ولي العهد السعودي في جولة خليجية تستهدف توحيد الموقف من إيران

الرياض - يبدأ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الاثنين جولة رسمية خليجية تستمر خمسة أيام، وذلك قبل القمة الخليجية السنوية التي تعقد هذا الشهر، على خلفية المحادثات الرامية إلى إنقاذ الاتفاق النووي بين إيران والغرب.
وتأتي هذه الجولة مع نذر تحولات كبرى تشهدها المنطقة في علاقة بالمستجدات الطارئة في الملف النووي الإيراني، الذي جرى استئناف المفاوضات حوله بين طهران والمجموعة الدولية، وأيضا بتراجع الثقة في مدى التزام الولايات المتحدة بأمن المنطقة.
ويرى مراقبون أن الجولة ستركز على تبني موقف موحد حيال سبل التحرك لمواجهة التحديات التي تفرضها إيران، لكن سيكون من الصعب التوصل إلى إجماع في ظل وجود دول ترتبط بعلاقات وثيقة مع طهران وبينها قطر.
ونقلت صحيفة "عكاظ" عن مصادر دبلوماسية قولها إن ولي العهد السعودي يستهل جولته الخليجية "وهي الأولى له بعد القمة الخليجية التي عقدت في مدينة العلا (غربي السعودية) في يناير الماضي، بزيارة سلطنة عمان، ثم البحرين وقطر والإمارات والكويت".
وذكرت هذه المصادر أن جدول أعمال الجولة يشمل "مناقشة الملف النووي والصاروخي الإيراني بكافة مكوناته وتداعياته، وبما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي".
وأشارت المصادر إلى أن جولة ولي العهد السعودي تؤكد "على مبادئ حسن الجوار واحترام القرارات الأممية والشرعية الدولية، وتجنيب المنطقة كافة الأنشطة المزعزعة للاستقرار، إضافة إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة اليمنية قائم على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216".
ومن المقرر، حسب الصحيفة السعودية، "أن يتم خلال الجولة التأكيد على أهمية رفع المعاناة الإنسانية عن الشعب اليمني، والتطورات على الساحة العراقية في ضوء نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة، والوضع في سوريا وليبيا ومستجدات القضية الفلسطينية، ورفع وتيرة التعاون ومنها الأمن والدفاع والاقتصاد والتجارة والاستثمار والطاقة والاتصالات بين دول المجلس الست".
إلى ذلك، لم تستبعد المصادر أن تسفر هذه "الجولة عن توقيع اتفاقات ومذكرات تفاهم في مختلف الميادين، خصوصا ما يتصل بقطاعات الاقتصاد والتجارة والاستثمار".
وكان ديوان البلاط السلطاني في عمان قد أعلن في وقت سابق في بيان أن زيارة الأمير محمد بن سلمان الرسمية إلى مسقط "تأتي انطلاقا من العلاقات التاريخية الممتدة التي تربط سلطنة عُمان والسعودية، وتعزيزا لأواصر المودة التي تجمع شعبي البلدين، واستكمالا لما أسفر عنه لقاء السلطان هيثم بن طارق والعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أثناء زيارة المملكة في يوليو الماضي".
وأفاد البيان العماني بأن ولي العهد السعودي "سيبحث خلال الزيارة عددا من المجالات والجوانب ذات الاهتمام المشترك، خدمة لمصالح البلدين، وبما يحقق تطلعات وآمال الشعبين لمستقبل أكثر رخاء، ونماء، وازدهارا".
ونقلت صحيفة "عكاظ" عن المصادر التي استندت إليها توقعها "أن يتم خلال زيارة سلطنة عمان إطلاق مجموعة من المبادرات المشتركة تشمل مجالات تعاون رئيسية، منها الاستثمارات في مشروع إقامة منطقة صناعية في المنطقة الاقتصادية الخاصة في الدقم والتعاون في مجال الطاقة، إضافة إلى الشراكة في مجال الأمن الغذائي والتعاون في الأنشطة الثقافية والرياضية والسياحية المختلفة"، علاوة على أنه من المنتظر أن تشهد الزيارة "افتتاح أول منفذ حدودي بري مباشر بين البلدين بطول 800 كيلومتر وهو منفذ الربع الخالي".
وكان العاهل السعودي استبق زيارة ولي العهد بإرسال رسائل خطية إلى عدد من زعماء دول الخليج الأحد، نقلها وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان.
وتسبق جولة ولي العهد السعودي الخليجية، القمة الخليجية الثانية والأربعين المقرر انعقادها في الرياض في الرابع عشر من ديسمبر الجاري، التي ستجدد التأكيد على ضرورة أن تشتمل أي عملية تفاوضية مع إيران معالجة سلوك طهران المزعزع لاستقرار المنطقة، إلى جانب بحث الخطوات التي تم إنجازها على صعيد تعزيز التعاون الأمني والعسكري بين دول المجلس.
وكانت السعودية والإمارات قد بدأتا التواصل مع إيران في محاولة لاحتواء التوترات الإقليمية، في الوقت الذي دارت فيه مباحثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران لإحياء الاتفاق النووي.
وفي جولة المباحثات الأخيرة في فيينا الأسبوع الماضي أثارت القوى الغربية الشكوك في عزم طهران على إنقاذ الاتفاق المبرم عام 2015، والذي ترى دول الخليج أنه معيب لأنه لم يتناول برنامج طهران الصاروخي وشبكة الفصائل الإقليمية التي تعمل لحسابها.
وانسحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب من الاتفاق عام 2018 وأعاد فرض العقوبات الأميركية على إيران، الأمر الذي دفعها إلى الشروع في مخالفة القيود النووية بدءا من عام 2019. وتنفي إيران السعي لامتلاك السلاح النووي.
وسيبدأ ولي العهد السعودي جولته في اليوم الذي يتوقع أن يزور فيه مستشار الأمن الوطني الإماراتي إيران.
وفي أبريل الماضي بدأت السعودية محادثات مباشرة مع طهران، ووصفت الرياض المحادثات التي جرت في العراق بأنها استكشافية إلى حد كبير.