غموض يصاحب مشاركة اتحاد الشغل في الانتخابات المحلية

تونس - لم يتخذ الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية) أي قرار رسمي بخصوص ملفّ الانتخابات البلدية (المحلية) والصيغة التي سيشارك بها إن قرر ذلك، رغم بدء عملية قبول قوائم المرشحين لهذه الانتخابات الأولى في تونس منذ العام 2011 الخميس الماضي والتي ستتواصل إلى غاية الثاني والعشرين من الشهر
الجاري.
وكان الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل أنور بن قدور دعا في بيان “من أجل مشاركة فاعلة للنقابيين في الانتخابات البلدية المقبلة” الترشح للانتخابات وفق انتماءاتهم السياسية أو ضمن قوائم مستقلّة في ظلّ احترام الدستور ومبادئ الاتحاد العام التونسي للشغل.
وقال الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل بوعلي المباركي لـ”العرب” إن “المنظمة الشغيلة ما زالت لم تحدد موقفها الرسمي من الانتخابات المحلية القادمة”.
ورغم أن صيغة مشاركة المنظمة في الانتخابات تبدو غير واضحة بين اتجاهها نحو دعم قوائم انتخابية بعينها أو الدخول بقوائم باسم الاتحاد العام التونسي للشغل، إلا أن المباركي حسم موقف الاتحاد قائلا “لن ندعم أي قائمة وسنحافظ على نفس المسافة بين جميع القوائم التي ستخوض الاستحقاق الانتخابي المقبل”.
في المقابل اعتبر المباركي أن للنقابين المتواجدين في مختلف المحافظات حرية الترشح عبر قوائم مستقلة وبصفة فردية . وأكد دعم الاتحاد لأول انتخابات بلدية تعددية تعيشها تونس منذ إسقاط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي.
ودعا المباركي النقابيين ومختلف أفراد الشعب للمشاركة بكثافة في هذه المحطة المهمة من مسيرة الانتقال الديمقراطي بالبلاد، معبرا عن أمله في أن “تحقق الانتخابات نجاحا يعكس صورة إيجابية عن التجربة الديمقراطية التونسية على مستوى محلي ودولي”.
ورغم أن اتحاد الشغل يحظى منذ تأسيسه بدعم شعبي وبثقة مؤيديه من العمال حيث لعب دورا بارزا في إدارة أزمات البلاد، إلا أنه لم يشارك في أية انتخابات باستثناء مرات قليلة عقب الاستقلال إلى جانب الحزب الحر الدستوري التونسي الذي كان الحزب الحاكم في البلاد حينئذ.
ويتمتع الاتحاد بكل الإمكانيات التي تسمح له بدخول المعركة الانتخابية بقوة؛ فإضافة إلى الدعم الشعبي ورصيده النضالي يمتلك مكاتب محلية وجهوية في كل مناطق البلاد كما ينضوي تحت لوائه قرابة 800 ألف عامل.
ويقر مراقبون بثقل الاتحاد كلاعب له وزنه في المشهد السياسي والاجتماعي بالبلاد أمام ضعف وتراجع أداء الأحزاب الحاكمة، لكنهم يستبعدون مشاركته في الانتخابات القادمة.
وقال المحلل السياسي خالد عبيد لـ”العرب” “أعتقد أن الاتحاد لن يشارك في الانتخابات المحلية، هذا أمر شبه محسوم”.
واستدرك بقوله “لكن بالتأكيد ستكون هناك قوائم سيدعمها الاتحاد دون أن يعلن عن ذلك رسميا. وربما ستكون هناك قوائم سيزكيها بشكل معلن”.
وأشار عبيد إلى أن هاجس الاتحاد هو الوضع في البلاد والأزمة الاقتصادية التي تعيشها تونس منذ سبع سنوات واهتمامه بالملفات الاجتماعية ومشاغل النقابات. كما استبعد عبيد أن يدعم الاتحاد أي حزب سياسي قائلا “لا أعتقد أن الاتحاد سيزكي أي حزب من الأحزاب مهما كان موقعه معارضا أو في الحكم”.
ويشير المراقبون إلى أن الاتحاد على مدى مسيرته لم يشارك في الانتخابات بصفة مباشرة بل اختار أن يدعم القوائم المستقلة أو الشخصيات النقابية التي تخوض الانتخابات بصفة فردية وليس تحت راية الاتحاد.
ولفت مصطفى عبدالكبير النقابي والنشاط الحقوقي في تصريحات لـ”العرب” إلى أن “الاتحاد لا يريد خوض غمار الانتخابات لأنه ليس حزبا سياسيا بل هو حاضنة شعبية للجميع”.
وتابع “الاتحاد لن يشارك في الانتخابات المحلية لأنه اختار أن يكون قوة رقابية”، متوقعا أن “يدعم بعض الشخصيات والقوائم المستقلة”.
ومثلت القوائم المستقلة نحو 30 بالمئة من القوائم الحزبية موزعة على غالبية الدوائر البالغ عددها 350 دائرة منذ فتح باب الترشحات، وهي ظاهرة تحدث لأول مرة في الاستحقاقات الانتخابية في البلاد.
وأشار عبدالكبير إلى أنه “معنويا سيحاول الاتحاد دعم بعض النقابيين في الانتخابات لكن ليس باسم المنظمة”. وفسر ذلك “بوعي الاتحاد بضرورة تحييد المنظمة عن العملية الانتخابية”.