3 مليارات يورو تُدخل الأردن في مرحلة شراكة جديدة مع أوروبا

بروكسل - تلقى الأردن دعما كبيرا من أوروبا، بإبرامها اتفاقيات لدعم الشراكات وبرنامج الإصلاح، الذي تنفذه الحكومة، وسط تزايد المؤشرات بأن تكون هذه الحزمة انطلاقة اقتصادية جديدة بين الطرفين ضمن شراكة شاملة.
وتعهد الاتحاد الأوروبي الأربعاء بمبلغ قدره ثلاثة مليارات يورو (3.1 مليار دولار) على شكل تمويل واستثمارات للأردن، وذلك في إطار شراكة “إستراتيجية” جديدة.
وكان الطرفان قد أعلنا في يوليو الماضي رغبتهما بالعمل نحو الارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية الشاملة، والبناء على اتفاقية الشراكة الموقعة بينهما عام 1997 والتي دخلت حيز التنفيذ عام 2002 ولا تزال فاعلة.
وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعد مراسم التوقيع على الاتفاق مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في بروكسل “في ظل التحولات الجيوسياسية الحالية والأزمات المتنامية في المنطقة، يعد تعزيز الشراكة القرار الصحيح في التوقيت المناسب.”
وتتضمن هذه المساعدات المالية للأعوام 2025 و2027، منحا بقيمة 640 مليون يورو، واستثمارات بقيمة نحو 1.4 مليار يورو، ومخصصات لدعم الاقتصاد بنحو مليار يورو.
ويعتزم الاتحاد الأوروبي والأردن العمل في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التعاون الإقليمي والأمن والدفاع والتجارة والاستثمار والتعليم ومساعدة اللاجئين.
وقالت فون دير لاين إن الأردن “شريك رئيسي” في الشرق الأوسط وسيلعب “دورا محوريا” في مستقبل المنطقة.
ويعد الأردن الذي يستضيف نحو 2.3 مليون لاجئ فلسطيني وأكثر من مليون لاجئ سوري، منذ فترة طويلة في نظر أوروبا عاملا للاستقرار في منطقة مزقتها الصراعات.
وقال بيان صادر عن الديوان الملكي الأردني إن “الاتفاقية تتضمن بنودا حول تعزيز جهود التصدي لتهريب المخدرات والأسلحة، وتحفيز استثمارات القطاع الخاص، ودعم قطاعات عديدة كالمياه والطاقة والتكنولوجيا وريادة الأعمال.”
ووصف ممثلون لقطاعات اقتصادية أردنية توقيع اتفاقية الشراكة باللحظة المهمة لاقتصاد بلدهم، وتتوجيها للجهود الكبيرة التي يبذلها الملك عبدالله الثاني لتوفير ممكنات تدعم نموه المستدام.
وأكدوا أن الاتفاقية تشكل دعامة كبيرة للاقتصاد الأردني، من خلال تحفيز الاستثمارات الأجنبية، ودعم القطاعات الإنتاجية وتعزيز قدرتها على التوسع في الأسواق الأوروبية، ما يسهم بتوليد فرص عمل جديدة وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
وشددوا على ضرورة أن تبذل الشركات الأردنية كل الجهود للاستفادة من الفرص المتاحة بالاتفاقية والانخراط في الأنشطة والبرامج التي توفرها لتمكينهم من تحقيق أكبر فائدة ممكنة من الشراكة مع دول الاتحاد الأوروبي.
واعتبر رئيس جمعية الأعمال الأردنية – الأوروبية (جيبا) علي مراد أن الخطوة تتويج لخطط الدولة لدمج الاقتصاد المحلي في العالمية من خلال الاتفاقيات التجارية التي وقعت مع مختلف التكتلات الاقتصادية الدولية، لاسيما مع دول الاتحاد الأوروبي.
ونسبت وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إلى مراد قوله “الاتفاقية مهمة للغاية فهي من الاتفاقيات القليلة للشراكة الإستراتيجية الشاملة مع الاتحاد الأوروبي، وتعكس الاهتمام العالمي وأوروبا بالتحديد بالأردن، كما تظهر أهمية مكانته على خارطة العالم.”
وأشار إلى أنه ستكون هناك فرصة قوية لزيارة الصادرات لدول الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى شمول هذه الاتفاقية مخصصات لدعم الاقتصاد الوطني ما سيسهم في تخفيف العبء على الموازنة.
ويرى خبراء أن الاتفاقية نافذة لفرص استثمارية للقطاع الخاص في كلا الجانبين ورسم لخارطة طريق للاقتصاد، كما ستعزز من إمكانيات الأردن وثقة المستثمرين الأجانب، إلى جانب أنه ستكون هناك انعكاسات إيجابية على معيشة المواطنين.
وشدد رئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير على أن مثل هذه الشراكة الإستراتيجية ذات أهمية قصوى، وستشكل قفزة نوعية في العلاقات المشتركة بين الأردن والاتحاد الأوروبي.
وقال إن “حزمة المساعدات المعلنة ستشكل دفعة كبيرة للاقتصاد الأردني، من خلال دعم القطاعات الإنتاجية وتحفيز الاستثمارات الأجنبية وتعزيز قدرة القطاع الصناعي على التوسع في الأسواق الأوروبية، ما يسهم في توليد فرص عمل وتحقيق التنمية المستدامة.”
وأوضح أن البنود المتعلقة بدعم ريادة الأعمال والتكنولوجيا وتطوير الموارد البشرية ستسهم في الارتقاء بقدرات القطاع الصناعي ورفع تنافسيته إقليميا ودوليا.
ونمت الصادرات الأردنية إلى دول الاتحاد الأوروبي خلال الأشهر الأحد عشرة الأولى من العام الماضي بواقع 0.8 في المئة على أساس سنوي لتبلغ حوالي 514.14 مليون يورو.
في المقابل تراجع حجم الواردات من أوروبا بمقدار 2.3 في المئة لتبلغ نحو 3.48 مليار يورو، بحسب الإحصائيات الرسمية للحكومة الأردنية.
وتحسّن ترتيب الأردن ضمن تقرير التنافسية العالمي لعام 2024، حيث تقدم 6 مراتب ليصل إلى المرتبة الـ48 عالميا، لكن السلطات في حاجة إلى البناء على هذا التحسن من خلال تعزيز كفاءة الأعمال وتطوير البنية التحتية الاقتصادية.
وتؤكد أحدث تقارير المؤسسات المالية الدولية أن التوقعات إيجابية لنمو الاقتصاد الأردني في 2025، مع استمرار تنفيذ الإصلاحات ومواجهة التحديات الإقليمية والعالمية.
ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد تحسنا ملحوظا، مع زيادة النمو إلى 2.9 في المئة مع نهاية العام الحالي مقارنة مع 2.4 في المئة للعام الماضي.