وكالة الفضاء الأوروبية تعد جيلا جديدا من الرواد الشباب

فتح آفاق الفضاء لذوي الاحتياجات الخاصة والنساء.
الخميس 2021/02/18
جيل جديد ومتنوع

ازدادت وتيرة الرحلات إلى كوكب المريخ مع بداية الألفية الحالية، ومنها ثلاث خلال شهر فبراير الحالي لاكتشاف أسرار هذا الكوكب الأحمر وما ينطوي عليه من تشابه مع الأرض، ولعله يكون مستقرا للإنسان في المستقبل. ومن أجل تحقيق النجاح في الرحلات القادمة تستعد وكالة الفضاء الأوروبية لتكوين جيل جديد من الرواد.

باريس - تعتزم وكالة الفضاء الأوروبية البدء ببناء جيل جديد من رواد فضاء في صفوفها تقل أعمارهم عن 50 عاما ويتمتعون بمؤهلات علمية قوية كي يكونوا في عداد البعثات المقبلة إلى محطة الفضاء الدولية ثم إلى القمر، والتوجّه نحو إسناد المزيد من المواقع القيادية في هذا المجال إلى النساء.

ولن تعيّن الوكالة في هذه الحملة الأولى لقبول رواد فضاء منذ 11 عاما سوى عدد محدود منهم إذ ستكتفي باختيار أربعة إلى ستة فحسب من بين المرشحين، بعد عملية غربلة طويلة تبدأ في 31 مارس باستقبال طالبي الانتساب وتنتهي في أكتوبر 2022.

وخلال موجة التعيينات السابقة في 2008 عبر أقل من عشرة -من أصل أكثر من ثمانية آلاف مرشح- خط الوصول، بينهم رائد الفضاء الفرنسي  توما بيسكيه (43 عاما) أصغر رواد الفضاء الأوروبيين سنا.

وكتب بيسكيه في تغريدة خلال التحضيرات لمهمته الثانية “ألفا” على متن محطة الفضاء الدولية المقررة في الربيع المقبل “هل هناك متطوعون ليصبحوا زملاءنا الجدد؟ قدموا طلباتكم!”.

ووجه توما بيسكيه من مركز تدريبه في موقع لم تكشفه وكالة الفضاء الأوروبية بعض النصائح إلى زملائه المقبلين، في مقطع فيديو تم بثه الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي عقد بمناسبة إطلاق حملة التجنيد رسميا.

وتوقع المسؤول عن إدارة المركز الأوروبي لرواد الفضاء في وكالة الفضاء الأوروبية غيّوم فيرتس خلال مؤتمر صحافي أن يتقدم “عدد أكبر من المرشحين هذه المرة”.

أما معايير الاختيار فهي متعددة، ومن بينها كذلك معايير سياسية لاسيما في ظل التباين في مساهمات جميع الدول الأعضاء في ميزانية الوكالة.

معايير اختيار الرواد متعددة من بينها معايير سياسية لاسيما في ظل التباين في مساهمات جميع الدول الأعضاء في ميزانية الوكالة

ويُشترط في المرشح أن يكون حاصلا على درجة الماجستير في مجال علمي وأن تكون لديه خبرة مهنية مدتها ثلاث سنوات. ورُفع الحد الأقصى للسن من 40 عاما في المرة الأخيرة إلى 50 عاما.

وينبغي للمرشح أن يتمتع بمستوى مثالي في اللغة الإنجليزية وأن يتقن لغة ثانية جيّدا، لكنّ الروسية ليست إلزامية، ويتم تدريسها خلال التدريب.

ولا بدّ طبعا من أن تكون اللياقة البدنية للمرشح جيدة جدا، دون أن يعني ذلك أن المطلوب مرشحون خارقون “كسوبرمان أو سوبروومن”، حسب توضيح فيرتس.

وأشارت زينب العمري من قسم الموارد البشرية إلى أن الوكالة تبحث “عن أشخاص يحافظون على رباطة جأشهم في ظل الضغط”.

أما رائد الفضاء الإيطالي لوكا بارميتانو فقال “إذا كانت هناك ميزة واحدة مشتركة بين رواد الفضاء فهي الفضول”.

وتشمل عملية الاختيار اختبارات عدة، بينها ما هو فني ونفسي وطبي… وتتوج بمقابلات توظيف. وشرح غيّوم فيرتس أن “آلية الاختيار لا تتضمن أي معايير مرتبطة بالجنس، ولدى النساء الفرص نفسها ليفزن بالتعيين”، داعيا “جميع المهتمات إلى  الترشّح”.

ولاحظت رائدة الفضاء الفرنسية كلودي أينيريه أن نسبة النساء بين المرشحين لم تكن تتجاوز 16 في المئة عام 2008، مشيرة إلى أن عدد النساء هو 64 فحسب بين رواد الفضاء في العالم البالغ عددهم الإجمالي 575.

وقالت أينيريه التي كانت أول امرأة فرنسية وأوروبية تشارك في رحلة فضائية “كنا نشكّل 10 في المئة بين المرشحين الذين اختيروا عام 1985، وإذا وصلنا اليوم إلى 30 – 35 في المئة فسيكون ذلك جيدا. أنا متأكدة من أننا سنحقق تقدما”.

الفضول ميزة رواد الفضاء
الفضول ميزة رواد الفضاء

وأضافت “عندما رأيت الإعلان في 1985 أيقظ في داخلي الحلم الذي أثارته في طفولتي خطوات الإنسان الأولى على سطح القمر (…) وبالتالي لم أتردد ولو للحظة في التقدّم بترشيحي”. وتقوم أينيريه اليوم بجولات في المدارس والجامعات كي تؤكد للشابات أن الأمر “ممكن”.

وتتطلع وكالة الفضاء الأوروبية إلى ضم رائد فضاء يعاني من إعاقة جسدية إلى الفرق الاحتياطية في برنامج يسمى “باراسترونوت”. وتحقق الوكالة في طبيعة الظروف التي يمكن أن تسمح للمرشح بالسفر إلى محطة الفضاء الدولية.

وقال مدير الاستكشاف البشري والروبوتي في وكالة الفضاء الأوروبية ديفيد باركر في بيان إنه “ينبغي (…) توسيع نطاق التنوع ليشمل الإعاقات الجسدية”.

وقال “بموازاة توظيف رواد الفضاء أُطلق مشروع لدراسة إمكانية توظيف رواد الفضاء ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو ابتكار حان وقته”.

أما توما بيسكيه فاعتبر في رسالة بالفيديو أن “المهم ألا يفرض الراغبون في الترشح رقابة ذاتية على أنفسهم”. وأضاف رائد الفضاء الذي يستعد لمهمته الفضائية الثانية مخاطبا هؤلاء “سجّلوا، حتى لو كنتم تشكّون في أنفسكم!”.

وستُتاح لرواد الفضاء الشباب الذين سيقع الاختيار عليهم المشاركة أولاً في رحلات إلى محطة الفضاء الدولية، على أن يكونوا مستقبلاً في بعثات إلى القمر.

وفازت وكالة الفضاء الأوروبية بثلاثة مقاعد للأوروبيين على متن محطة “غيتواي” الفضائية في مدار القمر، بصفتها مساهمة في البرنامج. لكنّ المسؤول في برنامج الاستكشاف البشري والروبوتي ديدييه شميت أوضح أن الرحلات الأولى المتوقعة قرابة سنة 2025 ستقتصر على رواد الفضاء من الجيل الحالي.

ويبلغ عدد أعضاء فريق رواد الفضاء الأوروبيين حاليا سبعة، هم الألمانيان ألكسندر غيرست وماتياس ماورير والإيطاليان لوكا بارميتانو وسامانتا كريستوفوريتي والفرنسي توما بيسكيه والبريطاني تيموثي بيك والدنماركي أندرياس موغنسن.

وستشمل حملة تجنيد الجيل الجديد من رواد الفضاء للمرة الأولى استحداث “فريق احتياط” في برنامج “باراسترونوت”، إضافة إلى فريق رواد الفضاء الرئيسي، للاستعانة به في حال استجدت فرص رحلات جديدة أقل طولا.

20