3 شبكات متنافسة قريبا.. الإنترنت جبهة في حرب النفوذ

سيشهد العالم قريبا وجود ثلاث شبكات إنترنت؛ فنظم الإنترنت في الصين وأوروبا والولايات المتحدة مختلفة للغاية، وفق تقرير في صحيفة واشنطن بوست الأميركية، إذ أن لائحة الاتحاد الأوروبي غير الجدار الناري الصيني غير قواعد الإنترنت الأميركية، والانقسام يزداد وربما نشهد انقسام الإنترنت الموحد لشبكتين أو ثلاث؛ ليصبح الإنترنت مجرد جبهة أخرى في جبهات الحرب الباردة الجديدة.
واشنطن - أحدث إريك شميت، الرئيس السابق لغوغل ضجة في شهر سبتمبر الماضي، حين توقع وهو يُلقي كلمة في حدث خاص في وادي السليكون، أن الفضاء الإلكتروني يتجه نحو “تمزق تاريخي”.
تعتبر الإنترنت منصة عالمية متكاملة، تتحرك خلالها المعلومات والأموال والتجارة الإلكترونية بسهولة حول العالم. لكن شميت يخشى من أن هذا على وشك الانهيار.
ويقول شميت “أعتقد أن السيناريو المحتمل (خلال السنوات الـ10 – 15 المقبلة) ليس تقسيم الإنترنت بل تشعّبها إلى شبكة إنترنت تقودها الصين وشبكة إنترنت غير صينية تقودها الولايات المتحدة الأميركية”، مضيفا، “أعتقد أنكم سترون قيادة رائعة في المنتجات والخدمات من الصين”.
وأضاف “هناك عامل آخر يؤدي إلى هذا التمزق هو أن الصين لديها “نظام قيادي مختلف (…) مع رقابة وضوابط ونحو ذلك. انظر، مثلا، إلى جدار الحماية العظيم” الشهير، وهو نظام الفحص الإلكتروني الذي تستخدمه بكين لحجب محتوى الإنترنت الأجنبي غير المرغوب فيه”.
وشرح شميت “الأمر المهم أيضا، هو طريقة استخدام الصين “لمبادرة الحزام والطريق” والرفع المالي لجعل البلدان الأخرى تحت سيطرتها”.
ولاحظ شميت أن المبادرة الصينية تضم 60 بلدا.
وفي المستقبل “من المحتمل جدا أن تبدأ هذه البلدان بتبنّي البنية التحتية التي تملكها الصين”، بدلا من المنصة التي تقودها الولايات المتحدة حاليا. أو بعبارة أخرى: الخطر الآن هو ظهور نسخة القرن 21 من الستار الحديدي الذي كان قائما في العهد السوفييتي، أي حاجز إلكتروني يقسم شبكة الإنترنت العالمية إلى قسمين.
وقبل خمس سنوات شارك شميت في تأليف كتاب مع زميله السابق، جارد كوهين، أثار فيه مخاوف بشأن احتمال انقسام الإنترنت “splinternet”. واليوم أصبحت القضية موضوعا ثابتا للنقاش بين المطلعين على التكنولوجيا.
قد يشعر بعض الخبراء في وادي السليكون بالملل من هذا التنبؤ.
وقد يرد مستثمرون في التكنولوجيا المتفائلين بأن شميت يثير المخاوف فقط، أو أنه يلعب بشكل غير واضح لعبة الضغط ليخيف الحكومة الأميركية حتى تتخذ مزيدا من الإجراءات للدفاع عن الإنترنت.
المستثمرون في التكنولوجيا يقولون إن شميت يلعب بشكل غير واضح لعبة الضغط ليخيف الحكومة الأميركية
لكن أحد الرؤساء التنفيذيين المؤثّرين في التكنولوجيا الشهر الماضي “معظمنا لا يريد قول ذلك علنا، لكننا نتفق مع ما يقوله إريك”.
إن هناك الكثير من الاختلافات بين اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي ونظام الرقابة على الوسائل التكنولوجية في الصين، والذي يطلق عليه “الجدار الناري العظيم”. إذ تصدر المناطق الثلاث -أوروبا وأميركا والصين- مجموعات من القواعد واللوائح والقوانين التي تتعارض مع بعضها البعض.
لقد كانت الحكمة السائدة من قبل تشير إلى أن شبكة الإنترنت الموحدة وغير المحدودة تعزز الديمقراطية من خلال التدفق الحر للمعلومات. ومع ذلك، لم تعد الأمور تبدو بهذه البساطة.
وقد أصبح من الواضح أن المراقبة الرقمية السرية لا تقتصر على القوى المناهضة للديمقراطية فقط، فقد أدت اعترافات العميل الأميركي السابق إدوارد سنودن عام 2013 إلى سقوط كذبة حقوق الإنسان الرقمية.
ومع اهتمام الحكومات بتقسيم الإنترنت، لا تفعل الشركات الأميركية سوى القليل لمواجهة هذا التقسيم، بل تقوم بكل ما هو ضروري لتوسيع عملياتها. فإذا كان مستقبل الإنترنت يتمثّل في حرب باردة ثلاثية الأطراف، فإن وادي السيليكون يريد أن يجني الأرباح في كل من هذه العوالم الثلاثة.
وكمثال على ذلك أوقفت مؤسسة غوغل عملياتها في الصين عام 2010 بعد أن اتضح أن الحكومة الصينية كانت تقوم بعمليات قرصنة لحسابات الـبريد الالكتروني “جي ميل” الخاصة بالمعارضين وفرض الرقابة عليها من خلال محرك البحث. وقال سيرغي برين، أحد مؤسسي غوغل في ذلك الوقت “عند مرحلة ما، يتعيّن عليك أن تتراجع وتعترض وتقول إن هذا يفوق حدود ما يلائمنا، وأن تتبنّى هذا الموقف لأسباب أخلاقية”.
ومع ذلك، تعمل مؤسسة غوغل بعد مرور 8 سنوات على محرك بحثٍ لصالح الصين يعرف باسم دراغونفلاي Dragonfly. وسوف يكون انطلاق ذلك المحرك مشروطاً بموافقة المسؤولين الصينيين، وبالتالي، سوف يلتزم بمتطلّبات الرقابة الصارمة.
وقد وصفت مذكرة داخلية كتبها أحد مهندسي المشروع قدرات الرقابة التي يحظى بها المحرك، وذلك من خلال مطالبة المستخدمين بتسجيل الدخول ثم تتبّع تاريخ تصفحهم. وسوف يمكن الوصول إلى هذه البيانات من خلال شريك صيني غير معلوم، يفترض أن يكون الحكومة
الصينية.
وتذكر مؤسسة غوغل أن جميع الخصائص تخمينية ولم يتم اتخاذ أي قرار بشأن إطلاق دراغونفلاي؛ ومع ذلك، يتعارض أحد النصوص المسربة من اجتماع انعقد داخل مؤسسة غوغل وحصل عليه موقع “ذا أنترسيبت” الإخباري.
وفي النص، نقل عن بن غوميز، رئيس إدارة البحث في مؤسسة غوغل، قوله إن المؤسسة تأمل في أن يتم الإطلاق خلال ستة إلى تسعة شهور، رغم أن العلاقة غير المستقرة بين الولايات المتحدة والصين تجعل التنبؤ بالموعد أو بما إذا
كانت الحكومة الصينية ستعطي إشارة الإطلاق أمراً صعباً.
وقال غوميز “هناك فرق هائل بين الإطلاق وعدم الإطلاق. ولذلك ينبغي أن نتوخّى الحذر حتى لا تفوتنا الفرصة”.