يوم دام في بغداد.. هجوم انتحاري مزدوج يوقع العشرات من القتلى

الكاظمي يوجه بفتح تحقيق في الهجوم الانتحاري وإجراء تغييرات أمنية لمنع تشتت الجهد الاستخباري أو تعدد مصادر القرار في القوى الأمنية.
الخميس 2021/01/21
الإرهاب يخترق بغداد

بغداد - وجّه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي الخميس بإجراء تغييرات في أجهزة الأمن، وفتح تحقيق فوري في الهجوم الانتحاري المزدوج الذي هزّ العاصمة بغداد.

وجاء في بيان صدر عن مكتب رئيس الوزراء عقب ترؤسه اجتماعا طارئا للقيادات الأمنية والاستخبارية أنّ الكاظمي “أمر بفتح تحقيق على الفور للوقوف على أسباب حدوث هذا الخرق الأمني، وملاحقة الخلايا الإرهابية التي سهّلت مرور الإرهابيين وارتكابهم جريمتهم النكراء”.

واستهدف هجوم انتحاري مزودج وسط العاصمة العراقية بغداد موقعا العشرات من القتلى والجرحى في اعتداء لم يحدث مثله منذ أكثر من 18 شهرا في العاصمة العراقية.

وفي حصيلة أولية أفادت وزارة الصحة العراقية بسقوط حوالي 32 قتيلا و110 جرحى في الاعتداء الذي استهدف سوقا شعبيا في ساحة الطيران التي غالبا ما تعج بالمارة والتي شهدت قبل ثلاث سنوات تفجيرا انتحاريا أوقع العشرات من القتلى.

ونقل البيان عن الكاظمي قوله “سنقوم بواجبنا لتصحيح أي حالة تهاون أو تراخ أو ضعف في صفوف القوات الأمنية، التي أحبطت خلال الأشهر الماضية المئات من العمليات الإرهابية المماثلة”.

وأضاف “لن نسمح بتشتت الجهد الاستخباري أو تعدد مصادر القرار في القوى الأمنية، وسنعمل على تنفيذ تغييرات أمنية بحسب ما تقتضيه الضرورات الميدانية”، مشيرا إلى أن تلك التغييرات “لن تخضع للضغوط والإرادات السياسية”.

وتابع “وضعنا كل إمكانات الدولة وجهود قطاعاتنا الأمنية والاستخبارية في حالة استنفار قصوى، للاقتصاص من المخططين لهذا الهجوم الجبان وكل داعم لهم”.

وأشار البيان إلى أن الكاظمي “طلب من الجيش تقديم الإسناد للقوات الأمنية الأخرى، وأن يضطلع بدوره في تهيئة الدعم الميداني والأمني”.

وأدان الرئيس العراقي برهم صالح الاعتداء الانتحاري المزدوج، وقال في تغريدة عبر تويتر "نقف بحزم ضد المحاولات المارقة لزعزعة استقرار بلدنا".

وأضاف أن "التفجيرين الإرهابيين ضد المواطنين في بغداد في هذا الوقت، يؤكدان سعي الجماعات الظلامية لاستهداف الاستحقاقات الوطنية الكبيرة".

واستنكر عمار الحكيم زعيم ائتلاف "عراقيون" الاعتداء، مطالبا الجهات الأمنية بسرعة الوقوف على أسبابه وحيثياته.

وحذر الحكيم "من عودة المشهد الأمني إلى زمن الانتكاسات التي تجاوزها العراقيون قبل سنوات بصبرهم وتكاتفهم".

ونقلت قناة "دجلة" الفضائية عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي توتير اليوم عن شهود عيان قولهم إن الانتحاري الأول فجر نفسه بعد أن ادعى أنه مريض وجمع الناس حوله.

وقال الجيش العراقي إن مهاجمين يرتديان سترتين ناسفتين فجرا نفسيهما وسط المتسوقين في سوق مزدحمة وسط بغداد بعدما لاحقتهما قوات الأمن.

وأبلغ متحدث باسم وزارة الداخلية أنه من المتوقع أن يرتفع عدد القتلى لأن بعض الجرحى في حالة حرجة.

ويرى متابعون أن الاعتداء يشكل خرقا أمنيا خطيرا للعاصمة العراقية التي تشهد استنفارا أمنيا.

وطالبت المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان في العراق الأجهزة الأمنية بالقيام بواجباتها  في حماية الأرواح والممتلكات، ومعاقبة المقصرين من منتسبيها.

وأدانت المفوضية التفجيرين "الإجراميين" وسط العاصمة بغداد، محملة الأجهزة الأمنية مسؤولية الخرق والانتكاسة الأمنية التي حصلت، وحذرت من تكرارها لما فيها من انعكاسات سلبية على حياة وأمن المواطنين.

وعقب الاعتداء بدأ انتشار أمني مكثف لقوات الأمن العراقية في محيط المنطقة الخضراء وسط بغداد، وإغلاق البوابات الرئيسية المؤدية إلى داخل المنطقة.

ولم تشهد بغداد مثل هذه الهجمات تقريبا منذ أن طردت القوات العراقية والتحالف المدعوم من الولايات المتحدة تنظيم الدولة الإسلامية من الأراضي التي كان يسيطر عليها في العراق في 2017.

ورغم نجاح القوات العراقية في القضاء على التنظيم إلا أن بعض خلاياه لا تزال تنشط في بعض المناطق البعيدة عن المدن، وتستهدف بين وقت وآخر مواقع عسكرية في تلك المناطق.

وتشتهر منطقة ساحة الطيران بأنها أكبر سوق شعبية لبيع الملابس والأجهزة والأطعمة الجاهزة والمواد الغذائية، فضلا عن وجود مكان لتجمع عمال البناء.

وشهدت المنطقة العشرات من الانفجارات التي حصدت الآلاف من العراقيين بين قتيل وجريح.

وأعرب البابا فرنسيس عن "حزنه العميق" للتفجيرين، واعتبرهما "عملا وحشيا عبثيا"، وفي برقية إلى الرئيس العراقي قال البابا الذي ينوي زيارة العراق في مارس، إنه "واثق من أن الجميع سيسعى لتخطي العنف بأخوة وتضامن وسلام".

وأدانت مصر الهجومين الإرهابيين اللذين استهدفا العاصمة العراقية، وأكدت وقوفها إلى جانب العراق في مساعيه الرامية إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار ومجابهة كافة صور الإرهاب والتطرف.

من جانبها نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا) عن الرئيس محمود عباس "نتضامن مع العراق رئيسا وحكومة وشعبا، جراء العمل الإرهابي البشع، الذي استهدف الأبرياء العزل"، مقدما تعازيه لأسر الضحايا.

وعبرت الخارجية الأردنية عن إدانتها للتفجير بشدة، مؤكدة الوقوف إلى جانب العراق في وجه كل ما يهدد أمنه.

ووصف المتحدث باسم الوزارة ضيف الله الفايز التفجير بـ"الفعل الإرهابي الجبان الذي يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار ويتنافى مع القيم والمبادئ الدينية والإنسانية".