100 مليار دولار تعهدات المانحين لصندوق البنك الدولي للدول الفقيرة

سيول - تعهدت الدول المانحة بتجديد قياسي بقيمة 100 مليار دولار لمدة ثلاث سنوات لصندوق البنك الدولي لأفقر الدول، مما يوفر شريان حياة حيويا لنضالاتها ضد الديون الساحقة والكوارث المناخية والتضخم والصراع.
وأعلن البنك الدولي عن ذلك في وقت مبكر الجمعة من العاصمة الكورية الجنوبية سيول في مؤتمر التعهدات للرابطة الدولية للتنمية، التي تقدم منحا وقروضا منخفضة الفائدة للغاية لقرابة 78 دولة منخفضة الدخل.
ويتجاوز المجموع تجديد موارد المؤسسة الدولية للتنمية السابقة بقيمة تقدر بحوالي 93 مليار دولار، والذي تم الإعلان عنه قبل ثلاث سنوات. وستساهم الدول بنحو 24 مليار دولار مباشرة للمؤسسة الدولية للتنمية، بزيادة طفيفة فقط عن 23.5 مليار دولار تم التعهد بها في عام 2021.
لكن الصندوق سيصدر سندات ويستخدم نفوذا ماليا آخر لتمديد ذلك إلى 100 مليار دولار المستهدفة في المنح والقروض حتى منتصف عام 2028.
ومن المفترض أن تستخدم الأموال في تمويل مشاريع وبرامج تحفز النمو الاقتصادي وتخفف وطأة الفقر، وأيضا تحسين الظروف المعيشية في مجالات عديدة، ولاسيما التعليم والصحة، فضلا عن التكيف مع التغير المناخي.
ولم يحقق مؤتمر التعهدات الذي استمر يومين هدفا يبلغ 120 مليار دولار دعا إليه رؤساء الدول الأفريقية، ويرجع ذلك جزئيا إلى قوة الدولار الأميركي.
ودفع فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر الماضي إلى تقليل القيمة الدولارية للزيادات الكبيرة في مساهمات العملات الأجنبية من قبل العديد من البلدان.
وفي قمة زعماء مجموعة العشرين في البرازيل الشهر الماضي، زادت النرويج تعهدها بنسبة 50 في المئة من عام 2021 إلى 5.024 مليار كرونة وهذا يعادل 455 مليون دولار بأسعار الصرف الحالية، ولكن في بداية عام 2024، كان من الممكن أن تبلغ قيمته 496 مليون دولار.
وعززت كوريا الجنوبية تعهدها بنسبة 45 في المئة إلى 846 مليار وون (597 مليون دولار)، وبريطانيا بنسبة 40 في المئة إلى 1.8 مليار جنيه إسترليني، وإسبانيا بنسبة 37 في المئة إلى 400 مليون يورو.
وبلغ تعهد إسبانيا 423 مليون دولار الجمعة، أي أقل بعشرة ملايين دولار عن اليوم الذي تم الإعلان عنه في أكتوبر الماضي. وتعهد الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن بتقديم الولايات المتحدة مساهمة بقيمة 4 مليارات دولار، ارتفاعا من 3.5 مليار دولار في الجولة السابقة.
ولم يكشف البنك الدولي على الفور عن مبالغ التعهدات الأخرى، لكنه أشار إلى أن 17 دولة مانحة تعهدت بزيادة مساهماتها بأكثر من 25 في المئة، مع عرض 10 دول زيادات بنسبة 40 في المئة أو أكثر.
وقال رئيس البنك الدولي أجاي بانغا في بيان إن “المؤسسة الدولية للتنمية ستكون قادرة على تمديد التعهدات الجديدة بشكل أكبر بسبب العمل الذي تم القيام به لتحسين الميزانية العمومية للمقرض التنموي على مدى العامين الماضيين”، مما زاد من قدرتها على الإقراض بنحو 150 مليار دولار على مدى 10 سنوات.
وذكر بانغا في رسالة مفتوحة إلى المساهمين والدول المانحة أن قدرة البنك على الاستفادة من المساهمات ستحول “المساهمات المتواضعة إلى استثمارات تغير الحياة.”
وقد تخرجت حوالي 35 دولة من المؤسسة الدولية للتنمية لتصبح مانحة، بما في ذلك الصين وكوريا الجنوبية وتشيلي والأردن وتركيا. وأكد بانغا أن الموارد ستسمح للبنك بخلق فرص عمل في صميم عمله، حتى في الوقت الذي يعالج فيه تغير المناخ والأزمات العالمية الأخرى.
وأوضح أن في هذا السياق، “لا تعد المؤسسة الدولية للتنمية مجرد أداة مالية، بل إنها حافز لتوفير فرص العمل، فهي تزود البلدان بالموارد اللازمة لبناء البنية الأساسية وتحسين أنظمة التعليم والصحة وتعزيز نمو القطاع الخاص.”
وصلت موجة التخلف عن سداد الديون السيادية المؤلمة، التي أعقبت الأزمة الصحية إلى ذروتها أخيرا، بعدما اختتمت غانا وسريلانكا وزامبيا سنوات من إعادة هيكلة الديون المؤلمة.
ومع ذلك يخشى الخبراء أن يحل نقص السيولة الخطير محله في العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية، مما قد يؤدي إلى تراجع التنمية، وتعطيل التخفيف من آثار تغير المناخ، وتأجيج انعدام الثقة في الحكومات والمؤسسات الغربية.
وحملت تحذيرات ساقها البنك الدولي هذا الأسبوع بشأن الديون التي تعاني منها الكثير من الاقتصاديات النامية إقرارا بمدى الصعوبات التي تواجه الحكومات لتجاوز هذه المحنة التي خلفتها أزمات قاسية منذ خمس سنوات.
وأنفقت الدول النامية مبلغا قياسيا قدره 1.4 تريليون دولار لخدمة ديونها الخارجية في عام 2023 مع ارتفاع تكاليف الفائدة إلى أعلى مستوى لها في عقدين، مما ضغط على الميزانيات اللازمة للضروريات، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم والبيئة.
وأظهر أحدث تقرير للبنك عن الديون الدولية أن إجمالي مدفوعات فوائد الديون الخارجية من الدول النامية ارتفع إلى 406 مليارات دولار مع ضغوط أشد على أفقر الدول. ودفعت هذه الدول المؤهلة للاقتراض من مؤسسة التنمية الدولية التابعة للبنك مبلغا قياسيا قدره 96.2 مليار دولار في عام 2023.
ورغم انخفاض أقساط سداد أصولها بنحو 8 في المئة إلى 61.6 مليار دولار، فإن تكاليف فائدتها ارتفعت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 34.6 مليار دولار في عام 2023، أربعة أمثال المبلغ قبل عقد من الزمان.
وتنفق البلدان المؤهلة للحصول على مساعدات من المؤسسة الدولية للتنمية الآن في المتوسط 6 في المئة من عائدات صادراتها على خدمة الديون الخارجية، وهو مستوى لم يشهده العالم منذ عام 1999.
ويهدف البنك الدولي إلى تعزيز القدرة على الإقراض بنحو 30 مليار دولار على مدى عشر سنوات. أما صندوق النقد الدولي فقد لجأ إلى تخفيض الرسوم الإضافية، الأمر الذي أدى إلى خفض الكلفة على المقترضين الأكثر إرهاقا بنحو 1.2 مليار دولار سنويا.