خرافة الفكر المريض
هل بإمكان ثقافة معينة أو أشخاص يمثلونها الهيمنة على مختلف الثقافات الأخرى؟ ألا تتعارض فكرة الهيمنة الثقافية مع الثراء الثقافي والحضاري المنشود في عالمنا المعاصر؟ هل تتغذّى فكرة الهيمنة على أفكار استعمارية سابقة وتعود بحلل معاصرة كل مرة؟ هل هي من رواسب الفكر الأحادي الذي يرى في الآخر عدوا أم هي نتاج طبيعي للتقدم التكنولوجي والقوة الاقتصادية؟ مَن هذا الذي يفكر بهذه الطريقة المهينة للذات والآخر؟
يمضي الساعي إلى الهيمنة على الآخر بتسييد آرائه وهويته وثقافته في درب الحط من شأن المختلفين معه، ويرى فيهم خطرا على وجوده نفسه، وتراه من خلال إمعانه في الإعلاء من شأن ثقافته يجد في ثقافات الآخرين علامات على التخلف، وربما يفترض أنها لابد أن تقهر حاضرها وتاريخها وتحاول اللحاق به من خلال التماهي مع ثقافته وتوجهاته ورؤاه التي يفرضها، والتي يعدها أساسا لأي تقدم منشود من وجهة نظره.
يتوهم أنصار النظرة الاستعلائية المتمثلة بإدامة التحكم بالآخرين، والعودة إلى الاحتلال والاستعمار بصيغ جديدة تناسب اختلاف الأزمنة بين الماضي والحاضر، أن بالإمكان تأبيد الهيمنة الشاملة، تلك التي تكون في مختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، وتكون الهيمنة الثقافية ممهدة لجوانب الهيمنة الأخرى ومتخللة مختلف مراحل البحث عن التحكم والسيطرة.
المفكر البريطاني جاك غودي الذي حاول تعرية النظرة الفوقية التي تسود في الغرب، والشعور بالتفوق على الآخر المتمثل بالشرق والمجسد له، وكيف أن تلك النظرة تمهد للهيمنة وتبرر لها وتختلق الأعذار لتجديدها بمختلف السبل، وهي نظرة منطلقة من نزعة يتداخل فيها الشك وعدم الثقة بالذات والآخر والتاريخ والمستقبل، لأن اتخاذ استعداء الآخر سبيلا للتعاطي بفوقية والتهيئة للهيمنة وتبرير الإجرام اللاحق يحمل في طياته كثيرا من الخرافات التي لا تناسب روح العصر.
لا يخفى أن أي توجه ينطلق من فكرة السعي إلى الهيمنة على الآخر، وتهميش شخصيته وثقافته وهويته، يحمل نقيضه في ذاته، ذلك أن الفكر الحر لا يقصي الآخر، بل يسعى إلى التكامل معه لبلورة هوية عالمية تتجاوز قيود الأنا الاستعلائية، وتصوغ من خلاله ثقافة تغتني بالتنوع ولا ترتكن إلى قيود الأحادية المنغلقة على ذاتها، تلك التي تحمل لعنة تدميرها الذاتي في بنيتها الإقصائية.
يحمل التفكير بالهيمنة جوانب مختلفة متشعبة من الإهانات التي تلقى على أبناء الثقافات المختلفة عن ثقافة المفترض في نفسه الزعامة والسيادة والقوة، ويكون مسعاه المدفوع بوهم فائض القوة معبرا له إلى تأمل احتكار التقدم في كيانه، من دون النظر إلى التنوع الهوياتي والثقافي الذي يسم مجتمعه نفسه، والذي تغير وخرج من قيود الأحادية إلى رحابة التنوع والاختلاف، رغما عن إرادة المسجون بأوهام الفرادة والعظمة والهيمنة.
مسقط - افتتح النادي الثقافي العماني الأحد ملتقى السينما الثاني “سينما الطفولة”، ويهدف الملتقى إلى نشر الثقافة السينمائية الجادة وتقديم تجارب سينمائية تغير من مفهوم أن السينما هي شيء استهلاكي أو مادة للتسلية.
وعلى مدى أربعة أيام خلال فترات صباحية ومسائية يقدم الملتقى أفلاما سينمائية جادة تتناول قضايا مختلفة مثل موضوع التفرقة العنصرية ضد الأطفال وغيره. إذ يعرض أفلاما عالمية مثل فيلم skin والفيلم الإيراني separtation من إخراج أصغر فرهاوي الذي يناقش نتائج انهيار الحياة الزوجية على الأطفال وما يسببه لهم من إحباطات الحياة وقد حصل على الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي.
وسيستضيف الملتقى المخرج التونسي أنس الأسود المتخصص في سينما الطفولة وسيقدم أربعة أفلام روائية قصيرة عن الطفولة.
أما اليوم الأخير من الملتقى فهو مخصص للسينما العمانية حيث سيتم الاحتفاء بالمخرجين السينمائيين العمانيين الشباب من خلال عرض أفلامهم الروائية القصيرة وثيمتها الأساسية الطفولة.