7 أكتوبر 2023 - 7 أكتوبر 2024: كل الأطراف تقول الكلام نفسه

تكرار مفردات التصعيد يوحي باستمرار الحرب وغياب أي استعداد للمراجعة والوصول إلى أرضية تُنجح مسار التفاوض لوقف الحرب.
الثلاثاء 2024/10/08
التوتر يخيم على المنطقة

لندن – بعد مرور عام على هجوم السابع من أكتوبر 2023 الذي نفذته حركة حماس على جنوب إسرائيل، تردد مختلف الأطراف المتداخلة في الصراع المواقف نفسها دون أي تغيير، وهو ما يوحي باستمرار الحرب في غياب أي استعداد للمراجعة أو التعديل والوصول إلى أرضية تُنجح المسار التفاوضي لوقف الحرب.

ويردد مسؤولو حماس المفردات نفسها التي تم استعمالها لتبرير الهجوم والدفع نحو توسيع دائرة الصراع؛ حيث دعا خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس في الخارج، إلى فتح “جبهات مقاومة إضافية” ضد إسرائيل، معتبرا أن الأمر ليس مهمة حماس والفلسطينيين فقط وإنما هو مهمة “الأمة”.

وأكد أبوعبيدة المتحدث باسم كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أن “قرارنا وخيارنا هو الاستمرار في المواجهة في معركة استنزاف للعدو طويلة وممتدة ومؤلمة ومكلفة له بشدة، طالما أصرّ العدو على استمرار العدوان والحرب”.

جزء من مكابرة حزب الله اللبناني وهروبه إلى الأمام، يعود إلى تمسكه بلعب دور متقدم في أجندة إيران بالمنطقة

وفي مقابل هروب حماس باتجاه خلط الأوراق، وعدم مراعاة معاناة سكان غزة، تستمر سلطة الرئيس محمود عباس في سلبيتها وافتقادها إلى المبادرة وتفكر فقط في كيفية استثمار الحرب لصالحها بأن يتم الاعتراف بها كسلطة أمر واقع في الضفة وغزة، والتركيز على حل الدولتين بدلا من التحرك لوضع حد لمعاناة القطاع بالضغط على حماس عن طريق حراك فلسطيني داخلي.

والسلطة، التي تبحث عن اعتراف خارجي، لا تمتلك دورا فعالا في الساحة الفلسطينية وخسرت شعبيتها لصالح حماس مثلما كشفت عن ذلك تظاهرة الاثنين في رام الله، عاصمة سلطة عباس، والتي رفعت فيها أعلام حماس وحزب الله وصور حسن نصرالله وشعارات تمجد ما يقوم به الحوثيون.

وفي إسرائيل تتشابه تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مع تصريحات بقية الوزراء في الدفع نحو التصعيد واستمرار الحرب كخيار وحيد لأمن إسرائيل بقطع النظر عما تخلفه الهجمات الإسرائيلية في غزة أو لبنان من دمار كبير، ومن ردود فعل دولية.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الاثنين إن الحرب التي تشنها إسرائيل حاليا تغيّر “الواقع الأمني” في المنطقة لضمان عدم تكرار هجوم مثل هجوم السابع من أكتوبر.

ونقل بيان عن نتنياهو قوله في اجتماع لمجلس الوزراء “نحن نقوم بتغيير الواقع الأمني في منطقتنا؛ من أجل أطفالنا، ومن أجل مستقبلنا، لضمان عدم تكرار ما حدث في السابع من أكتوبر”.

وأكد وزير الدفاع يوآف غالانت “أننا ملتزمون بحزم بمواصلة اتخاذ كل التدابير الضرورية للانتصار على أعدائنا والدفاع عن بلادنا”.

oo

وفي لبنان يواصل حزب الله الحديث عن حرب “إسناد غزة” بالرغم من الخسائر الجسيمة التي جرها عليه هذا الخيار من خلال تصفية أبرز قياداته العسكرية والسياسية ودفع حاضنته الشعبية إلى مواجهة مسار صعب عبر تدمير البنايات وتشريد مئات الآلاف داخل لبنان وخارجه، مع ما يشكله هذا الوضع من مخاطر على صورة الحزب.

وقال الحزب إنه سيواصل “صدّ العدوان” الإسرائيلي، رغم “الأثمان الباهظة” التي يتكبّدها، واصفا إسرائيل بأنها “غدة سرطانية” في المنطقة “لا بدّ من إزالتها ولو طال الزمن”.

وأورد الحزب في بيان أن “قرار حزب الله فتح جبهة الإسناد… هو قرار بالدفاع عن لبنان وشعبه دفعت فيه مقاومتنا وشعبنا أثمانا باهظة”.

ويعود جزء من مكابرة الحزب وهروبه إلى الأمام، بالرغم من الضربات الإسرائيلية، إلى تمسكه بلعب دور متقدم في أجندة إيران بالمنطقة. وهذه الأجندة، التي تخوض المعارك عن بعد بواسطة الحلفاء، تعرضت لهزات كبيرة، لكن إيران تحتفي بذكرى هجوم حماس رغم نكباتها الإستراتيجية.

وأشادت طهران بهجوم السابع من أكتوبر 2023، ووصفته بأنه “نقطة تحول تاريخية” في الكفاح الفلسطيني ضد إسرائيل، وفقا لبيان أصدرته وزارة الخارجية الاثنين.

وقطر، التي احتضنت قادة حماس وتقدم نفسها كوسيط قريب ولديه تأثير على الحركة، تجد أنها ليست في وضع مريح؛ فهي تريد أن تستمر كوسيط محل ثقة، لكنها تحتج على إشارات إسرائيلية تفيد بأن حكومة نتنياهو لا تثق بدور قطر وتريد أن تنهي الوساطة بعد أن فشلت الدوحة في الضغط على حماس لتقديم تنازلات في مسار الهدنة.

أما مصر فما فتئت تحذر من مخاطر الحرب عليها، وخاصة موضوع اللجوء، وتصور الأمر كما لو أن إسرائيل تريد طرد الفلسطينيين نحو سيناء وتهديد أمن مصر واستقرارها، لكن لا شيء من تلك المخاوف والمخاطر قد حصل رغم أنها الأقرب إلى غزة. كما أن سعيها لإثبات قدرتها على أن تكون الوسيط الأكثر تأثيرا وقربا قد فشل بالرغم من احتضان لقاءات كثيرة.

oo

بدوره، دأب الأردن على إطلاق التحذيرات نفسها التي صدرت عن مصر، مثل التخويف من موجة لجوء جديدة وعدم قدرة المملكة على تحمل أعباء عشرات الآلاف من اللاجئين الجدد بالتزامن مع وجود اللاجئين السوريين. وتريد عمان أن تُشعر الخصوم بأنها في صف مختلف الأطراف؛ فهي تدعم الفلسطينيين في غزة بالرغم من انتقاداتها لحماس، وترعى الثقل الفلسطيني داخل المملكة، وفي الوقت نفسه تُظهر أنها ضد خصوم إسرائيل، وأنها تصدت لصواريخ ومسيّرات إيران، وأفشلت تهريب أسلحة إلى الضفة.

وبالنسبة إلى الغرب الأوروبي فهو يحافظ على موقفه الذي يضع من خلاله رجلا هنا وأخرى هناك؛ ذلك أنه في صف إسرائيل ويدعم حقها في الدفاع عن النفس، لكنه يعارض العنف والتدمير ويحذر من مخاطر توسيع دائرة الحرب. أما الولايات المتحدة فهي ترسل إشارات متناقضة، من ذلك أنها تتحدث عن هدنة ومنع توسيع الحرب وخطره على استقرار الشرق الأوسط، وفي الوقت ذاته ترسل إلى إسرائيل مليارات الدولارات لإنفاقها على الأسلحة.

وأكد الرئيس الأميركي جو بايدن “الالتزام الكامل بأمن إسرائيل”. وكتب “سيذكر التاريخ أيضا يوم 7 أكتوبر باعتباره يوما أسود بالنسبة إلى الفلسطينيين بسبب النزاع الذي بدأته حماس في ذلك اليوم. عانى عدد كبير جدا من المدنيين كثيرا خلال هذا العام من النزاع”.

 

اقرأ أيضا:

1