يا أهلا بالأرانب

في الثاني والعشرين من يناير الجاري احتفلت الصين بدخول عام الأرنب الذي يعود كل 12 عاما في مهرجانات كبرى تتزامن مع بدايات الربيع.
الأحد 2023/01/29
كل عام والجميع بخير

تقول الأسطورة إن الثور والأرنب كانا جارين متعايشين بشكل جيد، وكانا على اتصال دائم، يعيش الثور بما يكسبه من العمل الشاق الذي كان يباشره، ويعيش الأرنب مستثمرا ذكاءه وظرافته وقدرته على الاختراق.

في أحد الأيام، تفاخر الأرنب بقدرته على الركض لمسافات طويلة “أنا بطل العدو لمسافات طويلة من بين جميع الحيوانات، ولا يمكن لأي حيوان أن يسبقني”!

وأضاف مخاطبا الثور “لا يمكنك التعلم بالاعتماد على قوتك الفطرية، وأخشى أنك بجسمك السميك الخشن، لن تكون قادرا على الركض بسرعة مثلي”.

رغم أن الثور لم يبد اهتماما كبيرا لكلمات الأرنب، لكنه لم يقتنع بها، ومنذ ذلك الحين، بدأ في ممارسة الركض لمسافات طويلة، وبقوة لا تقهر، ونجح في تطوير زوج من الأقدام الحديدية، مع ذيل مرتفع وأربعة حوافر كأنها أجنحة الرياح، وأصبح لا يشعر بالتعب مهما طالت فترة ركضه أو عمله.

صاح الديك لأول مرة، وعندما نهض الثور، كان الأرنب قد انطلق بمفرده في ركضه الصباحي، ثم توقف واستدار لينظر وراءه. لم يكن هناك ما يشير إلى وجود حيوان آخر يركض خلفه، قال لنفسه “لقد استيقظت باكرا، وركضت بسرعة لا تجارى، ومن المؤكد أنني سأكون في صدارة الأبراج، فلا حيوان ينافسني اليوم أو غدا”، ثم تمدد ونام فوق العشب الأخضر.

وعلى الرغم من أن الثور كان متخلّفا، إلا أنه استفاد من قدراته الجديدة وركض بجد إلى أن وصل إلى الهدف بينما كان الأرنب نائما.

استيقظ الأرنب على صوت خطوات متسارعة، وعندما فتح عينيه فوجئ بالنمر يمر أمامه كهبوب عاصفة، فقرر أن يلاحقه عساه يستعيد مركزه الأول، ولسوء حظه، كانت خطاه قد تثاقلت بسبب النوم، فيما كان هناك فأر صغير انتهازي يجلس بين قرني الثور، احتل الأرنب المرتبة الرابعة فقط، وكانت المراكز الثلاثة الأولى للفأر والثور والنمر.

على الرغم من أن الأرنب احتل مركزا مهما في دائرة الأبراج الصينية، إلا أنه شعر أن وجهه كان باهتا وخسر أمام الثور العجوز الذي كان يسخر منه، وبعد عودته، نقل عائلته إلى مغارة تحت الأرض، وإلى الآن لا يزال الأرنب يعيش في تلك المغارة، بسبب عدم قدرته على تعلّم الدرس، لكن كلما حصل “سباق الثور والأرنب البري” أو “سباق السلحفاة والأرنب البري”، فإنه سيكون الفائز حتما.

في الثاني والعشرين من يناير الجاري احتفلت الصين بدخول عام الأرنب الذي يعود كل 12 عاما في مهرجانات كبرى تتزامن مع بدايات الربيع، فيما يتميز مواليده بالطيبة واللطف والكرم والأنس والوئام والجمال، وهم يجيدون العمل الجماعي دون حدوث أي مشاحنات. وأحيانا يتسمون بالمزاجية، ويختلفون مع الآخرين عندما يستمعون لكثير من الانتقادات اللاذعة والسلبية، كما يعرفون بالقناعة والرضا بكل النعم التي منحتها الحياة لهم، ويتقنون إعطاء النصائح الصائبة، ولا يمكن للآخرين توقع ما يجول في خاطرهم دائما.

وتساعدهم صلابتهم على تحويل أي موقف يتعرضون له إلى شيء إيجابي. ويستطيعون تعلم دروس الحياة كلها لأخذ العبر منها. ورغم أنهم مسالمون ومحبوبون في نظر الجميع، إلا أنهم دائما ما يضعون مصالحهم في المرتبة الأولى قبل كل شيء، فكل عام والجميع بخير، وكل عام والأرانب تركض في سعادة.

18