وكالة الأنباء الجزائرية تستكمل مهمة وزير الاتصال بمهاجمة "منابر الشر"

انضمت وكالة الأنباء الجزائرية إلى وزير الاتصال محمد مزيان في الحديث عن هجمة شرسة تستهدف تشويه صورة الجزائر، وبنفس سياسة التهويل والتضخيم التي أثارت سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
الجزائر - اتهمت وكالة الأنباء الجزائرية جهات خارجية بشن حملة إعلامية شرسة ضد بلادها، ضمن إستراتيجيتها الجديدة في الرد على الانتقادات التي تواجهها الحكومة في عدة ملفات، ودافعت الوكالة في نفس الوقت عن التصريحات الأخيرة لوزير الاتصال محمد مزيان التي أثارت موجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وزعمت الوكالة أن “تقارير موثوقة تكشف عن وجود عدد معتبر من الغرف المظلمة المختصة في شن حرب إعلامية قذرة متعددة الأوجه ضد الجزائر ومؤسساتها باستخدام تقنيات برامج الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق،” وأضافت أن الجزائر “تقف في وجهها بالمرصاد من خلال تطبيقات عملية ذات تقنيات عالية وبأياد جزائرية.”
ويبدو واضحا أن الوكالة أقحمت المغرب في تصفية حساباتها مع “المنابر المعادية” كما هي العادة في مثل هذه المناسبات خصوصا بعد ما أثارته تصريحات مزيان من سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي.
ويرى متابعون للشأن الإعلامي الجزائري أن الوكالة الرسمية الممولة من طرف موازنة الدولة، والمنوطة بأداء رسالة إعلامية عمومية وتبليغ الخطاب الرسمي للدولة، تحولت في السنوات الأخيرة إلى أداة توظف من طرف أجهزة السلطة، الأمر الذي كلفها مصداقيتها، خاصة لمّا انحرفت عن الحيادية وهوت إلى الانحياز لصالح أطراف فاعلة في السلطة.
◙ الوكالة الجزائرية فقدت مصداقيتها خصوصا لمّا انحرفت عن الحيادية وهوت إلى الانحياز لصالح أطراف فاعلة في السلطة
وقد واصلت هجمتها على المنابر الخارجية بنفس سياسة التهويل والتضخيم التي تحدث عنها مزيان، ووجدها متابعون أنها تبدو طبيعية بالنظر إلى أن الوكالة تحت إدارة وزارة الاتصال التي يقودها مزيان، حيث قالت “تؤكد ذات التقارير أن الجزائر تواجه ترسانة حرب إعلامية قذرة تدار من قبل محور الشر المعادي للجزائر بميزانيات دول ومن عواصم عدة، حيث تلجأ الغرف المظلمة إلى التأثير على محركات البحث والتلاعب بالخوارزميات والكلمات الدلالية من جهة واستحداث آلاف المواقع الإلكترونية بجيوش من الصحافيين، انطلاقا من المغرب وفرنسا ومن دول أخرى متخصصة فقط في متابعة الشأن الجزائري.”
وأعادت الوكالة خطاب الوزير بنفس السياق وزادت عليه تسمية الدول التي تشهد توترا في العلاقات مع الجزائر قائلة إنه “معلوم أن عشرات غرف الأخبار على مستوى القنوات التلفزيونية والصحف الدولية في الخليج وأوروبا تخضع لهيمنة اللوبي الإعلامي الفرنسي.. مقابل خدمة الأجندات غير المعلنة ونشر وبث خطاب معاد للجزائر، إلى جانب توظيف آلاف الصحافيين من مختلف الجنسيات لشن حملات معادية للسياسة الخارجية للجزائر مقابل مبالغ مالية.”
وتابعت “لذلك فإن التصريحات الأخيرة لوزير الاتصال، محمد مزيان، بشأن الوجه الآخر للحرب الإعلامية القذرة التي تدور رحاها ضد الجزائر، تكون قد كشفت جزءا صغيرا من خفايا الكتائب الإعلامية متعددة الجنسيات المجندة من قبل مخابر محور الشر لتشويه كل ما هو جزائري من خلال إغراق وسائل الإعلام العالمية ومنصات التواصل الاجتماعي بسيل من الأخبار الكاذبة والمضللة والمفبركة للإساءة لمؤسسات الجزائر عبر توظيف خوارزميات محركات البحث الشهيرة أو منصات التواصل الاجتماعي.”
وكان وزير الاتصال، قد ذكر في محاضرة خلّفت العديد من القراءات أنه تم “رصد أكثر من 9 آلاف صحافي لديهم سجل أسود معاد للجزائر، تم تسخيرهم في مختلف دول العالم لشيطنة كل ما هو جزائري وفق أجندات دوائر معادية.”
ونسبت الوكالة إلى ما أسمتهم “بعض المراقبين” أن “الوزير لم يتحدث في خرجته الإعلامية بهذا الشكل من الفراغ، بل بناء على معطيات وكخطوة استباقية لدق ناقوس الخطر وتنبيه الجزائريين إلى ما يطبخ في مخابر محور الشر من بوابة ضرورة إيلاء الإعلام الوطني أهمية بالغة لمسألة توعية الجمهور بما يحاك ضد الجزائر لدفع الجزائريين لغربلة الأخبار وعدم الانسياق وراء الطائفة المضللة في ظل انتشار الأخبار الكاذبة وثورة الذكاء الاصطناعي وانخراط آلاف الإعلاميين حول العالم في هذه الحملات المغرضة.”
ويؤكد متابعون أن وكالة الأنباء الجزائرية تحولت إلى طرف في التجاذبات السياسية بدلا من الحكومة، رغم أنها وسيلة إعلام عمومي يفترض أن تتسم بالجدية والاتزان حتى في دفاعها عن المصالح الوطنية.
◙ وكالة الأنباء الجزائرية تحولت إلى طرف في التجاذبات السياسية بدلا من الحكومة، رغم أنها وسيلة إعلام عمومي
وباتت وكالة الأنباء الرسمية تتدخل من حين إلى آخر ببث برقيات يصعب تصنيفها؛ أهِيَ من التقارير الإخبارية أم من التحاليل أم من مقالات الرأي أم من التعليقات؟ رغم أن الأمر يتعلق بمؤسسة إعلامية حكومية دأبت منذ نشأتها إلى غاية السنوات الأخيرة على تقديم خدمات التغطيات الخبرية والتقارير والصور.
وسبق للوكالة أن جعلت نفسها طرفا علنيا في عدة محطات، على غرار الهجوم على مقرر البنك الدولي، الذي اتهمته بفبركة عمله عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي بإيعاز من القصر الملكي المغربي، ثم هاجمت موظفين وضباطا في الخارجية الأميركية وجهاز الاستعلامات الخارجي، بتدبير فرار المعارضة الفرانكوجزائرية أميرة بوراوي إلى فرنسا من تونس.
كما ردت قناة "فرانس 24" في إحدى المرات على مقال عنيف للغاية لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية يوجه انتقادات جسيمة إلى القناة الفرنسية وتغطيتها للحرائق التي ضربت حوض البحر الأبيض المتوسط، حيث زعمت الوكالة بأن "فرانس24" تخص الجزائر بتغطية فيها تحامل و"شيطانية."
وقالت إن “حرائق نشبت في كل حوض البحر الأبيض المتوسط، و‘فرانس24‘ غطتها من دون أي معالجة حصرية، وخاصة بفضل مراسليها في اليونان وصقلية في الأيام الماضية. الحرائق في الجزائر لم تكن لها أيّ تغطية خاصة.”
وقالت فرانس24 “إنها كغيرها من وسائل الإعلام تغطي هذه الأحداث كما وردت. وإطلاق استنتاجات سياسية لا أساس لها ما هو إلا تحليلات غير عقلانية ومخالفة للمنطق السليم.” كما ذكرت أن “كلام الوكالة الجزائرية التشهيري والمبالغ فيه، واستخدام الشتائم والإهانات، أمور سخيفة، ولاسيما عند الحديث عن تغطية كوارث طبيعية مأساوية ومؤلمة، وإن القناة تعبر عن تعاطفها مع الضحايا أيا كانوا. والتجاوز الموجود في هذا النص يعيب من كتبوه."