ولي عهد الكويت لمجلس الأمة: أعطوا الحكومة فرصة

أحمد السعدون أمام تحدي ضبط إيقاع العلاقة بين النواب والحكومة.
الأربعاء 2023/06/21
الشيخ مشعل للنواب: ارتقوا بالممارسة الديمقراطية

رسم ولي عهد الكويت الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة والتي عنونها بـ”العمل والإصلاح”، موجها رسائل إلى نواب المعارضة بأهمية منح الحكومة فرصة، والابتعاد عن الصراعات وتصفية الحسابات وافتعال الأزمات.

الكويت - دعا ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الثلاثاء مجلس الأمة الجديد (البرلمان) إلى منح الحكومة التي يقودها الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح مهلة كافية لتحقيق إنجازات.

ويتحمل نواب المعارضة مسؤولية رئيسية في تردي المشهد السياسي في الكويت خلال السنوات الأخيرة، بفعل توظيفهم للصلاحيات الدستورية الواسعة الممنوحة لهم في غير محلها كاستجواب وزراء لتسجيل نقاط سياسية، الأمر الذي حال دون استقرار أي من الحكومات السابقة على مدار السنوات الثلاث الأخيرة.

وقال الشيخ مشعل موجها حديثه للنواب في كلمة ألقاها نيابة عن أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح بمناسبة افتتاح الدور التشريعي الأول لمجلس الأمة الجديد “عليكم الارتقاء بالممارسة الديمقراطية.. وإعطاء الحكومة مهلة كافية لتحقيق الإنجاز ثم استخدام الوسائل الدستورية بحكمة ورشد إذا كان لها محل”.

وأضاف ولي عهد الكويت “لم يعد هناك مجال لهدر الجهد والوقت والإمكانات في صراعات وتصفية حسابات وافتعال أزمات وممارسات غير مسؤولة باتت محل استياء”. وأردف “لن نسمح بأن تضلّ الرؤية وتختلط الأمور”.

وقال الشيخ مشعل إن “شعب الكويت الكريم شريك أساسي في بناء الوطن.. ونوجه أعضاء مجلس الأمة نحو تفعيل التعاون البناء مع الحكومة”.

الشيخ أحمد النواف: التحديات المحيطة تحتم على السلطتين التعاون الإيجابي
الشيخ أحمد النواف: التحديات المحيطة تحتم على السلطتين التعاون الإيجابي

وأعلن الشيخ أحمد النواف عن الحكومة الجديدة يوم الأحد الماضي بعد الانتخابات البرلمانية التي أجريت في السادس من يونيو الجاري وأسفرت عن مشهد برلماني معقد فازت فيه أغلبية مؤلفة من النواب المعروفين تقليديا بمواقفهم المعارضة للحكومات السابقة.

وتعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة الثانية التي تشهدها الكويت خلال تسعة أشهر، ضمن تداعيات خلافات متكررة بين الحكومة برئاسة الشيخ أحمد النواف والبرلمان، قبل أن يُحل الأخير بأمر أميري وتتم الدعوة إلى انتخابات جديدة.

ويخشى الكويتيون في ظل التركيبة النيابية الحالية من مناكفات جديدة بين المجلس والحكومة، لكن مراقبين يرون أن الأمور قد تكون مختلفة هذه المرة في ظل إدراك المعارضة بأن أي تدهور في العلاقة مع الحكومة لن يصب في صالحها، وقد يفضي إلى تصويت عقابي، في حال بلغت الأمور حل المجلس مجددا والدعوة إلى انتخابات.

ودعا رئيس الوزراء في كلمته أمام النواب إلى التعاون في سبيل تبني برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي والمالي.

وقال الشيخ أحمد النواف “ندرك جميعا خطورة ودقة المرحلة الحالية التي تمر بها المنطقة والعالم مما يجعلنا أمام مسؤوليات عظيمة ضمن مرحلة وطنية مهمة تستلزم اتخاذ قرارات لحماية الوطن واستقراره”.

وأضاف “نحتاج إلى تدابير إصلاحية لضمان استقرار الوطن وعلينا أن نكون شركاء في حماية وحدته الوطنية والعمل الجدي لتهدئة الأجواء وإزالة الاحتقان والتوتر بين السلطتين وتحقيق الاستقرار السياسي”.

وأوضح الشيخ أحمد النواف أن “التحديات التي تحيط بوطننا تحتم على السلطتين تظافر الجهود وتآلف القلوب والتعاون الإيجابي والتشاور الأخوي في مواجهتها”.

ويتوقع أن يلعب البرلماني المخضرم أحمد عبدالعزيز السعدون (88 عاما) دورا في ضبط إيقاع العلاقة بين نواب المعارضة والحكومة.

المتابعون يرون أن الرسائل الواردة حتى الآن من النواب إيجابية وتشي برغبتهم في التعاون

وتم اختيار السعدون خلال جلسة الافتتاح رئيسا للمجلس للفصل التشريعي السابع عشر بالتزكية، وسبق له أن شغل منصب رئيس مجلس الأمة في الفصول التشريعية (السادس عام 1985، السابع عام 1992  والثامن عام 1996) وانتخب عضوا لمجلس الأمة لعشرة فصول متتالية منذ عام 1975، قبل أن يقع اختياره مجددا رئيسا للمجلس في أكتوبر 2022.

ويقول متابعون إن السعدون يحظى بتقدير كبير في أوساط المعارضة وبالتالي فإن دوره محوري لجهة تحقيق الاستقرار، لكن العامل الأهم يبقى مدى استعداد النواب لتعاون بناء مع حكومة الشيخ أحمد النواف.

ويرجح المتابعون أن نواب المعارضة لن يجازفوا بأي تصعيد جديد، في ظل قناعة لديهم بأن الشيخ أحمد النواف يبقى الخيار الأمثل للتعامل معه، لافتين إلى أن النواب تجنبوا في حملاتهم الانتخابية أو في الاجتماعات التي عقدوها لاحقا لترتيب الأولويات التشريعية عرض مشاريع شعبوية كانت السبب في استقالة الحكومة في يناير الماضي.

ويرى المتابعون أن الرسائل الواردة حتى الآن من النواب إيجابية وتشي برغبتهم في التعاون، ما يعني أن الكويت أمام هدنة يؤمل في أن تكون مطولة هذه المرة، لافتين إلى أنه من المتوقع أن يجري خلال هذا الدور التشريعي عرض مشاريع ذات صبغة سياسية ومن بينها تعديل قانون المحكمة الدستورية.

وقال ولي عهد الكويت “أمامنا مرحلة جديدة للعمل والإصلاح، ودفع مسيرة الإنجاز الوطني، ولن نسمح باختلاط الصلاحيات، ونثق في حرص مجلس الأمة على تحقيق آمال الشعب”، في ما بدا إشارة إلى قرار المحكمة الدستورية في مارس الماضي الذي قضى بحل مجلس 2022، وإعادة مجلس 2020 بسبب أخطاء في إجراءات صاحبت حل المجلس والدعوة إلى انتخابات.

الكويت أمام فرصة لتدارك التأخر عن ركب باقي محيطها الخليجي الذي قطع أشواطا كبيرة في تنويع مصادر الدخل

ويقول المتابعون إن تصريح ولي العهد الكويتي يشي بأن هناك توافقا جرى خلف الكواليس بين النواب والحكومة بشأن تعديل قانون المحكمة، لتلافي المأزق الذي استجد في مارس والذي كان السبب المباشر في الدعوة إلى انتخابات.

وأعلنت الحكومة الكويتية الاثنين عن تشكيل لجنة وزارية تتولى التنسيق بين مجلس الوزراء ومجلس الأمة؛ لتحديد الأولويات والقوانين والموضوعات التي تحقق تطلعات وآمال الشعب الكويتي.

وأكدت الحكومة في بيان لها، أن تشكيل اللجنة جاء انطلاقاً من حرصها على مد يد التعاون مع مجلس الأمة لإنجاز المشاريع التنموية والإصلاحية التي ينتظرها الوطن والمواطن.

وأوضحت أن اللجنة برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة عيسى الكندري، ووزير النفط وزير الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار سعد البارك، ووزير العدل ووزير الدولة لشؤون الإسكان فالح الرقبة، ووزير الشؤون الاجتماعية وشؤون الأسرة والطفولة فراس الصباح.

وأدت الصراعات بين الحكومات المتعاقبة ومجلس الأمة الكويتي خلال السنوات الأخيرة إلى تعطل خطط الإصلاح الاقتصادي والمالي، لاسيما إقرار قانون الدين العام. وتعتمد الميزانية العامة على إيرادات النفط في 90 في المئة من تمويلها.

وقال صندوق النقد الدولي في الخامس من يونيو الجاري إن أسعار النفط المرتفعة تساعد الكويت على التعافي من ضغوط الجائحة على المالية العامة، لكن إقرار قانون الدين العام الجديد هو أمر بالغ الأهمية.

ويرى خبراء اقتصاد أن الكويت أمام فرصة لتدارك التأخر عن ركب باقي محيطها الخليجي الذي قطع أشواطا كبيرة في تنويع مصادر الدخل، لكن الأمر يبقى رهين تحقيق استقرار حكومي، لن يكون بدون تفاعل إيجابي من مجلس الأمة.

3