وفد سعودي في رام الله لطمأنة الفلسطينيين حول تطبيع محتمل مع إسرائيل

الزيارة تأتي في وقت تقود فيه واشنطن محادثات بين إسرائيل والسعودية لتطبيع العلاقات، ما يثير قلقا فلسطينيا.
الأربعاء 2023/09/27
الزيارة الأولى من نوعها لوفد سعودي رسمي منذ توقيع اتفاقية أوسلو

رام الله- سعى السفير نايف السديري في مستهل لقاءاته الثلاثاء مع مسؤولين فلسطينيين خلال أول زيارة لوفد سعودي رسمي إلى الأراضي الفلسطينية منذ إنشاء السلطة الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو، إلى الطمأنة بأن القضية الفلسطينية “ركن أساسي” في أي اتفاق تطبيع محتمل مع إسرائيل.

تزامن ذلك مع إعلان الحكومة الإسرائيلية عن وصول وزير السياحة حاييم كاتس إلى الرياض في أول مهمة رسمية إلى المملكة.

وقال السديري لصحافيين بعد لقائه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في رام الله “المبادرة العربية التي قدمتها المملكة في العام 2002 هي ركن أساسي لأيّ اتفاق قادم”.

وتقوم المبادرة التي طرحت في مارس 2002 على إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل مقابل انسحابها من الأراضي التي احتلتها في حرب العام 1967 وتشمل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وغزة ومرتفعات الجولان.

وأُعلن في أغسطس تعيين السديري سفيرا غير مقيم في الأراضي الفلسطينية وسيتولى أيضا منصب القنصل العام في مدينة القدس. وتتولى سفارة المملكة العربية السعودية في عمّان تقليدا ملف الأراضي الفلسطينية.

وتم خلال الزيارة، التي تستمر يومين في الضفة الغربية، اعتماد أوراق السفير السديري من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس ووزارة الخارجية الفلسطينية بصفته “سفيرا فوق العادة، مفوضا غير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما في مدينة القدس”.

واستقبل عباس السفير السديري، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، بمراسيم رسمية استعرض السديري خلالها حرس الشرف الذي اصطف لتحيته، فيما عزف النشيدان الوطنيان الفلسطيني والسعودي.

ووصف عباس الزيارة وتعيين السديري سفيرا للمملكة العربية السعودية بالخطوة “المهمة” التي “ستسهم في تعزيز العلاقات الأخوية المتينة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين” وفق بيان عمّمته الرئاسة الفلسطينية.

ووصل السديري إلى الأراضي الفلسطينية على رأس وفد رسمي قادما من الأردن عبر جسر الملك حسين (اللنبي) الذي تشرف عليه إسرائيل من الناحية المقابلة للأردن.

وهي الزيارة الأولى من نوعها لوفد سعودي رسمي منذ توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل والفلسطينيين في العام 1993 التي سمحت بإنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية. وتأتي الزيارة في وقت تقود فيه واشنطن محادثات بين إسرائيل والسعودية لتطبيع العلاقات، ما يثير قلقا فلسطينيا.

ومنذ أشهر، يتواتر الحديث عن تطبيع محتمل بين السعودية وإسرائيل التي توصلت في العام 2020 إلى تطبيع علاقاتها مع كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب ضمن “اتفاقات أبراهام” بوساطة الولايات المتحدة.

وتتناول المحادثات السعودية – الإسرائيلية مسألة حصول السعودية على ضمانات أمنية ومساعدتها في برنامج نووي مدني، وفق مسؤولين مطلعين على المحادثات.

ووصف وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي الذي استقبل السديري في مكتبه في مقر الوزارة بمدينة رام الله الزيارة بأنها “تاريخية”.

وأضاف “نعتبر وجود السفير السعودي في فلسطين مرحلة سوف تعكس تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين”، مبديا استعداد السلطة الفلسطينية “لبدء العمل وتطوير هذه العلاقات وتعميقها”.

ولطالما قالت السعودية إن أيّ تطبيع محتمل مع إسرائيل سيلتزم بالموقف العربي الذي جعل من حلّ النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني شرطا لإحلال السلام مع الدولة العبرية.

لكن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أكد الأسبوع الماضي أن بلاده “تقترب” من تطبيع علاقاتها مع إسرائيل.

وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة “فوكس نيوز” الإخبارية الأميركية في السعودية “المفاوضات تجري بشكل جيّد حتى الآن، ونأمل أن تؤدّي إلى نتيجة تجعل الحياة أسهل للفلسطينيين وتسمح لإسرائيل بأن تلعب دوراً في الشرق الأوسط”.

وحول ما إذا كانت السعودية تعتزم افتتاح سفارة لها في القدس، قال السديري “كانت هناك سفارة في الشيخ جراح (في القدس الشرقية)، وإن شاء الله ستكون هناك سفارة”.

والعام الماضي، وصلت وفود إسرائيلية إلى السعودية للمشاركة في الألعاب الرياضية وغيرها من الأنشطة.

وشاركت إسرائيل الشهر الجاري في اجتماع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) عقد في الرياض.

وقالت وزارة السياحة الإسرائيلية في بيان إن “كاتس هو أول وزير إسرائيلي يترأس وفدا رسميا إلى السعودية”، مشيرة إلى أنه سيشارك في حدث لمنظمة السياحة العالمية التابعة للأمم المتحدة في الرياض.

وبحسب مكتب الوزير من المقرر أن يعقد اجتماعات مع “نظرائه” دون تحديد الدول التي ستشارك في هذه اللقاءات.

وصرح الوزير في بيان “سأعمل على خلق تعاون لتعزيز السياحة وعلاقات إسرائيل الخارجية”.

السفير نايف السديري: المبادرة العربية ركن أساسي لأي اتفاق قادم مع إسرائيل
السفير نايف السديري: المبادرة العربية ركن أساسي لأي اتفاق قادم مع إسرائيل

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من جهته في خطابه أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، إن بلاده على “عتبة” إقامة علاقات مع السعودية، معتبرا أن “مثل هذا السلام سيقطع شوطا طويلا نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وسيشجّع الدول العربية الأخرى على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل”.

وخلال كلمة له في ذكرى حرب العام 1973 بين إسرائيل والدول العربية قال نتنياهو إن “العديد من دول الشرق الأوسط تريد السلام مع إسرائيل”.

وأضاف أن “توسيع دائرة السلام هي فرصة تاريخية أنا ملتزم بها”.

ومن على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذّر الرئيس الفلسطيني محمود عباس الأسبوع الماضي من أنه لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط من دون حصول الشعب الفلسطيني على “كامل حقوقه”.

وقال عباس في مستهل خطابه “واهم من يظن أن السلام يمكن أن يتحقق من دون حصول شعبنا على كامل حقوقه”.

ومع مرور 30 عاما على توقيع اتفاق أوسلو الذي كان من المتوقع أن يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، فقد الفلسطينيون الأمل في ذلك، لاسيما في ظل تصاعد مستمر للعنف بين الجانبين.

ويتواصل البناء الاستيطاني في الضفة الغربية المحتلة في ظل الحكومات الإسرائيلية اليمينية المتعاقبة، ما يعقّد إقامة دولة فلسطينية.

وقتل منذ مطلع العام الجاري نحو 242 فلسطينيا و32 إسرائيليا في أعمال عنف.

2