"يوم الخلاص" محاولة استمرار الحياة في مواجهة الإرهاب

في أول تجربة له في السينما العالمية حمل المخرج المغربي هشام حجي متابعي أفلام هوليوود نحو المغرب، أين تدور قصة إحدى الملاحقات الأمنية الأميركية لعناصر موالين لداعش بعد اختطافهم عالمة آثار، مستعينا بطاقم من الممثلين الأميركيين والمغاربة الذين ساعدوه في إخراج فيلم مميز رغم بعض الهنات.
الرباط - سجل المخرج المغربي هشام حجي اسمه بين مصاف المخرجين العالميين، عبر تجربته الإخراجية التي خاضها في العام 2021 بفيلم “يوم الخلاص” أو “يوم الفداء” الذي لعب دور البطولة فيه جاري دوردان وسيريندا سوان وأندي جارسيا وممثلون آخرون موهوبون.
ويعرض الفيلم الذي صُوّر بين المغرب والولايات المتحدة أحداثًا مثيرة تدور حول كيت باكستون (لعبت دورها سيريندا سوان)، وهي عالمة آثار أميركية شهيرة تسافر إلى المغرب بعد اكتشاف أقدم عظام بشرية، يعود تاريخها إلى 300 ألف عام.
عند وصولها إلى الحدود الجزائرية، تختطفها مجموعة إرهابية بقيادة جعفر الهادي (سامي الناصري)، ما يدفع زوج عالمة الآثار الأميركية، وهو من جنود البحرية، إلى عمل المستحيل من أجل إنقاذها وفك أسرها من المختطفين، بمعية عميل مغربي يؤدي دوره بريس بيكستر، متخصص في مكافحة الإٍرهاب.
واختار المخرج المغربي هشام حجي تصوير الإرهابيين الإسلاميين في مشهد الاختطاف بشكل بسيط ومفهوم، حيث تظهرهم الكاميرا كرسومات كاريكاتير في شرورهم وسذاجتهم وخاصة تصرفاتهم ومطالبهم. وهو يحاول بهذا الفيلم استكشاف وتصوير الأمور بشكل أكثر تعقيدًا وعمقًا بالنظر إلى الأحداث الإرهابية التي شهدتها المنطقة العربية.
ومع ذلك، يبدو أن المخرج المغربي وكاتبي السيناريو، سام شويا وليمور سيفان، اكتفوا بتقديم بعض اللقطات البسيطة في بداية الفيلم حيث تتعلق بالتمهيد للحبكة الفيلمية من خلال تعبير الممثلين في حوارهم عن أهمية النفط، وخلفية الصراعات التي تدور في المنطقة، وخاصة الحوارات التي جرت بين الدبلوماسيين الأميركيين الطموحين. وتمهد اللقطات الافتتاحية الأولى في العمل بشكل سلس لتصاعد الأحداث، رغم أن الموسيقى التصويرية جاءت مثيرة للإزعاج نوعا ما بدلاً من تعزيزها الخطوات الأولى الدرامية للفيلم.
ويحدث التحول المفاجئ في إيقاع الفيلم عندما تقرر كيت السفر من نيويورك إلى المغرب للتحقيق في اكتشاف مدينة تحت الأرض تقع على الحدود المغربية – الجزائرية. بعد ذلك تتدرج وتيرة الأحداث عندما تتعرض للاختطاف على الفور بعد دقائق من وصولها إلى موقع بعثة التنقيب، وخاصة المشهد الذي يظهر دخولها إلى الجزائر بالخطأ حيث يُطلب منها أن تقول جملة غير فعالة على الإطلاق وهي “شكرًا جزيلاً على الضيافة”.
وتتسارع الأحداث في المشهد الذي يكتشف فيه براد أن زوجته قد تم اختطافها، إذ ينطلق في مهمة إنقاذ ملحمية، مما يمنحه فرصة لإظهار نوعٍ من الجرأة. ويبدو أن براد لم يكن قادرًا على إنقاذ زملائه في البحرية في الماضي، لكنه الآن يمكن أن يكون بطلاً لزوجته، وبعد ذلك يتمكن من تحقيق هذا الإنجاز والعثور على السلام النفسي الذي يسعى إليه. هذا المشهد المحوري هو الذي يجعل الفيلم مشوقًا ومثيرًا.
ويعتمد المخرج تقنية الفلاش باك في مشهد طويل ليبرز تراكم التعاسة التي يعاني منها براد الذي يتعين عليه تحمل مهمة حماية نقل الإمدادات الطبية عبر الصحراء السورية، وهذه المهمة تتعرض لهجوم يزيد الأمور سوءا. وتطارده ذكرى هذا الهجوم بلا رحمة وتوقظه في منتصف الليل. زوجته المحبة كيت تحضر كشخص سلبي في حياته لا يقدم له الدعم النفسي، كما لا تساعده تمارين الملاكمة والمحادثات الصارمة مع والده إيرني هدسون.
ويحتوي الفيلم أيضا على مجموعة متنوعة من المشاهد المليئة بالإثارة، بدءًا من مطاردات السيارات وصولًا إلى المعارك النارية الطاحنة. بالإضافة إلى ذلك نتعرف على شخصيات غامضة تتلاعب بالأحداث خلف الكواليس، بمن في ذلك آندي غارسيا الذي يجسد دور السفير الأميركي، ومارتن دونوفان الذي يلعب دور دبلوماسي ملتبس، فضلا عن شخصية الكولونيل ساندرز كومو ديوس إكس ماكينا، ما يضفي على حبكة العمل السينمائي لمسة من التشويق والتوتر. كما تظهر النجمة جاري دوردان في العديد من اللقطات وهي ترتدي مجموعة من القمصان الضيقة والبلوزات دون أكمام، دون أن يقدم هذا الزي قيمة إضافية للفيلم.
◙ الفيلم يقدم بصفة عامة قصة مثيرة مع التركيز البارز على الجوانب الدرامية ومشاهد الحركة والأكشن
من ناحية أخرى يعد وجود الممثل جاري دوردان ركيزة أساسية لجذب الجمهور، وخاصة أن هذا الفيلم هو الأول عالميا للمخرج المغربي الذي سبق له أن أخرج فيلما في العام 2007 بعنوان “ملائكة الشيطان”. وعلى الرغم من أن شخصيته في الفيلم ظهرت بشكل محدود، إلا أنه يبرز بأداء ملفت ويظهر بدور براد بكستون مع تمتعه بهيئة جسدية قوية، ويحاول إضفاء عمق إضافي على الشخصية بأدائه الرائع. ويمكن وصف دوره بأنه يُضيف طابعًا مميزًا ويجعل الفيلم يستحق المشاهدة.
وتأتي بعض المشاهد بلقطات مضحكة بشكل غير متوقع. على سبيل المثال مشهد يجري في غرفة ضيقة ومضاءة بشكل مباشر في البيت الأبيض، حيث يتحدث الرئيس الأميركي الخشبي جاي فوتلي بطريقة غير ملائمة قائلا “أحضر لي جميع الخيارات التكتيكية”. وفي الوقت نفسه يصرخ الخاطف الرئيسي (لعب دوره سامي الناصري) في شمال أفريقيا على كيت صراخا غريبا بالفرنسية والإنجليزية مستعملا عبارات هزلية. لكن الأحداث الهزلية في الفيلم تبدو مجرد تتابع للأحداث دون توجيه واضح ولا تخدم الحبكة الدرامية، كما لا تحتوي على التشويق اللازم.
ويقدم الفيلم بصفة عامة قصة مثيرة مع التركيز البارز على الجوانب الدرامية ومشاهد الحركة والأكشن. وعلى الرغم من تقديمه مستوى عاليا من المتعة والإثارة كان يُمكن تطوير السيناريو وإضافة المزيد من العمق في بعض الجوانب لجعل مهمة تحرير الرهينة الأميركية -الموضوع الرئيسي للفيلم- أكثر تعقيدًا وإثراءً. ومع ذلك، فإن الفيلم يمتلك العديد من الجوانب الإيجابية بالنسبة إلى ثاني فيلم في مسيرة مخرجه.
ويشار إلى أن المنتج والمخرج والكاتب المغربي هشام حجي، الذي يشتغل حاليا على مشروع فيلم جديد حول الموسيقى الإلكترونية، ليس فقط صانع أفلام، وإنما هو أيضا أول مغربي وعربي يقوم بكتابة وإنتاج وإخراج فيلم روائي لهوليوود. في عام 2008، بعد العمل على إنجاز عدد من المشاريع البارزة، أنشأ حجي شركة للإنتاج تحت اسم “هاش فيلمز” بهدف سد الفجوة بين هوليوود والمغرب والمساعدة على تطوير إنتاجات عالمية.