32 بروتينا في الدم تشير إلى تزايد مخاطر الإصابة بالزهايمر

تحديد هذه البروتينات يساعد على وضع أهداف علاجية جديدة.
الأربعاء 2023/07/26
تراجع القدرات الإدراكية للشخص يتم عبر مراحل

حدد باحثون من المعهد الوطني الأميركي للشيخوخة 32 بروتينا ترتبط بتزايد مخاطر الإصابة بالزهايمر في مراحل لاحقة من عمر الأشخاص، من ضمن حوالي 4800 من بروتينات الدم. وأكد الباحثون أن تحديد هذه البروتينات سوف يساعد في وضع أهداف علاجية جديدة، مشيرين إلى أن هذه التغيرات تخبرهم بشأن العمليات الحيوية التي تحدث لدى الأشخاص المهددين بالإصابة بمرض الزهايمر.

سان فرانسيسكو (الولايات المتحدة) - رغم صعوبة تحديد الأشخاص الذين تتزايد احتمالات إصابتهم بمرض الزهايمر، نجح فريق طبي أميركي في تحديد دلالات معينة في الدم تشير إلى احتمال إصابة شخص ما بهذا المرض قبل حدوث الإصابة بفترة تتراوح بين 10 و20 عاما.

وفي إطار الدراسة التي نشرتها الدورية العلمية «ساينس ترنزليشن ميدسين» اختبر الفريق البحثي من المعهد الوطني الأميركي للشيخوخة أكثر من 4800 من بروتينات الدم في أكثر من 10 آلاف شخص في منتصف العمر (45 إلى 60 عاما) على مدار 25 عاما، وقام بتحديد 32 بروتينا يرتبط بتزايد مخاطر الإصابة بالزهايمر في مراحل لاحقة من العمر.

وقام الباحثون بتحليل بروتين هؤلاء الأفراد؛ المجموعة الكاملة من البروتينات التي يتم التعبير عنها في الجسم، والتي تقود جميع أنواع العمليات البيولوجية من الاتصال الخلوي إلى مستويات الهرمونات.

وكشف التحليل عن 32 بروتينا بمستويات مرتفعة أو منخفضة بشكل غير عادي في الدم لدى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و60 عاما، وقد ارتبطت بزيادة خطر الإصابة بالخرف في وقت لاحق من العمر.

التغيرات البيولوجية تحدث خارج المخ في منتصف العمر لدى الأشخاص الذين تتزايد احتمالات إصابتهم بمرض الزهايمر

وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة: «استفادت الدراسة الحالية من البيانات المستمدة من مجموعات متعددة لتحديد وتوصيف 32 بروتينا و4 شبكات بروتين في بلازما البالغين في منتصف العمر، والتي ارتبطت ارتباطا وثيقا بمخاطر الخرف في العقود اللاحقة».

وقال الباحث كينان ووكر المتخصص في مجال أمراض تدهور الجهاز العصبي في معهد الشيخوخة الأميركي إن «هذه التغيرات البيولوجية تحدث خارج المخ في منتصف العمر لدى الأشخاص الذين تتزايد احتمالات إصابتهم بالمرض في مراحل لاحقة من العمر».

وذكر في تصريحات أوردها الموقع الإلكتروني «ميديكال إكسبريس» المتخصص في الأبحاث الطبية أن «هذه التغيرات تخبرنا بشأن العمليات الحيوية التي تحدث لدى الأشخاص المهددين بالإصابة بمرض الزهايمر». وأضاف «نعتقد أن تحديد هذه البروتينات سوف يساعد في نهاية المطاف على وضع أهداف علاجية جديدة».

وأوضح ووكر أنه رغم أن الكثير من الدلالات توجد في المخ، فإن بعضها يرتبط بأنسجة أخرى خارج المخ، حيث يرتبط بعضها على سبيل المثال بوظائف النظام المناعي والعمليات الحيوية المرتبطة بإنتاج البروتينات ووظائفها والتغيرات التي تطرأ عليها قبل عشرين عاما من ظهور أعراض الزهايمر.

ومن المثير للاهتمام أن العديد من البروتينات لم تشارك بشكل مباشر في عمل الدماغ. وهذا يدعم البحوث السابقة التي أظهر أن الخرف ومحفزاته الأساسية ليسا شيئا يحدث حصريا في الدماغ.

وتم ربط العديد من البروتينات المحددة بالتنظيم الصحي للبروتيوم. وتساعد هذه العملية على منع تكتلات البروتين الموجودة في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض الزهايمر. ولعبت بروتينات أخرى أدوارا رئيسية في الجهاز المناعي، وربما تُظهر أن هناك شيئا ما يتعلق برد فعل أو فشل الجهاز المناعي ويزيد من فرص الإصابة بالخرف.

و"لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه في هذا البحث»، وفق ووكر. ولكن في النهاية قد نصل إلى مرحلة يمكن فيها اختبار الدم بحثا عن علامات خطر الإصابة بالخرف. وإذا تم اكتشاف هذه العلامات في وقت مبكر، فيمكن تحديد علاجات.

إضافة إلى ذلك، قد نفهم يوما ما كيف تبدأ حالات مثل مرض الزهايمر، ويمكن أن يأتي هذا الكشف عن طريق مراقبة الاختلالات والتشوهات خارج الدماغ.

مرض الزهايمر لا يتبع مسارا واحدا، وأكثر تعقيدا مما كان متوقعا، حيث يظهر عبر العديد من الطرق ذات التأثيرات المتفاوتة

وقال ووكر لمجلة «نتشر»، «إننا نشهد قدرا كبيرا من المشاركة في علم الأحياء المحيطية قبل عقود من الظهور المعتاد للخرف». وكلما أمكن اكتشاف مرض الزهايمر وحالات أخرى مماثلة في وقت مبكر، كانت خيارات العلاج أفضل.

ومؤخرا قام أطباء الأعصاب في عيادة الذاكرة في الصين بتشخيص إصابة شاب يبلغ من العمر 19 عاما بما يعتقدون أنه مرض الزهايمر، ما يجعله أصغر شخص يتم تشخيص حالته في العالم.

وبدأ الشاب المراهق يعاني من تدهور الذاكرة في سن السابعة عشرة، وبمرور سنتين ازداد تراجع قدراته الإدراكية. وقد أظهر تصوير دماغ المريض انكماشا في الحُصين، الذي يشارك في الذاكرة، وألمح السائل الدماغي النخاعي إلى العلامات الشائعة لهذا النوع الأكثر شيوعا من الخرف.

وغالبا ما يُعتقد أن مرض الزهايمر  يصيب كبار السن، ومع ذلك فإن الحالات المبكرة، التي تشمل المرضى الذين تقل أعمارهم عن 65 عاما، تمثل ما يصل إلى 10 في المئة من جميع التشخيصات.

ويمكن لجميع المرضى الذين تقل أعمارهم عن 30 عاما تقريبا تفسير مرض الزهايمر لديهم من خلال طفرات جينية مرضية، ما يضعهم في فئة مرض الزهايمر العائلي. وكلما كان الشخص أصغر سنا عندما يتم تشخيص مرضه، زاد احتمال أن يكون هذا نتيجة الجين المعيب الذي ورثه.

ومع ذلك لم يتمكن الباحثون في جامعة العاصمة الطبية في بكين من العثور على أي طفرة من الطفرات المعتادة المسؤولة عن البداية المبكرة لفقدان الذاكرة، كما لم يعثروا على أي جين من الجينات المشتبه بها عندما أجروا بحثا على مستوى الجينوم.

وقبل هذا التشخيص في الصين كان أصغر مصاب بمرض الزهايمر يبلغ من العمر 21 عاما. وكشفوا الطفرة الجينية «بي أس إي إن 1» التي تسبب تراكم بروتينات غير طبيعية في الدماغ، وتشكيل كتل من اللويحات السامة، وهي سمة شائعة من سمات مرض الزهايمر.

وقبل عامين من إحالته إلى عيادة الذاكرة بدأ المريض المراهق يكافح من أجل التركيز في الفصل. وأصبحت القراءة صعبة أيضا وتراجعت ذاكرته القصيرة المدى. وفي الكثير من الأحيان لم يكن يتذكر أحداث اليوم السابق، وكان دائما يضع معلقاته في غير محلها.

إصابة شاب يبلغ من العمر 19 عاما بما يعتقدون أنه مرض الزهايمر، ما يجعله أصغر شخص يتم تشخيص حالته في العالم

وفي النهاية أصبح التدهور المعرفي شديدا للغاية، ولم يتمكن الشاب من إنهاء مرحلة الدراسة الثانوية، على الرغم من أنه لا يزال بإمكانه العيش بشكل مستقل ودون مساعدة.

وكانت درجة الذاكرة الكاملة للمريض أقل بنسبة 82 في المئة مقارنة بنظرائه، في حين أن درجة ذاكرته الفورية كانت أقل بنسبة 87 في المئة.

وهناك حاجة إلى متابعة طويلة الأمد لدعم تشخيص الشاب، لكن فريقه الطبي قال إن المريض «يغير فهمنا للسن النموذجية لظهور مرض الزهايمر».

وكتب طبيب الأعصاب جيانبينغ جيا وزملاؤه في دراستهم: «كانت لدى المريض بداية مبكرة جدا في مرض الزهايمر مع عدم وجود طفرات مرضية واضحة»، ما يشير إلى أنه لا يزال من الضروري استكشاف أسباب مرضه.

وتظهر دراسة الحالة التي نُشرت في فبراير الماضي أن مرض الزهايمر لا يتبع مسارا واحدا، وأنه أكثر تعقيدا مما كنا نظن، حيث يظهر عبر العديد من الطرق ذات التأثيرات المتفاوتة.

وجادل أطباء الأعصاب الذين وصفوا حالة المريض بأن الدراسات المستقبلية يجب أن تركز على الحالات المبكرة لتحسين فهمنا لمرض فقدان الذاكرة.

ويتوقعون أن «استكشاف ألغاز الشباب المصابين بمرض الزهايمر قد يصبح أحد أصعب الأسئلة العلمية في المستقبل».

16