حزب المسار يتمسك بالحكومة ويدعو إلى تطوير وثيقة قرطاج

موزاة مع المزيد من تفكك الحزام السياسي الداعم لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد في تونس إثر انسحاب أحزاب من وثيقة قرطاج، يعيش حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، وهو حزب يساري من بين الموقعين على الوثيقة، على وقع خلافات كبيرة شقت صفوفه بشأن البقاء في الحكومة.
الأربعاء 2018/02/14
باق في الحكومة

حسم حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي موقفه من حكومة الوحدة الوطنية بتأكيده بقاءه ضمن تركيبتها وتمسكه باتفاق قرطاج، الذي تضمن منذ توقيع 3 منظمات وطنية و9 أحزاب في 2016 عليه أولويات عمل حكومة يوسف الشاهد.

وتعالت في الساحة السياسية التونسية في الفترة الأخيرة موجة انتقادات موجهة لحزب المسار الديمقراطي الاجتماعي بسبب تمسك جزء من قياداته، وفي مقدمتهم أمينه العام ووزير الزراعة سمير الطيب، بمواصلة التجربة ضمن حكومة الشاهد.

وقالت سلمى بكار القيادية بحزب المسار والنائبة عن الحزب بالمجلس الوطني التأسيسي، في حديث مع “العرب”، “بعد عقد عدة اجتماعات للمكتب السياسي للحزب قررنا البقاء في حكومة الوحدة الوطنية للمحافظة على الاستقرار السياسي في البلاد وهو أهم سبب حتم علينا اتخاذ هذا القرار في الوقت الراهن الذي لا توجد فيه بدائل أخرى كثيرة ممكنة”. وشددت بكار على أنه رغم وجود خلافات كبيرة صلب قيادات الحزب لدى اتخاذ القرار النهائي بالبقاء في الحكومة، فإن الحزب فضل مواصلة خوض تجربة الحكم من باب المسؤولية السياسية وليس من أجل التموقع. وأكدت أن من أهم الأشياء التي تم الإجماع عليها بشكل شبه كلي خلال مداولات المكتب السياسي هو تقييم عمل حكومة الشاهد التي تميزت ببطء كبير في تنفيذ أهم الأولويات المتفق عليها.

وشارك حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي، أحد أعرق الأحزاب في تونس، لأول مرة في تاريخه في الحكومة عقب طرح الرئيس الباجي قائد السبسي لمبادرة حكومة الوحدة الوطنية.

ومنذ تقلده لهذا المنصب واجه الطيب العديد من الانتقادات ومن أبرزها ارتداده على مواقفه التي تميز بها خلال فترة حكم “الترويكا”، التي قادتها حركة النهضة، خصوصا أنه عرف بمعاداته للنهضة ولتيار الإسلام السياسي بصفة عامة.

وجوبهت وثيقة أولويات الحكومة التونسية أو ما يعرف بوثيقة قرطاج منذ التوقيع عليها في العام 2016 بعدة انتقادات كان مأتاها الأحزاب الموقعة عليها قبل المعارضة لها عبر توصيفها بـ”الفضفاضة”.

وعلقت سلمى بكار على هذه الانتقادات بقولها “الجميع يعلم منذ البداية أن اتفاق قرطاج لا يتضمن سوى الملامح العامة للعمل الحكومي”، مضيفة أن المشكلة تتعلق أساسا بعدم تطبيق أهم بنودها وخاصة البعد الاقتصادي والاجتماعي. ودعت النائبة السابقة بالمجلس التأسيسي إلى ضرورة تطوير الوثيقة لكسب الرهانات الاقتصادية والاجتماعية عبر وضع آليات لمراقبة تنفيذ بنودها ولضمان الحوكمة الرشيدة والتشريك الفعلي لكل الأطراف الموقعة عليها. وشددت بكار على أن الحكومة لم تتقدم كثيرا في كل ما تنص عليه وثيقة قرطاج وأن أهم شيء تحقق هو تحسن الوضع الأمني في البلاد مقارنة بما كانت عليه في سنتي 2014 و2015.

ومع تشتت الأحزاب المساندة لحكومة الشاهد، تتداول الكواليس السياسية فرضية الإعداد لوثيقة “قرطاج2” من قبل رئيس الجمهورية باتفاق مع المنظمات والأحزاب الموقعة على مبادرة حكومة الوحدة الوطنية.

 

سلمى بكار: الحرب على الفساد لم تحقق تقدما كبيرا بسبب ضغوط حزبي الحكم النداء والنهضة على رئيس الحكومة

وعلقت سلمى بكار على هذه الفرضية قائلة “نحن مع تطوير وثيقة قرطاج لكن يبقى الأهم بالنسبة لنا هو التقدم في إنجاز البنود المنصوص عليها منذ العام 2016 وعدم الالتفاف على كل الاتفاقات السابقة”.

وحول ما إذا كان الحزب قد رفع كل هذه التحفظات إلى رئيس الجمهورية، قالت سلمى بكار “كل مواقفنا وتصوراتنا نبلغها في بيانات للرأي العام وليس لأي طرف آخر”.

ومازال تمسك حزب المسار بالبقاء في حكومة يقودها نداء تونس وحركة النهضة الإسلامية يسيل الكثير من الحبر في الأوساط السياسية والإعلامية، باعتبار أن الحزب كان من أهم الأطراف الناقدة في وقت ليس بالبعيد لسياسات وتوجهات حركة النهضة منذ أن أمسكت بالحكم في العام 2011.

وأكدت بكار أن المسار لم يدخل الحكومة من أجل التموقع أو التنكر لأدبيات الحزب سليل الحزب الشيوعي التونسي، بل إن انخراطه في مبادرة رئيس الجمهورية كان من باب المسؤولية السياسية ولضمان استقرار البلاد.

وانتقدت القيادية بحزب المسار ما آلت إليه الحرب على الفساد التي أطلقها الشاهد منذ مطلع العام 2017، قائلة “لم نر تقدما كبيرا في هذا الملف الهام بسبب العديد من الضغوط التي يسلطها حزبا الحكم نداء تونس والنهضة على رئيس الحكومة”.

وأبرزت أن من بين الملفات التي تمثل خطرا على الديمقراطية عدم تضمين تحييد الإدارة ضمن وثيقة قرطاج “من العيب أن توظف أحزاب الحكم الإدارة والوزراء لخدمة أغراض سياسية للفوز بالانتخابات البلدية”. ودعت إلى تفادي إقحام مؤسسات الدولة في المعارك الانتخابية ومراجعة التعيينات الحزبية غير المبنية على مقياس الكفاءة.

وفي تعليقها على الجدل الذي أثاره تصريح رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي “من يعتبر أن النهضة ليست حزبا سياسيا يراهن على الحرب الأهلية”، قالت سلمى بكار “إن مثل هذا الكلام غير مسؤول ويؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الغنوشي وحركته مذعوران ومتخوفان”. وأكدت أن تصريح الغنوشي فيه مس بأحد أهم مكتسبات ثورة يناير 2011 ومبادئ دستور الجمهورية الثانية المصادق عليه في العام 2014 وهو حرية التعبير، محذرة من عودة الخطب التحريضية التي قد تغرق البلاد مجددا في الفوضى. ورجحت بكار أن يكون تصريح الغنوشي متعمدا بقصد العودة بالبلاد إلى الوراء وخصوصا إلى كل الممارسات الغريبة على تونس والتي عاشتها إبان حكم الترويكا في أعوام 2011 و2012 و2013.

وحول الأزمة التي يعيش على وقعها حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي عقب انسحاب القيادي جنيدي عبدالجواد من الأمانة الوطنية للحزب ومن خطة منسق له، قالت سلمى بكار “هذا الانسحاب نابع أساسا من موقف عبدالجواد وهو أحد أهم القيادات التاريخية للحزب والرافض لمواصلة المشاركة في حكومة الوحدة الوطنية ووثيقة اتفاق قرطاج”. وأكدت أن جنيدي عبدالجواد “لم ينسحب من الحزب وهو يواصل النضال صلب هياكله ولكنه فضل التخلي عن مسؤوليته فقط”. وشددت على أن الحزب سيجتمع لاحقا للنظر في من سيعوض جنيدي عبدالجواد في منصبه، مؤكدة “المسار حزب ديمقراطي ودأب منذ تأسيسه على صراع الأفكار والمواقف في كنف الاحترام”.

4