلا فيه كيف يمكن أن يساعد التلفاز في محاربة تنظيم داعش؟
وتلفت المجلة إلى مقولة نابليون بونابرت “في الحرب يجب الخوف من أربع صحف معادية أكثر من ألف حربة”، مشيرة إلى أن المتطرفين يفهمون الحقيقة المتواصلة لهذا القول المأثور، لهذا فإنهم يكرسون الكثير من الطاقات والمصادر والاستراتيجيات الاتصالية لاستغلال المنابر الإعلامية القديمة والحديثة كلها.
ويقول الكاتبان إن هناك أكثر من 120 محطة تلفزيونية متطرفة وطائفية في الشرق الأوسط تقوم بتلقين وتحريض العشرات من الملايين المشاهدين. وتطرق الكاتبان إلى تصريحات ولي عهد مملكة البحرين الأمير سلمان بن حمد آل خليفة التي أشار فيها إلى التطرف السني والشيعي قائلا “القنوات الفضائية التي ليست متاحة للمشاهد الغربي وليست خاضعة لقيوده أو تعليماته تقوم بترك أثر أكبر من الإنترنت، وتقوم باستمرار ببث رسالة من عدم التسامح والسموم للجهلة وسريعي التأثر”.
ويضيف الكاتبان “من حسن الحظ فإن معظم القنوات التلفزيونية التي تحظى بشعبية يقودها أشخاص من أصحاب الرؤية، الذين يدركون أن الرد الأفضل على التطرف هو البرامج التي تقوم بإلهام وتقوية المشاهدين الذين تكون غالبيتهم من الشباب”.
وتنوه المجلة بما قدمته محطة “أم بي سي” السعودية في شهر رمضان الماضي، حيث بثت مسلسلا كوميديا معاديا للمتشددين اسمه “سيلفي”، الذي أدى فيه الممثل السعودي ناصر القصبي الدور الرئيسي، بالإضافة إلى أنه مثل في المسلسل الكوميدي الآخر “طاش ما طاش”.
في إصدار شهر نوفمبر من مجلة “رومية” التابعة لتنظيم داعش، أثنى التنظيم على مزايا استخدام الشاحنات الكبيرة لإحداث (حمام دم)
ويقول الكاتبان “يريد الملايين من المشاهدين في الشرق الأوسط برامج كهذه؛ دراما تحتوي على متعة وتعكس الوقائع المنظورة الدرامية والثقافية، ويمكنها التنافس مع البرامج التلفزيونية في مناطق أخرى من العالم، ولسوء الحظ تظل مسلسلات مثل ‘سيلفي’ الاستثناء وليست القاعدة، ففي منطقة تتراجع فيها أسعار النفط، وتواجه عددا من الحروب، فإن الإعلانات التلفزيونية ليست مربحة، ولهذا لا تستطيع القنوات التلفزيونية تطوير الكتّاب، ومن ثمة يحرم المنتجون والمخرجون من فرص جديدة”.
وتبين المجلة أن “مجتمع الكتابة والإنتاج الإبداعي طلب مساعدة الولايات المتحدة لمعالجة هذا النقص، حيث يحتاج هذا القطاع إلى الإشراف ليستطيع تطوير القصص ومهارات كتابة النصوص التي تجعل من البرامج الأميركية ناجحة، ويريد تطوير برامج تلفزيونية وأفلاما ذات إيقاع جيد ودراما جيدة، ويريد معرفة ما يمكن أن يقدمه مجتمع الكتابة الإبداعية الأميركي”. ويجد الكاتبان أنه “يمكن للولايات المتحدة المساعدة في هذا الأمر ليكون باستطاعة الكتاب الإبداعيين في المنطقة إنتاج برامج عالية التقنية، والهدف هو غمر المنطقة ببرامج أصلية وعالية التقنية باللغة العربية، بالإضافة إلى برامج ترفيهية تلهم وتعزز من نقل القيم التي تجعل من منطقة الشرق الأوسط مكانا أكثر تسامحا ومنفتحا وأكثر أمانا”.
وتؤكد المجلة أن “هذا الأمر ليس مهمة الولايات المتحدة لكنها يمكن أن تقدم المساعدة”.
ويخلص الكاتبان إلى القول إن الولايات المتحدة لديها القدرة التي لا تتوفر لأحد من ناحية كتابة قصص وإنتاج أفلام تلهم قطاعات المجتمع المتنوع وتوحدها.