ولي ولي العهد السعودي في القاهرة مبددا شائعة "الخلافات المستترة" مع مصر

التقارب الشديد الذي سجل في السنوات الأخيرة في العلاقات بين مصر والسعودية لا يلغي وجود تباين في الرؤى بشأن تفاصيل عدد من القضايا، ما شرّع للبعض الحديث عن تراجع في العلاقات جاءت زيارة الأمير محمد بن سلمان أمس إلى مصر لتؤكّد بشكل عملي عدم صحّته.
الأربعاء 2015/12/16
تعاون على قاعدة الجميع رابح

القاهرة - بدّدت اجتماعات اللجنة التنسيقية المصرية-السعودية بالقاهرة ما راج بشأن تغير في العلاقات السعودية المصرية سماه البعض تراجعا، وقال آخرون إنه فتور، ولم يتردّد البعض الآخر في الحديث عن توتّر.

وجاءت زيارة ولي ولي العهد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان أمس إلى مصر، والتقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي وترؤسه وفد بلاده لتؤكد أن الثوابت الاستراتيجية بين البلدين لم تتأثر بأي مستجدات.

وقالت مصادر سياسية لـصحيفة “العرب” إن ما تشهده المنطقة من تطورات كبيرة وتقلبات متسارعة، ربما يكون قد أوجد بعض الحساسيات، على اعتبار أن لدى كل من القاهرة والرياض رؤى تتباين في بعض العناوين الرئيسية مع رؤى الطرف الآخر، دون أن يلغي ذلك قدرة الطرفين على احتواء أي انعكاسات سلبية على علاقاتهما.

ويرصد متابعون لتطور العلاقات المصرية السعودية حرص الطرفين على تغليب لغة المصالح المشتركة والبعد عن الخلافات، كإحدى أهم السمات السائدة في اجتماعات المجلس التنسيقي المصري السعودي، إضافة إلى حزمة الآليات التنفيذية التي اُتّفق عليها وتضمنت مكاسب عديدة للطرفين، ومثلت ردا عمليا على المشككين في مسار العلاقات بين القاهرة والرياض. وجاءت اجتماعات القاهرة أمس بمثابة رسالة واضحة للجميع بأن التعاون صمام أمن وأمان للمنطقة العربية ومستقبلها، وسيكون الصخرة التي تقف أمام أطماع بعض القوى الإقليمية الطامحة للإمساك بزمام الأمور في المنطقة.

وبدأت في القاهرة أمس، أعمال الاجتماع الثاني لمجلس التنسيق المصري-السعودي، والذي ترأس الجانب المصري فيه شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، فيما ترأس الجانب السعودي الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بالمملكة العربية السعودية.

إعلان القاهرة رسخ البعد الاستراتيجي لعلاقات البلدين وقطع الطريق على محاولات تصيد الأخطاء وتضخيم الخلافات

وأوضح حسام القاويش المتحدث باسم الحكومة المصرية أن المجلس يمثل إطارا للشراكة الحقيقية بين البلدين، ويهدف إلى تعزيز أواصر التعاون والتبادل التجاري والاقتصادي، على النحو الذي يعكس خصوصية العلاقة بين القاهرة والرياض، والفرص المتاحة للارتقاء بالتعاون المشترك.

وكان مجلس التنسيق المصري-السعودي عقد اجتماعه الأول بالرياض، في 2 ديسمبر الجاري، وتم الاتفاق على تشكيل عدد من فرق العمل، بهدف إنهاء مراجعة المبادرات ومشروعات الاتفاقيات، ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية المنبثقة عن إعلان القاهرة في أغسطس الماضي.

وقبيل انعقاد المجلس شهدت العاصمة المصرية لقاءات مكثفة بين مسؤولين في مصر والسعودية، للتحضير للاجتماع الثاني لمجلس التنسيق، والتشديد على عمق العلاقات.

وقال محللون لـ”العرب” إنّ إعلان القاهرة في أغسطس الماضي كان خطوة نوعية لقطع الطريق على محاولات تصيد الأخطاء، وتضخيم الخلافات، فقد عزز العمق الإستراتيجي في العلاقات المشتركة.

وأشار السفير حسين هريدي مساعد وزير الخارجية المصري سابقا إلى أنه من المفترض الإعلان عن مشاريع جديدة وضخ استثمارات إضافية في المشاريع القائمة بالفعل.

وقال لـ”العرب” إن هناك “أنباء سارة” عن مشاريع استثمارية من الجانب السعودي في مصر، سيتم الإعلان عنها قريبا.

ورجح هريدي أن تتم ترجمة ما وصل إليه إعلان القاهرة على أرض الواقع في كل المجالات سواء كانت عسكرية أو اقتصادية أو ثقافية أو إعلامية، أو على مستوى الاستثمار والتجارة، فهو إعلان طموح بشكل كبير يغطي كافة مجالات العلاقات الثنائية.

وعرضت سحر نصر وزيرة التعاون الدولي، بصفتها منسقة الجانب المصري في مؤتمر صحفي الخطوات التي اتخذتها القاهرة لتنفيذ ما اتُفق عليه حول اتفاقات التعاون ومذكرات التفاهم والمشاريع المزمع تنفيذها في إطار إعلان القاهرة في مجالات الإسكان والتعاون العسكري والاستثماري والتعليمي والزراعي والثقافي والإعلامي.

وأكد السفير محمد عاصم المساعد السابق لوزير الخارجية المصري للشؤون العربية أن الهدف من المجلس تحقيق المصلحة للطرفين، وهناك حزمة من المساعدات السعودية سيكون هدفها تمويل مشاريع تنمية في مصر.

وأوضح عاصم في تصريحات خاصة لـ”العرب” أن البند الأول في الإعلان يهدف إلى تطوير التعاون العسكري، والعمل على إنشاء القوة العربية المشتركة.

ومن جهته أثنى السفير عادل العدوي مساعد وزير الخارجية السابق، على فكرة إنشاء المجلس التنسيقي ووصفه بأنه “ضربة موجعة لمن يسعى للوقيعة بين البلدين، وصفعة قوية لمن يريد ضرب الاقتصاد المصري”.

وتابع العدوي في تصريح مقتضب لـ”العرب” أن تواصل اجتماعات المجلس تجهض محاولات إفساد العلاقة القوية والتاريخية بين مصر والسعودية.

3