12 فنانا عربيا يحتفون بـ"ذاكرة الأرض" الفلسطينية وتراثها

مبادرة جماعية تهدف إلى صون وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني ودعم القضايا الإنسانية.
الخميس 2025/01/23
فنون تحتفي بالتراث الفلسطيني

الدوحة - للمتاحف قيمة تضاهي أو تفوق أحيانا قيمة كتب التاريخ في عرضها عصورا مضت بطريقة تعتمد الشواهد والشرح الذي يسهل فهمه على كل زائر، كما أنها تعتمد الفنون بشكل لافت في كشف القضايا التاريخية، ومن هنا كان تعامل متاحف مشيرب في الدوحة مع الأعمال الفنية التشكيلية التي تناولت قضية فلسطين.

وفي هذا الإطار افتتح الأربعاء، 22 يناير الجاري، في بيت بن جلمود بمتاحف مشيرب معرض “ذاكرة الأرض”، وهو معرض فني جماعي يحتفي بالهوية الفلسطينية من خلال مجموعة من الأعمال الفنية المقدمة من مبدعين إقليميين. ويقام المعرض بالتعاون مع غاليري المرخية وقطر الخيرية والفنان بشير محمد، في مبادرة جماعية تهدف إلى صون وإحياء التراث الثقافي الفلسطيني ودعم القضايا الإنسانية.

يجمع المعرض/ المشروع 12 فنانا من فلسطين والأردن وتونس والجزائر وسوريا، حيث يقدم كل منهم عملا فنيا يمثل شهرا من شهور السنة، في سردية بصرية تستعرض مشاهد من الحياة الفلسطينية التقليدية. وعبر تفسيرات فنية متنوعة، من الأهازيج الشعبية والتطريز إلى مشاهد الأسواق النابضة بالحياة والعمارة التراثية، تجسد الأعمال صمود الشعب الفلسطيني، حيث يروي كل عمل قصة تربط بين الماضي والحاضر.

وفي تصريح له أكد المدير العام لمتاحف مشيرب عبدالله النعمة على التزام متاحف مشيرب المستمر بتعزيز الحوار الثقافي قائلا “في أعقاب معرض ‘لأطفال غزة’ الذي حظي باهتمام دولي كبير لقضية أطفال فلسطين، يأتي معرض ‘ذاكرة الأرض’ ليؤكد على ضرورة الحفاظ على التراث وإعادة البناء، داعيا المؤسسات في جميع القطاعات إلى توفير منصة للحوار الهادف.”

♦ المعرض الفني الجماعي يحتفي بالهوية الفلسطينية من خلال مجموعة من الأعمال الفنية المقدمة من مبدعين عرب

ونوه بأن هذا المعرض يجسد قوة الفن في الحفاظ على التراث والتفاهم الثقافي، مع الاحتفاء بثراء الهوية الفلسطينية. وكشف النعمة أن ريع الأعمال الفنية، بالتعاون مع قطر الخيرية، سيتم توجيهها للأعمال الإنسانية في فلسطين.

من جهته قال الفنان حسان المناصرة في تصريح مماثل إنه اختار العمل على شهر مارس، نظرا إلى كونه شهر الخصوبة والخير والعطاء، حيث فيه برد وشمس، تختلط فيه كل المشاعر، فالربيع هو الشهر الذي يلتقط فيه الفرد أنفاسه بعد شهور الشتاء، حيث الألوان الرمادية. وأضاف “بما أن المعرض يحكي عن التراث الفلسطيني، آثرتُ أن أحكي عن جوانب مشرقة بعيدا عن الحروب والمأساة، حيث ألقيت الضوء على بعض أنواع الطيور، مثل عصفور الشوك، والهدهد، والديك الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بحياة البادية.”

من جانبها، قالت الفنانة صفاء سلامة إنها اختارت شهر سبتمبر، وأعطته رمزية ما يجود به الله في هذا الشهر من محاصيل من قبيل الزيتون والرمان، مشيرة إلى أنها اختارت فاكهة الرمان باعتبارها رمزا للخصوبة والعطاء اللامحدود، بما يشي بأن الأرض لا ينقطع عطاؤها.

ويضم المعرض أيضا أعمالا لفنانين بارزين من محمد عكليك من الأردن – فلسطين، وأصالة شوك ونهى الحبيب من تونس، وتوفيق مباركي من الجزائر، ومحمد كاخي من سوريا، وغيرهم. وكجزء من هذه المبادرة الثقافية ستتاح للزوار فرصة اقتناء تقاويم خاصة تضم الأعمال الفنية المعروضة، حيث سيتم توجيه جميع العائدات للأعمال الخيرية من خلال قطر الخيرية.

وتثبت الأعمال المعروضة في “ذاكرة الأرض” أن التراث الفلسطيني لم يتوقف عن الانعكاس في تجارب الفنانين العرب إضافة إلى الفلسطينيين بتجاربهم التي وصل بعضها إلى العالمية، فنجد عناصر من الإرث الفلسطيني ورموزه ماثلة في أعمال فنانين من المحيط إلى الخليج تجسد رؤى العرب للقضية الفلسطينية ولحق الإنسان الفلسطيني في السلام والوطن والحفاظ على تراثه وهويته الثقافية من كل اعتداء وتغييب.

ولعل ما تشترك فيه أعمال الفنانين رغم اختلاف أساليبهم هو مقاومة الهجمة الممنهجة التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي في سياق إستراتيجية محكمة ترمي إلى الاقتلاع والتغييب وتفكيك مقومات الوجود الفلسطيني على الأرض وتفتيت بنيته الاجتماعية بأبعادها الثلاثة الإنسان والأرض والمكان والزمن، وبالتالي يتحول الفن إلى أداة مقاومة وقوة ناعمة ضد كل أشكال القمع والقتل والتدمير، ووسيلة لترسيخ الهوية وحمايتها.

13