10 سنوات سجنا بحق سفير ليبي سابق بتهمة الفساد

طرابلس - قضت محكمة جنايات طرابلس بالسجن عشر سنوات لرئيس سابق لبعثة ليبيا لدى إيطاليا، بعد إدانته بالكسب المالي غير المشروع، وفق ما أعلن مكتب النائب العام الليبي مساء الأحد.
وقال المكتب في بيان، إن قضاء الحكم تصدى للواقعات المنسوبة إلى مسؤول البعثة، فتولت المحكمة تحقيق أدلة إثبات إساءة استعمال سلطات الوظيفة المسندة إليه؛ ودلائل تحصله على كسب مالي غير مشروع وصل إليه من خلال أعمال وظيفته.
ثم قضت المحكمة في آخر جلساتها، بإدانة المحكوم عليه، فأنزلت به عقوبة السجن مدة عشر سنوات، وإلزامه رد متحصَّلات الواقعات الـمُجَرَّمَة؛ وبذلك اتخذت النيابة الإجراءات الكفيلة بتنفيذ العقوبة المقضي بها عبر آليات التعاون الدولي في المسائل الجنائية، وفق البيان.
ولم يكشف بيان مكتب النائب العام الليبي عن هوية المدان، لكن صحيفة "المرصد" الليبية أفادت بأن الحكم صدر بحق عمر الترهوني.
وفي مارس 2022، أوقف ديوان المحاسبة في طرابلس سفير ليبيا لدى إيطاليا عمر الترهوني عن العمل بناء على تقارير لجنة الفحص والمراجعة التي ذكرت ارتكابه مخالفات وتجاوزات مالية أضرت بالمال العام.
وكشفت وثائق تحايل السفير الترهوني على وزارة الخارجية لغرض الحصول على مبلغ مالي بالتجاوز عبر ادعاء تغطية تكاليف علاج والد زوجته، ليتضح أن والد زوجته متوفى وأنه تعمد الكذب للحصول على مبلغ مالي يتجاوز 81 ألف يورو، وفق فاتورة مبدئية محالة من مستشفى الزوربي الإيطالي بالمخالفة للقانون.
وأظهرت الوثائق كذلك رسالة موجهة من الترهوني إلى مدير إدارة شؤون العلاج بالخارج في مارس 2022 يطلب فيها ضم والد زوجته المريض الهاشمي بالحاج إلى العلاج على حساب الدولة مدعيا معاناته من مرض مزمن أرفقه بصورة للتقرير الطبي مع مراسلته.
وبعد مراجعة الطلب تبين لإدارة الشؤون العلاجية بوزارة الصحة أن الهاشمي بالحاج والد زوجة السفير عمر الترهوني قد توفى منذ أكثر من عام بحسب ما أظهره مستخرج رسمي للوفاة صادر بتاريخ 28 مارس 2020 ومحال بشكل رسمي من طرف المكلف بالشؤون القنصلية سفيان أبو شعالة.
وعلى الفور طالب مدير إدارة الشؤون العلاجية أحمد مليطان في خطاب الملحق الصحي بالسفارة الليبية بروما بإيقاف إجراءات السداد وعدم خصم القيمة التي تبلغ 81.967.22 ألف يورو من الوديعة المحالة للسفارة.
كما طالب مليطان وفق الوثيقة المنشورة على مواقع إخبارية ليبية حينها الملحق الصحي ببيان أسباب اتخاذ إجراءات لسداد قيمة مالية علاجية لشخص متوفي منذ العام 2020 محملا إياه التبعات القانونية لاتخاذ هذا الإجراء المخالف للقانون.
وهذه ليست المرة الأولى التي يصدر فيها القضاء أحكاما بسجن دبلوماسيين، حيث قضت محكمة جنايات طرابلس في السادس من يونيو الماضي على الدبلوماسية السابقة أمل الجراري بالسجن سبع سنوات بعد إدانتها بـ"أفعال تهدف إلى الحصول على مزايا غير مشروعة واختلاس أموال عامة كما تم الحكم عليها أيضًا بغرامة تعادل ضعف المبالغ المختلسة". وفق بيان صدر عن مكتب النائب العام الليبي آنذاك.
كما قضت ذات المحكمة بحبس رئيس سابق لبعثة ليبيا لدى أوغندا 13 شهرا، إضافة إلى مسؤول سابق للشؤون المالية في البعثة، الذين عملا خلال الفترة من العام 2013 إلى العام 2017، بعد ثبوت تورطهما في مخالفات مالية وإدارية.
وقبل ذلك، أمرت النيابة العامة الليبية في 31 يوليو الماضي بحبس مراقب الشأن المالي في بعثة ليبيا المعتمدة لدى جمهورية كازاخستان بتهمة التصرف في مال عام بالمخالفة للنظم الواجب مراعاتها.
وفي 14 مايو الماضي، أصدر النائب العام أمر بحبس القائم السابق بأعمال بعثة ليبيا لدى بورندي على ذمة التحقيق بعد تسببه في إنفاق أموال عامة في غير الوجه المخصص لها.
وتعاني ليبيا من الفساد والانقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 حيث تعتبر فترة رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة من بين الفترات التي شهدت تفشيا للفساد والرشى.
وتحول الفساد إلى نمط سياسي واجتماعي في البلد المعتمد على اقتصاد الريع، والذي تحولت السلطة فيه إلى مؤسسات أسرية وفئوية لا تهدف إلا إلى تقاسم إيرادات النفط والغاز والتلاعب بالمال العام بشكل غير مسبوق في البلاد، بل إن حتى المبادرات الأممية تحولت إلى أطر مفتوحة لممارسة الفساد كما حدث في مؤتمر الحوار السياسي الذي أفرز السلطات الحالية بعد توافقات جرى التوصل إليها من خلال مساومات وصفقات اعترفت بها بعثة الأمم المتحدة سواء في اجتماع تونس في نوفمبر 2020 أو في اجتماع جنيف في فبراير 2021.