"وَثِّق" للأفلام القصيرة مخيم يعزز حضور السينما في المجتمع العماني

مسقط- اختتمت فعاليات مخيم “وَثِّق” للأفلام القصيرة مرحلته الأولى بمحافظة مسقط، بمشاركة مجموعة من الموهوبين العمانيين المهتمين بصناعة الفيلم الوثائقي.
والمخيم تنظمه الجمعية العمانية للسينما وهي مؤسسة ثقافية غير ربحية تأسست بهدف تطوير وتعزيز صناعة السينما في سلطنة عُمان، وتوفير منصة للمشتغلين في المجال السينمائي للتواصل والتعاون.
ويرفع المخيم الذي ينظم بشكل سنوي، شعار “وثق القصة، واصنع أثرا”، ويوضح منظموه أن الهدف منه هو “توثيق القصص الملهمة في المجتمع العماني وصنع أثر حقيقي في المجتمع.”

وشهد حفل ختام فعاليات المخيم بمسقط عرض خمسة أفلام وثائقية قصيرة أنجزها المشاركون خلال أيام المخيم، وعكست تجارب واقعية، وتناولت موضوعات اجتماعية وثقافية من قلب المجتمع العُماني، حيث عبّر المشاركون من خلالها عن رؤاهم بلغة سينمائية صادقة.
وتناول الفيلم الوثائقي “للأرض لسان” سيرة حكواتي عُماني، حيث يروي قصة صوت لا يموت، وحكاية تتوارث كالنور عبر الأجيال، مسلطًا الضوء على دور الحكايات الشعبية في تشكيل الهوية الثقافية العُمانية وتعزيز الروابط الاجتماعية. أما فيلم “خرزات بيضاء”، فاستند إلى تجربة فتاة مع علاج “التكشيح” في طفولتها، متعمقًا في هذه الممارسة التقليدية العُمانية، كاشفًا عن طريقتها، والدوافع وراءها، والآثار النفسية التي قد تخلّفها.
بينما جاء فيلم “قلب نظام” ليوثق سيرة الفنان العُماني الراحل محمد نظام، من خلال متحفه الخاص المليء بالرسومات والتحف والقطع النادرة، مسلطًا الضوء على عالمه الفني الخاص، وعزلته الاختيارية، وأهمية الفن الحالم الذي قدّمه.
وفي فيلم “الدراج المفقود” الذي تناول قصة رجل مسن تجاوز السبعين من عمره، ارتبط عاطفيًا بدراجته النارية التي اقتناها عام 1987، والتي سرقها لصوص في لحظة غفلة، ويسلّط الفيلم الضوء على العلاقة العاطفية القوية بين الإنسان وأشيائه العزيزة، وما تحمله من ذكريات إنسانية ومشاعر فقد مؤلمة.
بينما وثّق فيلم “وراق” رحلة شابة عمانية تحول سعف النخيل إلى ورق طبيعي، باستخدام خطوات تقليدية تبدأ بالغلي والتخمير وتنتهي بالتجفيف في تجربة تجمع بين الاستدامة والإبداع.
وحول هذا الموضوع، عبّرت مديرة المخيم فاطمة بنت سعيد الهنائية عن فخرها بما تحقق خلال هذه التجربة، قائلة “وثّق في البداية كانت فكرة بسيطة، لكنها حملت شغفًا حقيقيًا وجرأةً على المغامرة، وانطلقنا في رحلةٍ مليئة بالشغف والتجربة.”

وأضافت بأن “هذا المشروع لم يكن مجرد تدريب، بل اختبار للقدرة والإيمان بالفكرة، وأفتخر بـ39 مشاركًا خاضوا هذه التجربة، كما وجهت شكرها للجمعية العُمانية للسينما مشيدة بدورها في توفير بيئة محفزة وآمنة للتجربة والإنتاج.”
وقد تضمّن المخيم حلقات تدريبية وورش عمل مكثفة في مجالات الكتابة والتصوير والإخراج والمونتاج، قدّمها نخبة من المدربين المتخصصين، ما أتاح للمشاركين خوض تجربة متكاملة في إنتاج الفيلم الوثائقي من الفكرة إلى الشاشة.
وكانت الجمعية العمانية للسينما أطلقت مخيم وثّق للأفلام الوثائقية ضمن حزمة في مختلف المحافظات بدأت في محطتها الأولى محافظة مسقط، منتصف أبريل الماضي، وبعدها محافظة جنوب الشرقية، في يوليو القادم، وهو مخيم يهدف إلى خلق صناعة سينمائية مستدامة في عمان وتوفير بيئة تدريبية عالية المستوى تساعد المواهب الصاعدة على إنتاج أفلام توثق القضايا الاجتماعية، والتراث، والثقافة العمانية بأسلوب احترافي يتماشى مع المعايير العالمية.
ويتماشى المخيم مع رؤية عمان 2040، التي تركز على الاستثمار في رأس المال البشري وتطوير القطاعات الإبداعية وتعزيز الاقتصاد الرقمي والإعلامي كركيزة أساسية لمستقبل السلطنة.
ويوفر المخيم للمشاركين فيه مجموعة من الورش من بينها ما يختص في صناعة الأفكار أي تحويل الأفكار إلى قصص وثائقية، وكتابة السيناريو حيث يتعلم المشاركون كيفية بناء سرد متماسك وتطوير الشخصيات، كما ينظم ورشة في فن الإخراج تساعد المواهب الشابة على تحويل النصوص إلى رؤى بصرية، إلى جانب ورشة “التلوين السينمائي” التي تعلم المشاركين تقنيات استخدام الألوان لتحسين جودة الصورة.
ولا يختص المخيم في تقديم ورشات عن مراحل إنتاج أعمال سينمائية إنما يخصص ورشة لما بعد الإنتاج تهتم بتوزيع الأفلام والتسويق الفعّال وفيها يتم اختيار المهرجانات المناسبة وبناء خطة تسويقية ناجحة للأفلام العمانية ومن بنيها الأفلام المنتجة خلال فترة انعقاد المخيم.