"6 أيام في الفلوجة" تثير استياء العراقيين على مواقع التواصل

لعبة أميركية ترفه عن المستخدمين على حساب ضحايا الإرهاب في الفلوجة.
الأربعاء 2023/07/05
ترفيه بالقتل

أثارت لعبة "6 أيام في الفلوجة" ذكريات مؤلمة للكثير من العراقيين الذين عانوا من ويلات الحرب على الإرهاب، فيما مطورو اللعبة منشغلون بتمثيل بطولات الجنود الأميركيين في الفلوجة ضد العراقيين.

بغداد - أطلقت شركة أميركية للألعاب الإلكترونية النسخة الأولى من لعبة “6 أيام في الفلوجة” والتي تسمح للاعبين للتحرك كجنود مارينز أميركيين يستهدفون العراقيين خلال الحرب عام 2004، وذلك بعد تأجيلها مرارا بسبب الجدل الواسع الذي تسببت به.

وأوردت مجلة أرمي تايمز الأميركية المعنية بالشؤون العسكرية، تقريرا، حول تفاصيل اللعبة، وقال منتجها الجندي الأميركي السابق إيدي غارسيا إن فريق تطوير اللعبة قام باتخاذ إجراءات لمراعاة مشاعر الجنود الأميركيين وعوائلهم وتمثيل بطولاتهم في الفلوجة ضد العراقيين.

وأفاد غارسيا أن اللعبة لن تقدم أيّ مشاهد موت لجنود أميركيين دون أخذ موافقة عوائلهم أولا، الأمر الذي لا ينطبق على الآلاف من المدنيين العراقيين الذين قتلوا في معركة الفلوجة على يد القوات الأميركية.

واكتفى غارسيا بالإشارة إلى أن "الواقعية في نقل أحداث اللعبة ستؤدي إلى الحديث عن كافة التصرفات التي قامت بها القوات الأميركية داخل الفلوجة"، ومنها "عرض الجيد والسيء ومخاطبة المشاكل الأخلاقية للجرائم التي ارتكبت في الفلوجة".

◙ بالنسبة إلى الكثير من العراقيين الذين حاصرتهم المعركة، حولت هذه اللعبة ذكرياتهم المروعة إلى "ترفيه غربي"

ويظهر في المقطع الدعائي للعبة “6 أيام في الفلوجة” رقيباً في مشاة البحرية الأميركية يتحرك بحذر في زقاق وعند الالتفاف في إحدى الزوايا تُسمع أصوات تصرخ “الله أكبر” وتندلع نيران مدفع رشاش إلى الجدران من حوله، قبل أن يصرخ الرقيب مطالباً “بإخماد النيران”، وتتحول الشاشة إلى اللون الأسود.

واللعبة أطلقت للمرة الأولى عام 2009 قبل أن يتم سحب تمويلها نتيجة للجدل الذي أثير حولها، فقد أثار وقتها فيديو حول معركة في الفلوجة يستند إلى قصص حقيقية غضب الناجين من هذه المعركة. لتعلن شركة كونامي اليابانية تبرؤها من تطوير اللعبة بسبب الكثير من الاعتراضات آنذاك.

ولاحقا تولى ممول أميركي تنفيذها مرة أخرى عام 2015، ليعلن الآن عن انطلاق النسخة التجريبية الأولى منها رسميا. وتصور أحداث اللعبة ستة أيام من الصراع عاشتها قوات المارينز الأميركية أثناء محاولتها استعادة الفلوجة من عناصر تنظيم القاعدة، وتتيح للاعبين العيش في أجواء المعركة عبر قيادة فريق من مشاة البحرية يخوض معركة ضد المتمردين.

وأثارت اللعبة منذ الإعلان عنها انتقادات واسعة من قبل ناشطين عراقيين اعتبروا أنها تمثل إساءة لمعاناتهم وأوجاعهم، وقال بعضهم إنهم يشعرون بـ”الاشمئزاز” لأن القائمين على اللعبة “يريدون تحقيق الأرباح على حساب معاناة أشخاص من الحرب”، فيما رأى آخرون أن اللعبة تمثل وجها آخر للإرهاب، وجاء في تغريدة:

 

وكتب مغرد:

وسخرت ناشطة بالقول:

 

وأضافت أن “لعبة 6 أيام في الفلوجة عبارة عن مزيج من الوثائقيات وروايات شهود عيان، وطريقة اللعب نحاول من خلالها مساعدة الأشخاص الذين لم يختبروا القتال مطلقا على فهم سبب كونه مكلفا للغاية للجميع".

وأفاد مطورو اللعبة أنهم تعاونوا مع نحو 100 عنصر من أفراد الجيش الأميركي، تحدثوا عن مشاهداتهم في تلك المعركة بالإضافة إلى صور ومقاطع فيديو، من أجل ضمان إعادة تصوير الأحداث بموثوقية واحترام. وتابع المطورون أنهم تحدثوا مع 27 عراقيا، 23 منهم من سكان الفلوجة للغرض ذاته.

وخلال اللعبة، يمكن للاعب الاختيار إما أن يكون جنديا أميركيا يقود وحدة خاصة لمكافحة المتمردين، أو أبا عراقيا أعزل يحاول الهروب مع عائلته إلى بر الأمان. وأكد المطورون أن اللعبة ستنتهي، ويعتبر اللاعب خاسرا في حال أطلق النار على مدني عراقي، مشيرين إلى أن العراقيين الوحيدين الذين يمكن قتلهم هم المتمردون.

وتظهر لقطات من اللعبة بعض المسلحين وهم يضعون غطاء رأس تقليديا (عقال) باللون الأسود والأبيض، الذي يعتبر زيا شائعا في العراق والدول العربية الأخرى. وقال شاب عراقي يدعى حسين "إن اللعبة تجرد العراقيين من إنسانيتهم وتظهر كيف أن بعضهم متمرّدون وبعضهم من القاعدة والبعض مدني ولا سبيل للتمييز بينهم".

◙ لقطات من اللعبة تظهر بعض المسلحين وهم يضعون غطاء رأس تقليديا (عقال) باللون الأسود والأبيض، الذي يعتبر زيا شائعا في العراق والدول العربية الأخرى

وطرح الإصدار الجديد من اللعبة التكتيكية على أجهزة الحاسوب وبلاي ستيشن وإكس بوكس. وقال بيتر تامتي الرئيس التنفيذي لشركة فيكتورا في تصريحات سابقة “إن قرار تأجيل إطلاق الإنتاج قد جاء نتيجة لخطط تهدف مضاعفة حجم فريق تطوير اللعبة وإن إنشاء قصص حقيقية بجودة عالية سيتطلب منا مزيداً من الوقت والأشخاص ورأس المال".

وأشار الرئيس التنفيذي إلى أنه يريد ضمان أن تدمج “ستة أيام في الفلوجة "عناصر جديدة لتعميق الجانب التكتيكي والعاطفي والتقني. وتابع يجب أن يعزز هذا واقعية السيناريوهات الحقيقية المختلفة المستوحاة من معركة الفلوجة الثانية (2004) التي خاضها الجيش الأميركي، من خلال كشف التهديدات الموجودة في ساحة المعركة أو إخفائها.

ووفقاً لصحيفة التايمز البريطانية، فإنه بالنسبة إلى الكثير من العراقيين الذين حاصرتهم المعركة في هذه المدينة لمدة ستة أسابيع، حولت هذه اللعبة ذكرياتهم المروعة إلى “ترفيه غربي" واستخفت بمعاناتهم في إطار قصة ترتكز على البطولة الأميركية.

وقال الأستاذ الجامعي أبوعمر إن اللعبة لا يمكن أن تجلب إلا استياء العراقيين "كيف يمكنني أن أبلغ طلابي أن هناك لعبة حيث يستمتع الأميركيون بقتلنا؟… لم يتمكن الأميركيون من التمييز (بين المدنيين والمقاتلين المسلحين)، لقد قتلوا كل من رأوه في الشارع".

وأشارت الصحيفة إلى أن اللعبة مستوحاة من معركة الفلوجة التي حدثت في نوفمبر وديسمبر 2004، حيث قام نحو 850 جندياً بريطانياً بتطويق المدينة، بينما نفذ 8000 جندي أميركي الهجوم الرئيسي.

وأصرت الشركة المطورة الجديدة "هاي واير غيمز"، إن هدف اللعبة لم يكن "تلطيخ ذاكرة معركة الفلوجة أو تبسيطها". وأفاد جيمي غريسيمر مديرها الإبداعي "الألعاب لم تعد ألعاباً فقط بعد الآن.. لقد أثبتت قدرتها على التعامل مع مواضيع جادة ونحاول معرفة ما إذا كانت قادرة على توثيق التاريخ.. يمكن أن تكون ألعاب الفيديو أدوات فعالة لخلق التعاطف".

وكان مجلس العلاقات الأميركية - الإسلامية، المجموعة الإسلامية البارزة في الولايات المتحدة، قد دعا وفي وقت سابق شركات سوني ومايكروسوفت وفالف إلى حجب اللعبة عن منصات الألعاب الخاصة بها.

5