وكلاء اللاعبين أم الأندية.. من يسيطر على سوق الانتقالات الصيفية في مصر

اختلفت خارطة سوق انتقالات لاعبي كرة القدم في مصر هذا العام بعد أن استمرت هيمنة فريقي الأهلي والزمالك عليها السنوات الماضية قبل أن تظهر متغيرات صبت في صالح أندية أخرى، من بينها تحكم وكلاء اللاعبين في منظومة الانتقالات وبروز أندية جديدة لديها قدرات مالية تضاهي الأندية الكبيرة التقليدية، إلى جانب تأثر الأهلي والزمالك بالأزمات المالية التي يتعرضان لها في الوقت الحالي.
القاهرة - تمكنت أندية عديدة في منتصف جدول الدوري المحلي وأخرى صاعدة حديثا إلى الدوري المصري الممتاز من إبرام صفقات عديدة خلال الأيام الماضية مع انتهاء الموسم الكروي، استعدادا للموسم الجديد، وتعثرت محاولات الأهلي والزمالك للحصول على خدمات عدد من اللاعبين في أندية محلية وأفريقية وعربية لأسباب مختلفة. واتجه فريق الأهلي المصري إلى قطع إعارة عدد من لاعبيه الشباب تحسبا لعدم قدرة الفريق على تحقيق أهدافه من الانتقالات الصيفية مع عدم الإعلان عن صفقات جديدة قوية، ومن بينهم اللاعب الشاب محمد مغربي لاعب نادي تبليسة التشيكي، واكتفى الزمالك بإبرام ثلاث صفقات للاعبين ضمّهم مجانا تقريبا في صفقات انتقال حر.
ودخل النادي الأهلي المصري في مفاوضات قوية مع أحد نجوم منتخب جزر القمر، لدعم هجومه في الموسم المقبل 2022 – 2023. كما دخل الأهلي في مفاوضات متقدمة مع إدارة نادي كورتريك البلجيكي لضم الجناح القمري فايز سليماني. كما قدم الأهلي عرضا خلال الأيام الماضية للنادي البلجيكي، ويجري في الوقت الحالي التفاوض على المقابل المالي للصفقة. كما يتفاوض الأهلي مع اللاعب ووكيله من أجل التوصل لاتفاق بشأن الراتب الذي سيتقاضاه مع الفريق الأحمر في الفترة المقبلة.
ويسعى الأهلي لدعم الفريق بلاعبين مميزين في الموسم الجديد، حيث يتجه مسؤولو النادي الأحمر للخيارات الأجنبية بعد رحيل الثنائي المغربي بدر بانون لنادي قطر والموزمبيقي لويس ميكيسوني لنادي أبها السعودي. وفقد الأهلي لقب الدوري المصري الممتاز في الموسمين الماضيين لمصلحة غريمه الزمالك، بينما يستعد للإعلان عن اسم مديره الفني الجديد، بعد إقالة البرتغالي ريكاردو سواريز.
وكشف مصدر داخل النادي الأهلي آخر تطورات ملف المدير الفني الجديد، الذي سيخلف البرتغالي ريكاردو سواريز. وقال المصدر إن هناك 3 أسماء مرشحة لقيادة الأهلي في الوقت الحالي، يتصدرهم السويسري مارسيل كولر.
انتدابات ناجحة
وأوضح المصدر أن الأهلي في مفاوضات متقدمة مع كولر إلى جانب اسمين آخرين، أحدهما الإيطالي دي فرانشيسكو إلى جانب اسم ثالث يتحفظ النادي على ذكره. وأشار المصدر إلى أن الموعد الأقرب للإعلان عن المدير الفني الذي سيقع عليه الاختيار، سيكون الأحد المقبل على الأرجح.
وكشفت وسائل إعلام في وقت سابق دخول كولر ضمن الأسماء المرشحة لتولي منصب المدير الفني الجديد للأهلي. من جهته أعلن الزمالك التعاقد مع اللاعب المغربي زكرياء الوردي قادما من نادي الرجاء، والسنغالي إبراهيما نداي لاعب لوزيرن السويسري، في صفقة انتقال حر، كما ضم أحمد أيمن منصور قادما من بيراميدز المصري.
وفي المقابل نجح نادي أسوان الصاعد حديثا إلى دوري الدرجة الأولى في إبرام 11 صفقة يراها الكثير من النقاد ناجحة، ويمكن أن تلعب دورا مؤثرا في قدرة الفريق على الظهور بشكل جيد في مسابقة الدوري وتحاشي شبح الهبوط الذي يطارده كلما صعد، وذلك بعد أن لجأ وكيل اللاعبين هيثم عرابي للاستثمار في الفريق الذي يتبع أحد الأندية الشعبية الممثلة لمحافظات جنوب مصر عبر توليه إدارة التعاقدات، ما مكنه من جذب أسماء تمكنت من الترويج للفريق قبل انطلاق الموسم الشهر المقبل.
◙ نادي أسوان الصاعد حديثا إلى دوري الدرجة الأولى نجح في إبرام 11 صفقة يراها الكثير من النقاد ناجحة
وتعاقد عرابي مع المدرب المصري المخضرم ربيع ياسين لتدريب الفريق، والمهاجم الجابوني مالك إيفونا الذي سبق له اللعب للأهلي المصري، واللاعب الدولي الليبي محمود بن والي مدافع فريق المدينة الليبي، والمغربي أحمد بلحاج اللاعب السابق لسرقسطة الإسباني، إلى جانب عدد من لاعبي الدوري المحلي أبرزهم محمود عبدالحكيم لاعب الداخلية ومحمود صابر لاعب نادي سيراميكا كيلوباترا.
وتشير تجربة عرابي الذي تولى من قبل منصب مدير إدارة التعاقدات بالنادي الأهلي ويعمل كوكيل لعدد من اللاعبين إلى أن الأندية لم تعد لديها القدرة على التحكم في سوق الانتقالات الصيفية، وأن الوكلاء يهيمنون على خارطة بدأت تتجه إلى أندية تقع في منتصف الدوري المصري ولديها إمكانيات مادية نتيجة تبعيتها لشركات استثمارية ويقوم بعض رجال أعمال بتمويلها رغبة في الاستثمار الرياضي.
وتوالت تحذيرات من جانب عدد من المدربين وقدامى اللاعبين من التأثير السلبي لوكلاء اللاعبين على سوق الانتقالات من خلال توجيه اللاعبين نحو الفرق التي تدفع عمولات أكبر لهم حتى وإن لم يكن ذلك في صالح اللاعب، كذلك الوضع بالنسبة إلى المدربين الذين ينحصر الاختيار بين عدد قليل منهم لتدويرهم على أندية الدوري المصري وسد المنافذ أمام محاولات من شأنها اكتشاف مواهب جديدة في التدريب.
أزمة مالية
لا تشكل الأزمات المالية التي يعاني منها الأهلي والزمالك الفترة الحالية وتحدث عنها مقربون من إدارات الناديين سببا رئيسيا في خسارة جولات التفاوض مع اللاعبين، لكن العلاقة المعقدة بين الوكلاء والمدربين تعمل لصالح توجيه أسماء بعينها من اللاعبين لخدمة هذا المدرب أو ذاك، وتحاول الأندية اختراق تلك الشبكات من خلال عقد اتفاقات موازية مع الوكلاء أملا في الحصول على جزء من الحصة المالية.
وأكد لاعب الأهلي سابقا أحمد عبدالمنعم (كشري) أن رحيل المدرب الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني عن الأهلي سببه الخلاف بين إدارة الفريق التي رأت أن يكون تجديد التعاقد مع أحد الوكلاء الذين يتعاون معهم النادي في حين أصر موسيماني على أن تكون التعاقدات مع زوجته التي تتولى مهمة إدارة أعماله، مشيرا إلى أن اعتماد الأهلي على مجموعة محددة من وكلاء اللاعبين من أسباب المصاعب التي واجهها أخيرا للاستقرار على اسم المدير الفني الجديد.
◙ الأزمات المالية التي يعاني منها الأهلي والزمالك لا تشكل سببا رئيسيا في خسارة جولات التفاوض مع اللاعبين
وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن العمولات ونسب “السمسرة” دائما ما تكون متحكمة في توجيه الكثير من الصفقات، وأن الأندية هي الحلقة الأضعف وعليها الاعتماد على إدارات التعاقدات التابعة ولها عدد من الوكلاء لضمان الحصول على الصفقات أو التحرك بمفردها عبر العلاقات الودية بين رؤساء الأندية للتوصل إلى تفاهمات حول الصفقات، وهو أمر تراجع بصورة كبيرة في العامين الماضيين.
وأوضح أحمد كشري، وقد خاض تجربة التدريب في عدد من أندية الدوري المحلي بينها أسوان والإنتاج الحربي، أن الخطر الأكبر يتمثل في سيطرة وكلاء اللاعبين على المنتخبات الوطنية، وهناك تجارب لعدد من المدربين تولوا المهمة الفنية لمنتخب مصر وارتبطوا بعقود مع وكلاء لاعبين تحكموا في بعض الاختيارات للمنتخب الأول والأولمبي، وهو ما جلب نتائج كارثية على المنتخبات الوطنية، وفي حال استمر الوضع مع المدربين الجدد الذين تولوا مهمة تدريب المنتخبات الوطنية سوف تتكرر الخيبة.
ويقول البعض من النقاد إن عددا من أندية الوسط في الدوري المحلي فطنت إلى هيمنة وكلاء اللاعبين على سوق الانتقالات وسعت للتخلص من تعقيداتها، وهو ما يعد أحد أسباب نجاحها في إبرام صفقات على حساب الأهلي والزمالك اللذين تبقى مهمتهما أكثر صعوبة مع الاشتراطات المالية المبالغ فيها التي تضعها بعض الأندية نظير التخلي عن لاعبيها لأيّ منهما مع اشتراط تبادل عدد آخر من اللاعبين.
صفقات تبادلية
استطاعت بعض أندية وسط الدوري توقيع صفقات كانت هدفا لأندية كبيرة، وتمكن مثلا فريق سيراميكا من إنهاء صفقة اللاعب النيجري جون إيبوكا لصالحه قادما من إنبي المصري، في صفقة تبادلية شملت انضمام المهاجم أحمد أمين أوفا ولاعب الجناح جوزيف أتولي ماساي لنادي إنبي، إضافة إلى مبلغ مالي سخي لم يتم الإعلان عنه. ونجح فريق فيوتشر في التعاقد رسميا مع مهند لاشين لاعب فريق طلائع الجيش عقب منافسة مع الزمالك، ونجح بيراميدز في الحصول على خدمات كريم حافظ لاعب مالاتيا سبور التركي بعد صراع مع الأهلي لضم اللاعب، كما فشل الأهلي في الحصول على خدمات لاعب بيراميذر إبراهيم عادل الذي جدد تعاقده مع فريقه.
ورفض وكيل اللاعبين نادر شوقي تحميل الوكلاء تعثر كل من الأهلي والزمالك في إبرام صفقات لافتة محلية أو خارجية، حيث يمران بارتباك جراء الاعتماد على أسلوب مبادلة اللاعبين الذي أخذ في التصاعد بين أندية تسعى لتحقيق أكبر قدر من المكاسب وراء المواهب التي تملكها وتسعى للاستفادة من وجود وفرة في عدد اللاعبين غير الأساسيين في بعض الأندية الكبيرة.

وأكد شوقي في تصريح لـ”العرب” أن أندية الدوري المحلي في مصر تواجه أزمات مالية متفاقمة، ما يجعلها أكثر اعتمادا على نظام المبادلة، كما أن أندية الوسط أضحت أكثر إدراكا بأن مطالبها ببيع لاعبين لديها بأسعار تصل إلى 40 أو 50 مليون جنيه (حوالي 2 إلى 2.5 مليون دولار) لم تحظ بموافقة الأندية الكبيرة، وهو ما فرض عليها التوسع في طلبات التعاقد وإعارة لاعبين اثنين أو ثلاثة مقابل بيع لاعب لديها.
وشدد على أن هناك أزمة مواهب بشكل عام يعاني منها الدوري المصري، وتحقيق فريق الزمالك لقب الدوري هذا العام من دون إجراء صفقات جديدة جعل أندية أخرى تعيد النظر في تفكيرها بشأن الصفقات، إضافة إلى أنها تواجه صعوبات على مستوى اتخاذ قرارات سليمة تضمن عدم خسارتها في نظام المبادلة، والذي من المتوقع أن يزداد انتشارا خلال فترة انتقالات يناير المقبل.
وتصدر لاعبا نادي فيوتشر محمد رضا بوبو وعمر كمال عبدالواحد مشهد الانتقالات الأيام الماضية، حيث سعى الأهلي لضم الأول، وحاول الزمالك الحصول على خدمات الثاني، غير أن الناديين لم يحققا هدفهما بسبب مغالاة فيوتشر في طلبات الحصول على ثلاثة لاعبين من كل فريق يحدد أسماءها مقابل التنازل عنهما.
ووجه نادي المقاولون العرب الشكر لخمسة لاعبين بعد انتهاء عقودهم، بالتزامن مع ختام الموسم الماضي. وصدر القرار بالاتفاق بين مجلس إدارة النادي برئاسة محسن صلاح ومحمد عادل فتحي المشرف على الكرة وشوقي غريب المدير الفني. وأصدر المقاولون بيانا رسميا وجه فيه الشكر للاعبين أحمد علي ومحمود عزت بعد انتهاء فترة إعارتهم للفريق، إلى جانب الثنائي محمود عبدالعزيز ومحمد سمير بعد نهاية عقديهما.
كما فسخ المقاولون العرب التعاقد مع الظهير الأيمن باسم علي بالتراضي. وتمنى المقاولون للاعبين “التوفيق في خطواتهم المقبلة بعد أن خدموا النادي بكل جهد”، مثمنا مساهمتهم الفعالة في الإبقاء على الفريق بالدوري المصري الممتاز، في الموسم الماضي. وحسم المقاولون العرب بقاءه في الدوري الممتاز في الجولة الأخيرة من الموسم الماضي، بعد صراع مع الجونة وإيسترن كومباني، اللذين هبطا رفقة فريق مصر للمقاصة.