وقف التمويل الدولي للأونروا مؤشر على نهاية دورها

القدس - تتالت أسماء الدول التي أعلنت وقف التمويل الموجة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) بسبب اتهامات إسرائيلية لبعض الموظفين في الوكالة الأممية بالضلوع في هجوم السابع من أكتوبر، في خطوة تعني آليا الدفع نحو إنهاء دور الوكالة التي تعاني أصلا من نقص التمويلات للإيفاء بتعهداتها لفائدة اللاجئين الفلسطينيين خاصة بعد ارتفاع أعدادهم خلال الحرب.
وسارعت الأونروا إلى تطويق هذه الاتهامات بإنهاء عقود الموظفين المتهمين. لكن فصل الموظفين وليس إيقافهم إلى حين اكتمال التحقيق مؤشر على أن الوكالة الأممية تريد لملمة الأمر قبل أن تتسع الأزمة وتستهدف وجودها. وتوحي المسارعة بفصل الموظفين بأن الأدلة المقدمة للأونروا عن ضلوع موظفيها في هجوم حماس لا تحتمل التأويل. ومن شأن اتخاذها للقرار بسرعة أن يظهر حيادها، وأنها لا تسمح باختراق الوكالة والعمل تحت مظلتها لفائدة جهة أخرى.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني في بيان “من أجل حماية قدرة الوكالة على تقديم المساعدات الإنسانية، قررت إنهاء عقود هؤلاء الموظفين على الفور وفتح تحقيق حتى إثبات الحقيقة دون تأخير” وتابع “كلّ موظف تورط في أعمال إرهابية يجب أن يُحاسَب، بما في ذلك من خلال ملاحقات قضائية”.
لكن إسرائيل تريد تحميل المنظمة ككل المسؤولية بدلا من حصرها بأفراد، وهو ما يفسر تصريحات المسؤولين الإسرائيليين التي تتحدث عن نهاية الأونروا. وطالبت الخارجية الإسرائيلية بـ”إجراء تحقيق داخلي معمق بشأن أنشطة حماس وغيرها من المنظمات الإرهابية” داخل الأونروا. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس السبت إن بلاده ستسعى لمنع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) من العمل في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.
وكتب كاتس عبر منصة إكس أن وزارة الخارجية تهدف إلى ضمان “ألا تكون الأونروا جزءا من المرحلة” التي تلي الحرب، مضيفا أنه سيسعى إلى حشد الدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وأطراف مانحة أخرى رئيسية. وجاءت الاستجابة سريعا للطلب الإسرائيلي، حيث أعلنت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أنها “ستعلّق مؤقتًا” التمويل الجديد للأونروا على خلفية الاتهام.
ويمثل قرار تعليق التمويل رسالة سيئة إلى الفلسطينيين الذين يعانون حاليا من أوضاع صعبة بسبب الحرب، فكيف سيكون وضعهم إن توقف عمل الأونروا وتوقفت المساعدات المحدودة التي تقدمها للاجئين الذين يتجمعون بالآلاف في المدارس والمخيمات وفي بقايا البناءات المدمرة. وقال الناطق باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر في بيان “إن الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء المزاعم القائلة إن 12 موظفًا لدى الأونروا قد يكونون متورطين في الهجوم الإرهابي الذي شنته حركة حماس على إسرائيل”.
وتحدّث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخميس مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بهدف “تأكيد الحاجة إلى إجراء تحقيق سريع ومعمّق بشأن هذه المسألة”. وأعلنت بريطانيا انضمامها إلى الولايات المتحدة في “الوقف المؤقت” للتمويل الموجه إلى الأونروا في قطاع غزة في المستقبل. وقالت إنها تراجع “الاتهامات المقلقة” بشأن ضلوع موظفين في الأونروا في هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.
◙ إسرائيل تريد تحميل الأونروا المسؤولية كاملة بدلا من حصرها بأفراد، ما يفسر تصريحات تتحدث عن نهاية الوكالة
وأعلن وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني السبت أن بلاده قررت تعليق تمويل الأونروا. وكتب تاياني على منصة إكس “علقت الحكومة الإيطالية تمويل الأونروا بعد الهجوم الوحشي على إسرائيل في السابع من أكتوبر”، مضيفا أن بعض حلفاء روما اتخذوا نفس القرار بالفعل. وأعلنت كندا وقفا مؤقتا لـ”أي تمويل إضافي” للوكالة، وأنها ستنقل مساعدات إنسانية إلى الفلسطينيين في غزة، من خلال هيئات أخرى، حتى انتهاء التحقيق.
وأعلنت سويسرا السبت أنها لن تتخذ قرارا بشأن دفع المساعدات المتوقعة للأونروا حتى يتم توضيح “الاتهامات الخطيرة” الموجهة ضد عدد من موظفيها. وبحسب وزارة الخارجية السويسرية فإن مساهمة البلاد السنوية للأونروا، والتي بلغت حوالي 20 مليون فرنك سويسري (23 مليون دولار) في السنوات الأخيرة، لم تتم الموافقة عليها بعد للعام 2024.
واستنكرت حركة حماس “بشدة” السبت إنهاء الأونروا عقود بعض موظفيها. وقالت الحركة “تلقينا باستنكار شديد قرار الوكالة بإنهاء عقود عدد (دون تحديد) من موظفي الأونروا في غزة بناء على معلومات إسرائيلية حول تورط مزعوم لهؤلاء الموظفين في أحداث السابع من أكتوبر”.
وأكدت السلطة الفلسطينية السبت أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في حاجة إلى “الدعم” ليس “وقف الدعم والمساعدات” إثر إيقاف عدة دول تمويلها للمنظمة بعد اتهامات إسرائيلية بضلوع موظفين فيها في هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر. وكتب حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عبر منصة إكس “نطالب الدول التي أعلنت عن وقف دعمها للأونروا بالعودة فوراً عن قرارها الذي ينطوي على مخاطر كبيرة سياسية وإغاثية”.
وأضاف “في هذا الوقت بالذات وفي ظل العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني نحن أحوج ما نكون إلى دعم هذه المنظمة الدولية وليس وقف الدعم والمساعدة عنها”. وقالت الخارجية الفلسطينية إن “التحريض الإسرائيلي على الأونروا مبيّت وأحكامه مسبقة لتصفية قضية اللاجئين وحقوقهم”، مطالبة “بعض الدول (دون تسمية) بالتراجع عن إجراءاتها ضد الأونروا”.