وفد كردي رفيع أمل جديد لحسم الملف المالي مع بغداد

أربيل (كردستان العراق) – دفع التوتر بين أربيل وبغداد، على خلفية قرار وزارة المالية الاتحادية بوقف تمويل رواتب شهر مايو 2025 لإقليم كردستان العراق، مسؤولين إلى المطالبة بوفد رفيع المستوى من الإقليم لزيارة بغداد وإنهاء المشاكل المالية العالقة.
ودعا وكيل وزارة المالية الاتحادية الأسبق فاضل نبي، اليوم الثلاثاء، إلى تشكيل وفد من إقليم كردستان، يضم أصحاب القرار في حكومة الإقليم لزيارة بغداد وانهاء ملف المشاكل المالية بين الطرفين.
وقال نبي، في مؤتمر صحفي عقده في اربيل إن حل المشكلة المالية بين حكومة كردستان والحكومة الاتحادية يتطلب اجراء زيارة من قبل وفد اللجنة العليا لإقليم كردستان يتضمن الوفد أصحاب القرار في حكومة الإقليم بالإضافة إلى لجنة فنية، للتفاهم مع الحكومة الاتحادية في بغداد".
وأضاف نبي أن "قرارات المحكمة الاتحادية بما يخص الأمور المالية بين بغداد والإقليم، حدث فيها بعض سوء الفهم من خلال تنفيذ بعض فقراتها، معتبرا أن "الاجتماع الأخير لائتلاف ادارة الدولة في بغداد لم يحصل فيه أي قرار لحل المشكلة، ودائما ما تنتهي تلك الاجتماعات بالعودة لقرارات المحكمة الاتحادية".
وتصاعد التوتر بين أربيل وبغداد، على خلفية قرار وزارة المالية الاتحادية وقف تمويل رواتب شهر مايو 2025، بدعوى تجاوز الإقليم لحصته المحددة في الموازنة وعدم تسليم الإيرادات النفطية وغير النفطية إلى الخزينة العامة.
من جهتها، ردّت حكومة إقليم كردستان باتهام بغداد بالتنصل من التزاماتها، واعتبرت القرار "مسيسًا" ويستهدف أكثر من 1.2 مليون موظف في الإقليم.
وكانت المحكمة الاتحادية العليا قد ألزمت، في فبراير الماضي، حكومة بغداد بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان مباشرة، دون إرسالها إلى حكومة الإقليم، وذلك بعد تأخر لأشهر بتسليم تلك الرواتب.
ومع ذلك، لم يتم حتى منتصف شهر يونيو إرسال رواتب موظفي إقليم كردستان، بسبب قرار وزيرة المالية العراقية طيف سامي في آخر شهر مايو الماضي، عندما وجهت كتابا رسميا إلى حكومة إقليم كردستان جاء فيه أن الوزارة لا يمكنها الاستمرار في إرسال الأموال بسبب "تجاوزه لحصته المحددة في قانون الموازنة الاتحادية".
وإثر انسداد قنوات الحل السياسي للمشكلة، قام عدد من موظفي الإقليم بتسجيل دعوى لدى المحكمة الاتحادية ضد قرار الوزيرة، ومن المتوقع أن تجتمع المحكمة خلال أيام لإصدار أمر ولائي بشأن الرواتب.
ويمثل استمرار الأزمة المالية بين بغداد وأربيل، وتوقف دفع رواتب الموظفين في إقليم كردستان، تحديًا وجوديًا للإقليم على مستويات متعددة. فعلى الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، يهدد هذا القرار بشكل مباشر معيشة أكثر من 1.2 مليون موظف وعوائلهم، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأوضاع المعيشية وتزايد الاستياء الشعبي، وهذا الوضع يضع ضغوطًا هائلة على حكومة الإقليم للوفاء بالتزاماتها تجاه مواطنيها، خاصة في ظل محدودية الموارد الذاتية بعد وقف تصدير النفط عبر تركيا وتأثر الإيرادات الأخرى.
وعلى الصعيد السياسي، يُظهر هذا الخلاف المستمر ضعف آليات حل المشكلات بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم، فبالرغم من قرارات المحكمة الاتحادية السابقة التي ألزمت بغداد بدفع الرواتب، إلا أن هذه القرارات لم تُنفذ بالكامل، مما يشير إلى وجود تعقيدات سياسية تتجاوز الجوانب القانونية، فاتهام حكومة الإقليم لبغداد بأن القرار "مسيس" يعكس عمق انعدام الثقة، ويُبرز أن الأزمة المالية قد تكون أداة ضغط سياسي تستخدمها بعض الأطراف في بغداد لإضعاف موقف الإقليم التفاوضي، وربما فرض شروط معينة تتعلق بإدارة الموارد أو الحدود الإدارية.
ويشكل هذا التوتر عائقًا أمام تحقيق الاستقرار الشامل في العراق، حيث أن العلاقة المتوترة بين المركز والإقليم تُعيق جهود بناء دولة قوية وموحدة، فإصرار بعض الأطراف على تفسير قرارات المحكمة الاتحادية بطرق تزيد من تعقيد الأزمة، بدلا من البحث عن حلول عملية ومستدامة.
ويعكس غياب الإرادة السياسية الحقيقية لتجاوز الخلافات، الحاجة إلى تشكيل وفد رفيع المستوى من أصحاب القرار في إقليم كردستان وزيارة بغداد، كما دعا فاضل نبي، الذي أكد أن الحلول القانونية وحدها قد لا تكون كافية، وأن هناك ضرورة للحوار السياسي المباشر والجاد للتوصل إلى تسوية شاملة تضمن حقوق الإقليم وموظفيه، وتحافظ على وحدة العراق واستقراره.