يا صبابين الشاي

أنا لا أشرب الشاي. قبل ثلاثين سنة شربت آخر استكان شاي في العراق. ارتبطت ذكرى ذلك الاستكان باللحظة التي غادرت فيها وطني. هل علي أن أحب الشاي أم أكرهه بسبب ارتباطه بذلك الحدث؟
السبت 2022/08/20
هل علي أن أحب الشاي أم أكرهه

حين غنت ليلى نظمي في سبعينات القرن الماضي “مشربش الشاي أشرب أزوزة”، ظن الكثيرون أن تلك الأغنية هي جزء من حملة دعائية ضد الشاي الذي كنا في العراق نستورده من سيلان أو هكذا كان يُشاع.

على الخارطة السياسية لم تعد هناك دولة اسمها سيلان. سيرلانكا صار اسم الجزيرة التي تنتج الشاي.

فهل كانت هناك أهداف مبيتة لحملة المناداة بتناول المشروبات الغازية ضد سيرلانكا أو أمها الهند؟ كان “أم الهند” عنوانا لفيلم هندي أنتج عام 1957 وأبكى الجميع واستمر طوال سنوات عرضه يفعل ذلك.

الهند علمت البريطانيين عادة شرب الشاب فنقلوه إلى مستعمراتهم، ويُقال إنهم باعوه أول مرة مجانا من أجل أن يدمن السكان المحليون شربه.

بعد ذلك صرنا نسمع بالشاي الإنجليزي الذي يُباع بأسعار مرتفعة بسبب ترف تغليفه. لقد صدق الكثيرون أن هناك شايا إنجليزيا وتعلقوا به.

أنا لا أشرب الشاي. قبل ثلاثين سنة شربت آخر استكان شاي في العراق. ارتبطت ذكرى ذلك الاستكان باللحظة التي غادرت فيها وطني. هل علي أن أحب الشاي أم أكرهه بسبب ارتباطه بذلك الحدث؟

كانت اللبنانية طروب أجمل من مواطنتها إلين خلف، شكلا وصوتا وحضورا. حين ترغب في سماع أغنية ظريفة هي “يا صبابين الشاي” على اليوتيوب تظهر طروب مرة واحدة فيما تظهر  خلف مرات عديدة، فطروب سجلتها مرة واحدة فيما خلف التي ولدت بعد ولادة الأغنية سجلتها في أماكن مختلفة وهو ما يحدث تماما حين تطلب سماع أغنية “دارت الأيام” لأم كلثوم فتظهر آمال ماهر كما لو أنها صاحبة الأغنية الأصلية.

صار من المعتاد أن يلجأ أصحاب الأصوات القوية إلى استعادة أغاني ما صار يُسمى بالزمن الجميل الذي لم يكن جميلا على أية حال.

وإذا ما عدت إلى “يا صبابين الشاي” فإنها تبدأ بحوار بين طبيب ومريضه لينتهي بوصفة طبية تقول “يا صبابين الشاي زيدو حلاتو/ياللي مبيعشق وبيسهر لشو حياتو”.

تلك وصفة تنطوي على خطرين على صحة الإنسان. الأول له علاقة بالسكر الذي يُحلى به الشاي، فهو يزيد من إمكانية الإصابة بمرض السكري والثاني له علاقة بالسهر الذي غالبا ما يحظى بمديح الشعراء “ما أطال النوم عمرا/ ولا قصر في الأعمار طول السهر” ولكن للأطباء قول آخر في الموضوع.

غالبا ما ينحاز الناس إلى رأي الشعراء إلى أن يدق الخطر أبوابهم فيشربون الشاي مرا ويذهبون إلى أسرتهم كما يفعل الأطفال في موسم المدارس.   

20