100 ألف فلسطيني عالقون في مصر دون وثائق ثبوتية

القاهرة – تجد مصر نفسها في مواجهة أزمة طارئة، ولكنها كبيرة تتعلق بحوالي مئة ألف من الفلسطينيين الذين دخلوا أراضيها هروبا من القصف أو بهدف التداوي ثم صاروا عالقين، في ظل صعوبة عودتهم إلى غزة حاليا وعدم امتلاكهم وثائق ثبوتية لتصريف أمورهم في مصر.
وبالتوازي، وضمن التحسب للجوء مئات الآلاف من سكان قطاع غزة إليها إذا أقدمت إسرائيل على تنفيذ اجتياحها لمدينة رفح، تراهن القاهرة على القبائل للمساعدة في حراسة السياج الحدودي ومنع أيّ تسلل تحت أيّ ظرف كان، ما دفعها إلى التشجيع على تكوين اتحاد القبائل.
وقال دياب اللوح، السفير الفلسطيني في القاهرة، إن ما يصل إلى 100 ألف من سكان غزة عبروا الحدود إلى مصر، حيث يفتقرون إلى الوثائق اللازمة لتسجيل أطفالهم في المدارس أو فتح شركات أو حسابات مصرفية أو السفر أو الحصول على تأمين صحي، على الرغم من أن بعضهم وجد وسائل لكسب الرزق.
وشدد اللوح على أن تصاريح الإقامة لن تكون إلا لأغراض قانونية وإنسانية، مضيفا أن أولئك الذين وصلوا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر ليست لديهم خطط للاستقرار في مصر.
العالقون يفتقرون إلى وثائق لتسجيل أطفالهم في المدارس أو فتح حسابات مصرفية أو الحصول على تأمين صحي
وقال في مقابلة مع رويترز “إحنا بنحكي عن فئة في ظرف استثنائي، طلبنا من الدولة منحهم إقامات مؤقتة قابلة للتجديد لحين انتهاء الأزمة في غزة”.
وأضاف “نأمل وكلنا ثقة في الإخوة المصريين أن يتفهموا، هم قدّموا الكثير ووقفوا إلى جانب المواطنين الفلسطينيين في كل شيء ولكن هذه مسألة سيادية تُبحث على أعلى المستويات”.
ومنذ بداية الحرب في أكتوبر الماضي، كان معبر رفح على الحدود التي يبلغ طولها 13 كيلومترا بين شبه جزيرة سيناء المصرية وغزة نقطة دخول لتسليم المساعدات، كما ظل مفتوحا إلى حد كبير لحركة الركاب.
لكن المغادرة من غزة، التي كانت تخضع بالفعل لرقابة صارمة قبل الحرب، اقتصرت على الأشخاص الذين يتم إجلاؤهم لأغراض طبية والأجانب ومزدوجي الجنسية، والفلسطينيين الذين يدفعون رسوما لشركة تدعى هلا يملكها رجل أعمال بارز من سيناء.
ويحتاج المغادرون أيضا إلى تصريح أمنى من إسرائيل ومصر، اللتين فرضتا معا حصارا على قطاع غزة منذ تولي حماس السلطة هناك في عام 2007.
وقال اللوح، وهو مسؤول بالسلطة الفلسطينية وهو نفسه من غزة، “نحن نتحدث عن 100 ألف هم يتطلعون إلى العودة إلى غزة ولكن العودة طوعية وحينما تسمح الظروف بذلك، إذا ما كانت هناك هدنة قائمة أو إذا ما كان هناك وقف للحرب”. وأضاف “إلى حين ذلك، الناس في حاجة إلى تصويب الوضع القانوني لهم”.
وتابع أن السفارة ساعدت بالفعل في تسهيل عودة بعض العائلات إلى غزة أثناء الحرب، لكن أصبح بعض الفلسطينيين عالقين في مصر من بينهم زوار وطلاب مسجّلون في جامعات مصرية منذ بدء الحرب.
وقال اللوح “الصعوبة قائمة وقد يكون القادم أخطر” في إشارة إلى احتمال حدوث توغل إسرائيلي كبير في رفح حيث توجه أكثر من مليون فلسطيني من سكان غزة للبحث عن ملاذ آمن قرب الحدود مع مصر.
ولا تكتفي القيادة العسكرية في مصر بما اتخذته من تعزيزات أمنية على طول الحدود مع غزة في عرقلة مخطط تهجير يمكن تنفيذه بشكل غير مباشر مع أيّ اجتياح عسكري كبير تقوم به القوات الإسرائيلية لمدينة رفح، إذ لن يجد في هذه الحالة الكثير من الفلسطينيين مفرا سوى عبور السياج الأمني الفاصل بين غزة وسيناء عنوة.
وجرى تدشين تحالف شعبي باسم “اتحاد القبائل العربية” الأربعاء، عقد مؤتمره الأول في قرية “العجرة” بجنوب رفح في شمال سيناء بحضور عدد كبير من شيوخ القبائل بمصر، في دلالة ذات رمزية على أن سكانها من أهم خطوط الدفاع عن الأمن الذي يتعرض لتحديات على أكثر من جبهة إستراتيجية.
وبدا الإعلان عن الاتحاد ذا خصوصية في هذا التوقيت، فقد تجاوزت عملية الربط بين ما يمكن أن يحدث في قطاع غزة من تداعيات عقب اجتياح إسرائيل لرفح إلى المرحلة التالية عندما يتم وقف الحرب، والتي سوف تحتاج إلى عملية طويلة للإعمار وترتيب الأوضاع في غزة، قد يجد الكثير من سكان القطاع صعوبة في التأقلم معها في ظل عدم وجود العديد من مظاهر الحياة في غزة، وتبدأ عملية تسلل شبه منظمة لبعض العناصر المتطرفة للاختباء في سيناء.
وكما قامت القبائل بدور حاسم في مواجهة عناصر متطرفة استقرت في بعض مناطق سيناء، تستطيع هذه القبائل القيام بالدور نفسه في ضبط بعض أوجه الأمن قبليا، خاصة إذا تمكنت عناصر غير مرغوب فيها أمنيا من التسلل لبعض الحواضن الاجتماعية، حيث شكلت سيناء في سنوات سابقة ملجأ لبعض الشخصيات المتشددة التي جاءت من غزة لدعم جماعات إرهابية في مواجهة أجهزة الأمن.
ووظفت القاهرة، في السابق، البعد القبلي جيدا في الأطراف الرخوة بدقة، لأن شيوخ القبائل هم أدرى بالتركيبة الاجتماعية وشعابها، وكما لعبوا دورا في سيناء شرقا، أسهموا بدور معتبر في مرسى مطروح غربا، القريبة من الحدود مع ليبيا، فقد تعاونوا مع أجهزة الأمن إلى أقصى مدى من قبل لمنع دخول إرهابيين من ليبيا إلى الأراضي المصرية.
وقال وكيل جهاز الاستخبارات المصرية سابقا اللواء محمد رشاد إن القبائل العربية لها دور كبير في استقرار الوضع الأمني بسيناء في أماكن تواجدها، وإن الدولة تعيد النظر في أدوارها لحماية مناطق شاسعة، تحت إشراف ودعم رسمي مباشر، بما يخفّف الضغط عن أجهزة الأمن.
وأضاف لـ”العرب” أن تدشين اتحاد القبائل يهدف للتأكيد على أن الدولة تنظر إلى عرب سيناء باعتبارهم مواطنين مصريين من الدرجة الأولى وهناك اهتمام فاعل ورعاية بهم ضد أيّ مخططات تسعى لتوظيفهم بما يخل بالأمن القومي المصري.
وأوضح اللواء محمد رشاد أن الاتحاد سيلعب دوراً في توجيه أبناء سيناء واستيعابهم في مجالات التنمية المختلفة، ومساعدة الشباب على توفير فرص عمل لهم، والقيام بأدوار مكملة للدولة عبر تشجيع عملية إعادة توطين المواطنين في سيناء، مع ضرورة أن تبقى أدوار اتحاد القبائل في إطار الأدوار الاجتماعية والإنسانية خوفا من تداعياته السلبية المستقبلية خاصة في سيناء.
وأشار إلى أن اتحاد القبائل يحظى بدعم من الدولة المصرية وسيتم إمداده بالمقومات التي تجعله قادراً على الحفاظ على تأمين المناطق التي تتواجد فيها رموزه، بالتنسيق مع الجيش والشرطة، بحيث لا تكون هناك فوضى في استخدام السلاح المنتشر في المناطق القبلية، والعمل على ترخيصه وتحديد كيفية استخدامه في حالات الدفاع عن النفس، ومن لهم الأحقية في امتلاك السلاح واستخدامه.
وقد اختير رئيس اتحاد قبائل سيناء إبراهيم العرجاني رئيسا لاتحاد القبائل العربية، ورئيس لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب سابقا أحمد رسلان (من مرسى مطروح) نائبا للرئيس، ومحافظ الغربية السابق اللواء أحمد ضيف صقر نائبا أيضا للرئيس، واختير أيضا الكاتب والبرلماني مصطفى بكري متحدثا رسميا للاتحاد.
وأكد بيان للاتحاد أنه يهدف إلى “خلق إطار شعبي يضم أبناء القبائل العربية لتوحيد الصف وإدماج الكيانات القبلية في إطار واحد، دعما لثوابت الدولة الوطنية ومواجهة التحديات التي تهدّد أمنها واستقرارها، والسعي لتبني القضايا الوطنية والتواصل مع جميع القبائل العربية للوصول إلى قواسم مشتركة في إطار الدولة وخدمة لأهدافها”.
وسيجري اختيار مجلس رئاسي للاتحاد يتكون من 20 عضوا خلال الأيام المقبلة، مهمته اختيار الأمين العام للاتحاد، وإجراء انتخابات للجان النوعية المختلفة، ثم يبدأ الاتحاد تحركاته لعقد مؤتمرات في الصعيد (جنوب مصر) والدلتا (شمال القاهرة) وغرب البلاد، وفى منطقة قناة السويس شرقا.
اقرأ أيضا:
• حرب غزة وتداعياتها تلقيان بظلالهما على المشهد الانتخابي في الأردن
• لماذا يعقد الفلسطينيون آمالا على احتجاجات الطلبة الأميركيين وليس العرب