وقف تمرير القوانين الشعبوية إلى حين إعادة ترتيب أوضاع السلطتين في الكويت

النهج الحكومي المستجدّ يرجع لتوجّه الأمير الجديد الذي سبق له أن وجّه اتهاما مباشرا للحكومة والبرلمان بالعمل ضد مصلحة البلاد.
الأربعاء 2024/01/03
انتهت الجولة

الكويت - تسلك السلطة التنفيذية في الكويت منذ تسلمّ الشيخ مشعل الأحمد الصباح زمام السلطة بتنصيبه أميرا للبلاد واستقالة حكومة الشيخ أحمد النواف وتحولّها إلى حكومة تسيير أعمال، مسارا معاكسا تماما لمسار المرونة الشديدة الذي سلكته خلال الأشهر الأخيرة إزاء السلطة التشريعية من خلال الاستجابة لأغلب مطالب نواب مجلس الأمّة (البرلمان) ومساعدتهم على تمرير أجندتهم التشريعية المتضمنة لمشاريع قوانين وقرارات يوصف بعضها بالشعبوية بما يتضمّنه من امتيازات اجتماعية ترتّب أعباء مالية إضافية على الدولة مخالفة لمسار إصلاح الاقتصاد وتخفيف الضغوط على المالية العامّة، بينما ينطوي البعض الآخر على مصالح فئوية، حزبية وقبلية.

وبات تشدّد الحكومة في تمحيص بعض مشاريع القوانين ودراستها وردّها للبرلمان يهدّد بتجميد الأجندة التشريعية التي حرص نواب على فرضها بعد أن بدا للحظة أنّها في طريق مفتوح بسبب تساهل الحكومة ذاتها ومسايرتها للبرلمان تجنّبا لإثارة المشاكل معه.

سعود العصفور: ستتم مناقشة الاعتراضات الحكومية بشكل مستفيض
سعود العصفور: ستتم مناقشة الاعتراضات الحكومية بشكل مستفيض

ويرجع متابعون للشأن الكويتي هذا النهج الحكومي المستجدّ لتوجّه الأمير الجديد الذي سبق له أن وجّه اتهاما مباشرا للحكومة والبرلمان بالعمل ضد مصلحة البلاد، معتبرين أنّ ما يجري هو بالفعل عملية تجميد لتشريع القوانين واتّخاذ القرارات المؤثرّة في مستقبل البلد، ريثما يعاد ترتيب وضع السلطتين بطريقة مختلفة تنهي الصراعات المعتادة بينهما وتمنع تسلّط البرلمان على الحكومة والضغط عليها لابتزازها وتحصيل مكاسب لا تتلاءم بالضرورة مع المصلحة العامّة.

وردّت الحكومة الكويتية مشروع قانون رد الاعتبار الذي يعتبر عماد الأجندة التشريعية لعدد من النواب الذين بذلوا جهودا كبيرة لتمريره بدوافع تبدو حقوقية لكنّ لها خلفيات حزبية وفئوية حيث سيستفيد منه عدد من السياسيين الذين تمتّعوا بعفو أميري لكنّهم دون أن يستردّوا حقوقهم السياسية كاملة ومن ضمنها الترشّح لعضوية البرلمان.

وفصّلت في مذكّرة مطوّلة أسباب ردّها لمشروع القانون الذي رأت أنّه يمثل “ردة تشريعية” وأنّ “من شأنه الإخلال بمصلحة المجتمع”، وأنّه يخرج “عن الأهداف المرجوة منه” بما يحتّم “رده إلى مجلس الأمة ليتخذ ما يراه مناسبا تجاهه على ضوء مبررات الردّ” الواردة في المذكّرة.

كذلك ردّت الحكومة الكويتية المستقيلة مشروع تعديل قانوني يتعلّق بحقوق ذوي الإعاقة، وهو من ضمن سلسلة القوانين ذات الصبغة الاجتماعية التي ركّز عليها نواب البرلمان الحالي بشكل استثنائي في ظاهرة اعتبرها متابعون للشأن الكوتي في صميم التوجّه الشعبوي للنواب وتسابقهم على استمالة الناخبين عن طريق تعظيم المكاسب الاجتماعية للمواطنين دون مراعاة للوضع المالي والاقتصادي للبلد المحتاج بشدّة إلى عملية إصلاح عميقة تحاكي ما أنجز في بلدان خليجية أخرى وكانت له نتائج جيدة على اقتصاديات تلك البلدان.

بعض الإصلاحات المطلوبة حتما يمرّ بتقليص التقديمات الاجتماعية التي حرص نواب على دعمها رغم ارتفاع كلفتها وضخامة الموازنات المخصصة لها

ويمرّ بعض الإصلاحات المطلوبة حتما بتقليص التقديمات الاجتماعية التي حرص نواب على دعمها رغم ارتفاع كلفتها وضخامة الموازنات المخصصة لها.

وأثارت الحكومة الكويتية مسألة ترتيب أعباء مالية إضافية على الدولة قائلة في مذكرتها المتضمنة لأسباب ردّها لمشروع التعديل المذكور إنّ “فكرة التوسع في الدعم المالي للأشخاص ذوي الإعاقة وذلك من خلال بعض الامتيازات التي تمنح لهم فعليا بصفة شخصية، أو لمن يقومون برعايتهم، أو تلك التي يتعين على الدولة القيام بها من خلال تهيئة المرافق العامة والأماكن ووسائل المواصلات بما يخدمهم على النحو المطلوب، وهي فكرة في حد ذاتها محمودة ومطلوبة لكن متى كانت قائمة ومبنية على أسس سليمة وعلى دراسة حقيقية توضح النتائج المرجوة منها، وليس من شأنها إرهاق الميزانية العامة للدولة بزيادة هذه الأعباء بشكل قد يؤدي إلى نتيجة عكسية تتمثل في عدم مقدرة الدولة على القيام بما تضمنه هذا الاقتراح من أحكام”.

وردّا على مذكرة الحكومة قال النائب سعود العصفور رئيس لجنة شؤون ذوي الإعاقة البرلمانية إنه سيتم التعامل مع رد قانون ذوي الإعاقة وفق الأطر الدستورية، مضيفا في تصريحات صحفية “ستتم مناقشة الاعتراضات الحكومية بشكل مستفيض في اللجنة من أجل الوصول إلى توافق وإعادة التصويت على القانون مرة أخرى من أجل تمريره”.

اقرأ أيضاً: أكاديميون كويتيون في مواجهة الدستور

3