ولي العهد الكويتي: دعم الحكومة الجديدة مشروط بتنفيذ الإصلاحات

تواجه الحكومة الكويتية الجديدة تحديات كبيرة جدا سواء في علاقة بالتعامل مع مجلس الأمة العائد، حيث لا تملك حزاما برلمانيا يمكنها الاتكال عليه أو في ظل وجود أجنحة من داخل الأسرة لا تبدو في وارد السماح بفترة حكومية هادئة، وتشكل رسائل ولي العهد بشأن دعم مشروط عنصر ضغط إضافيا على هذه الحكومة، ليبقى السؤال الملح كيف سيتعامل الشيخ أحمد النواف مع كل هذه التحديات.
الكويت - وجه ولي العهد الكويتي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح خلال أداء حكومة الشيخ أحمد نواف الأحمد الجابر الصباح الاثنين اليمين الدستورية، جملة من الرسائل لعل أبرزها أن الحكومة الجديدة لا تملك صكا على بياض، وأن دعمها رهين مدى التزامها بتنفيذ الإصلاحات التي لم يكشف عن طبيعتها.
وترى أوساط سياسية كويتية أن الشيخ مشعل الأحمد تحدث بشكل واضح عن حرصه على دعم خيارات وتوجهات الحكومة الجديدة، لكن هذا الدعم مشروط وهو ما يضع حكومة الشيخ أحمد النواف تحت الضغط.
وتقول الأوساط إن الحكومة الجديدة للشيخ أحمد النواف، تبدو محاصرة بجملة من التحديات، على خلاف حكومته السابقة، التي عملت في مناخ أكثر أريحية ومع ذلك اضطرت إلى تقديم استقالتها بعد نحو ثلاثة أشهر فقط على تشكيلها، على خلفية خلاف بينها ونواب المعارضة في المجلس المبطل بشأن جملة من مشاريع القوانين المثيرة للجدل، ومنها مشروع إسقاط القروض عن المواطنين.
وتشير الأوساط إلى أن الحكومة الجديدة سيكون عليها الآن تحدي التعامل مع مجلس الأمة العائد، والذي لا تملك فيه حزاما نيابيا يمكن الرهان عليه، كما أن من المرجح أن تصطدم بعراقيل مفتعلة من قبل بعض أجنحة السلطة الحاكمة، التي كانت تأمل في تحييد الشيخ أحمد النواف ودفعه إلى الاعتذار عن المنصب.
وتوضح الأوساط ذاتها أن رسائل ولي العهد ستضاعف حدة الضغوط على الحكومة التي سيكون عليها العمل في أشبه ما يكون بحقل ألغام.
رسائل ولي العهد ستضاعف حدة الضغوط على الحكومة التي سيكون عليها العمل في أشبه ما يكون بحقل ألغام
ودعا ولي العهد الكويتي الحكومة إلى اتخاذ “خطوات إصلاحية” لدفع مسيرة تقدم البلاد.
جاء ذلك خلال استقبال ولي العهد الحكومة الجديدة لأداء اليمين الدستورية بقصر بيان بالعاصمة الكويت.
وصدر الأحد مرسوم أميري يقضي بتشكيل الحكومة برئاسة أحمد النواف و14 وزيرا، وسط تباينات مع مجلس الأمة (البرلمان)، وبعد يومين على هجوم عنيف شنه رئيسه مرزوق الغانم على رئيس الوزراء لعدم حضور جلسات البرلمان.
وعقب أداء الحكومة اليمين الدستورية، قال ولي العهد الكويتي إن “تحقيق نهضة الوطن مسؤوليتنا جميعا قيادة وحكومة ومجلس أمة وشعبا، فكلنا شركاء في بناء الوطن متجاوزين العقبات، ومواجهين التحديات ومحققين الأهداف”.
وخاطب الحكومة الجديدة قائلا “إن عليكم وأنتم في بداية مرحلة جديدة من العطاء لوطننا العزيز أن تبذلوا قصارى جهودكم وما في وسعكم لدفع مسيرة تقدم وطننا”. وأضاف “أنتم منذ هذه اللحظة مسؤولون ومساءلون ونحن معكم داعمين.. موجهين.. ناصحين.. ومحاسبين”.
وتابع ولي عهد الكويت “بخطوات إصلاحية، أمامكم قضايا جوهرية وملفات عديدة (لم يسمها) نوليها اهتماما بالغا، فعليكم العمل بروح الفريق الواحد لتطبيق القانون على الجميع والارتقاء بمنظومات الخدمات والقضاء على الفساد والمحسوبية”.
الحكومة الجديدة سيكون عليها الآن تحدي التعامل مع مجلس الأمة العائد، والذي لا تملك فيه حزاما نيابيا يمكن الرهان عليه
ويأتي تشكيل الحكومة الجديدة في ذروة أزمة سياسية فجرها قرار من المحكمة الدستورية في التاسع عشر من مارس الجاري، وقضى بإبطال مجلس الأمة 2022، وإعادة مجلس 2020، وسط غياب أي مؤشرات حول كيفية التعاطي مع هذا المأزق، لاسيما في ظل رفض واسع للقبول باستمرار عمل المجلس العائد.
وتجنب ولي العهد الكويتي الخوض في قرار المحكمة الدستورية، ليترك هذا الأمر على ما يبدو بيد حكومة الشيخ أحمد النواف وكيف ستتعامل مع الواقع الجديد، وإن كان متابعون للمشهد الكويتي يرون أن رئيس الوزراء قد يفضل خيار حل المجلس والدعوة إلى انتخابات جديدة.
وقال أحمد الديين، عضو المكتب السياسي للحركة التقدمية الكويتية (يسار) في وقت سابق إن تشكيل الحكومة يبدو كأنه “خطوة باتجاه استكمال خطوات أخرى لإنهاء وضع مجلس 2020 المرفوض شعبيا”، معتبرا أن هذا الأمر يمكن أن يتم عن طريق حله مرة أخرى أو “تقديم دعوى أمام القضاء للطعن بصفة أصلية ببطلان حكم المحكمة الدستورية الأخير”.
وأضاف الديين “في الغالب، تشكيل الحكومة يفترض أن يكون في هذا الاتجاه… وما لم يكن كذلك سيواصل البلد الدوران المرهق في الأزمة السياسية التي يعانيها”.
وكان ولي العهد الذي يتولى معظم صلاحيات الأمير أمر بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة العام الماضي بعد أزمة سياسية محتدمة، في محاولة للتغلب على الجمود السياسي بسبب الصدام بين الحكومة ومجلس الأمة، لكن الانتخابات أسفرت عن غالبية من النواب المعارضين.
وقد سجلت في الفترة الأولى من عمر الحكومة حالة تناغم نسبي بينها والمجلس المبطل، قبل أن تتدهور الأمور بينهما على خلفية إصرار نواب على تمرير حزمة من مشاريع القوانين، بينها مشروع يقضي بسداد الدولة لقروض المواطنين، وهو ما رفضته الحكومة بشدة لتقدم استقالتها في يناير الماضي.
الكويت تعيش منذ سنوات صراعا مستمرا بين الحكومات المتعاقبة التي يعينها الأمير أو نائبه وبين البرلمانات المنتخبة
وقد أعاد ولي العهد تكليف الشيخ أحمد النواف بتشكيل حكومة جديدة في بداية مارس الماضي، قبل أن تقرر المحكمة الدستورية إبطال المجلس التشريعي وإعادة المجلس السابق، الأمر الذي تسبب في حالة من البلبلة، ودفع على ما يبدو الشيخ أحمد النواف إلى التروي في إعلان التشكيل الحكومي، بحثا عن مخارج دستورية.
وقال الديين إن الحكومة ضمت عناصر جديدة، مما يعني أنها ليست مؤقتة، معتبرا أن إبعاد عبدالوهاب الرشيد (وزير المالية في الحكومة السابقة) الذي وصفه بأنه كان “عنصر توتر” بين الحكومة ومجلس 2022، يدل على أن الحكومة الحالية تراهن على عودة برلمان 2022.
وفي كلمة له خلال أداء اليمين الدستورية، أكد رئيس الحكومة الجديدة سعي حكومته إلى “التعاون مع جميع أطياف المجتمع لترجمة آمال المواطنين وتطلعاتهم إلى غد أفضل”.
وتعهد رئيس الوزراء الكويتي لأمير البلاد وولي عهده بـ”أن نكون عند حسن ثقة سموكم، وبأن نضع أنفسنا وخبراتنا وأن نكرس جهودنا لخدمة الكويت”.
وتعيش الكويت منذ سنوات صراعا مستمرا بين الحكومات المتعاقبة التي يعينها الأمير أو نائبه وبين البرلمانات المنتخبة، وهو ما عطل مشاريع التنمية وجهود الإصلاح المالي والاقتصادي، الذي تحتاجه البلاد بشدة في ظل تقلب أسعار النفط الذي تعتمد عليه البلاد في تمويل ميزانيتها بنحو تسعين في المئة.
وهذه الحكومة الرابعة التي يشكّلها نجل أمير البلاد منذ تكليفه برئاسة الوزراء لأول مرة في أغسطس 2022.
وتعد الحكومة الجديدة هي السابعة في الكويت في ثلاث سنوات والعاشرة منذ العام 2013، إذ استقالت الحكومات السابقة إثر مناكفات سياسية، خصوصا على خلفية طلب نواب استجواب وزراء من الأسرة الحاكمة.