وكالة الأنباء الصينية تعتمد كليا على الروبوت في أخبارها

أصبح أمر الاستحواذ على وظائف الصحافي من قبل الروبوت أمرا واقعا مع انضمام مذيعة روبوت جديدة إلى فريق التحرير في وكالة الأنباء الصينية، التي تقر بأن المقدم الرقمي يتميز عن المذيعين التقليديين بأنه قادر على العمل على مدار الساعة.
بكين – أعلنت وكالة الأنباء الصينية “شينخوا” عن انضمام أول مذيعة أخبار تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، لتشارك بجوار نظرائها الذكور في الوكالة الرسمية.
وطورت الوكالة “المذيعة الروبوت” شين خيومينج بالتعاون مع شركة محرك البحث “سوجو”، وصاغ مطوروها خطابها وتصرفاتها استنادا لمذيعة الأخبار كوي منج، قبل أن يتم الكشف عنها في شريط فيديو.
ولدى المذيعة الذكية القدرة على التحدث أمام الكاميرات وتحديد موقعها والاستدارة وفقا لتغير الكاميرات خلال النشرات الإخبارية مثلما يفعل المذيعون الحقيقيون. وتبدو فعلا نابضة بالحياة بتفاصيل مثيرة للدهشة، مثل حركات الرموش واليدين أمام الكاميرا.
وكانت الوكالة الصينية كشفت عن زوج من المذيعين الآليين الذكور خلال مؤتمر الإنترنت العالمي الذي انعقد في نوفمبر 2018، وتم تقديم “النسخة” الافتراضية لمقدم النشرات الإخبارية المعروف في الصين تشانغ زو، كبديل لنظام تقديم الأخبار التي يتكفل بها حتى الآن صحافيون بشر. واحد يتحدث اللغة الإنكليزية والآخر الصينية، معتمدة على أشكال وصور لمذيعين حقيقيين.
المذيعة الذكية لديها القدرة على التحدث أمام الكاميرات وتحديد موقعها وفقا لتغير الكاميرات خلال النشرة الإخبارية
ويرتدي أحد هذين المذيعين بزة قاتمة وربطة عنق حمراء فيما يلبس الثاني قميصا وربطة عنق رمادية، ويتلوان أمام الكاميرا نصا تمت برمجتهما لقراءته من خلال تحريك الشفتين بالوتيرة المعتمدة عادة في نشرات الأخبار.
ولفتت الوكالة إلى أن المقدم الرقمي يتميز عن المذيعين التقليديين بأنه قادر على العمل على مدار الساعة. وأضافت “هو بات رسميا عضوا في فريق التحرير في وكالة الصين الجديدة” و”سيعمل مع المقدمين الآخرين ليزودكم بالأخبار الدقيقة التي تم التحقق من صحتها لحظة حصولها”.
وقد ظهرت هاتان الشخصيتان اللتان قدمتا في المؤتمر العالمي للإنترنت الذي تنظمه الحكومة الصينية سنويا في ووزن قرب شنغهاي، كما باتتا موجودتين على منتجات تسوق لها الوكالة عبر الإنترنت.
ومنذ ذلك الوقت تسعى وكالة “شينخوا” للاهتمام بشكل جاد مع فكرة الاعتماد كليا على قارئي نشرات الأخبار الصناعيين، خاصة وسط خضوع مقدمي الأخبار في الصين لاختبارات قبول حادة ومراقبة صارمة من قبل الوكالة.
وتقول الوكالة إن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي ليست محصورة في قراءة النشرات الإخبارية فقط، بل من الممكن توظيف النظام الجديد لكي يتناسب مع احتياجات زبائن آخرين في صناعات أخرى غير مرتبطة بالصحافة.
وقدم وانغ تشاوشون، رئيس شركة “سوغو”، مثالا متجسدا في تطبيق قراءة الكتب الشهير في الصين “أونكل كاي”. وقال تشاوشون “في المستقبل، قد يكون والداك هما من يقرآن القصة الموجودة في الكتاب بصوتيهما”.
وقد كانت شركة يابانية تعنى بالأمور التكنولوجية قد سبقت الوكالة الصينية في هذا المجال، وأعلنت العام الماضي عن قرارها بتقديم أول روبوت مذيعة في العالم، بالتعاون مع إحدى محطات التلفزيون اليابانية، وتم تصميم الروبوت “إريكا” لتكون شبيهة جدا بالمذيعات الحقيقيات من حيث التصميم والتقديم التلفزيوني دون أن يشعر المشاهد بأي فرق بينهما.
وقال هيروشي إيشيغورو مصمم الروبوت إريكا “إنها قريبة جدا من البشر بفضل تقنية الذكاء الاصطناعي إلى درجة أنها تكاد ‘تشعر بك’ وكأن ‘ضميرا إنسانيا داخليا مستقلا’ يحركها”. وتابع “على الرغم من أنها لا تستطيع تحريك ذراعيها، إلا أنها تستجيب بعينيها إلى المؤثرات الخارجية لأنها تعمل بالأشعة تحت الحمراء”.
ووصف إيشيغورو إريكا بأنها “واقعية إلى درجة تبدو كأن لها روحا”، ومنذ ذلك الحين وقبل أن يثير الدهشة بمدى التطور الذي وصل إليه الذكاء الاصطناعي، تحسس الصحافيون مواقعهم وتملكهم الخوف من فقدانها.

وبحسب ما نشرته صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، تعد أهم مؤهلات إريكا، أنه تم تزويدها بأحد أكثر أنظمة المحادثة الصناعية تقدما في العالم. ووفقا لمبتكرها إيشيغورو، فإن إريكا تبدي حفاوة واهتماما، وربما سيكون لديها قريبا “وعي إدراكي مستقل”.
وقال إيشيغورو “إنها تستخدم الذكاء الاصطناعي لقراءة الأخبار التي يقوم بتحريرها فريق النشرات البشري”.
وأوضح مدير مختبر الروبوتات الذكية في جامعة أوساكا قائلا “سنقوم باستبدال أحد مراسلي الأخبار بالروبوت إريكا”، مشيرا إلى أنه يواصل مساعيه لبلوغ تلك الخطوة في بث مباشر على الهواء منذ عام 2014.
ويرى الخبراء أن ما يفصل روبوت الذكاء الاصطناعي عن الوصول إلى مرحلة التأليف هو مجرد مسألة وقت. وتستخدم حاليا الروبوتات الصحافية في مجال كتابة التغطية الإخبارية للنتائج المالية الخاصة بالشركات، فيتم إدخال البيانات المالية ليؤلف برنامج الذكاء الاصطناعي خبرا عنها بسرعة فائقة مقارنة بالصحافي البشري.
ويبرز المدافعون عن هذا النوع من “الصحافيين” عامل الدقة والسرعة في العمل الإخباري، بدليل برنامج “بلانيت ماني” الذي تعده القناة الحكومية الأميركية “إن بي آر”، والذي أثبت تفوق الروبوت من خلال مسابقة للكتابة بين صحافي بشري وآخر افتراضي، إذ فاز الأخير في النهاية بفارق واضح.
لكن من الواضح أن الصحافي الافتراضي يقع في أخطاء تحريرية مثله مثل الصحافي البشري، وإن حدث وأن ارتكب الصحافي الافتراضي خطأ يتعلق بالتشهير مثلا، فمن الصعب تحديد المسؤولية القانونية في هذه الحالة.