وفاة وليام فريدكين مخرج "ذي إكزورسيست" الذي غيّر تاريخ السينما

لوس أنجلس (الولايات المتحدة) - توفي المخرج الأميركي وليام فريدكين، الذي طبع تاريخ السينما خصوصا بفيلمي "ذي إكزورسيست" و"ذي فرنش كونكشن"، الاثنين عن 87 عاما، على ما أفاد أحد أصدقاء العائلة. وقال ستيفن غالواي، المحرر التنفيذي السابق في "ذي هوليوود ريبورتر"، إن فريدكين توفي في لوس أنجلس بعد معاناته من مشكلات صحية غير محددة في السنوات الأخيرة.
وأكد غالواي أن المخرج توفي صباح الاثنين، في معلومات حصل عليها إثر محادثة أجراها مع زوجة فريدكين. وأشار إلى أن المخرج "كان مستمرا في عمله حتى أسابيع قليلة" خلت، لكن صحته "كانت تتدهور". وإثر الإعلان عن وفاة فريدكين، غصت الشبكات الاجتماعية برسائل التقدير للمخرج الراحل من جهات كثيرة، أبرزهم المخرج الحائز على جائزة أوسكار غييرمو ديل تورو، الذي وصف فريدكين بأنه "أحد آلهة السينما".
وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي "فقدت السينما مدرسة حقيقية، وفقدت صديقا عزيزا ومخلصا وصادقا". كذلك، وصف مخرج أفلام الرعب إيلي روث عبر إنستغرام فريدكين بأنه "أحد أكثر المخرجين تأثيرا على الإطلاق”، قائلا إنه "غير مجرى حياتي". كذلك، وصف الممثل إلايجا وود، فريدكين بأنه "معلم سينمائي حقيقي سيستمر تأثيره في الامتداد إلى الأبد".
وكان فريدكين من بين مجموعة مخرجين شباب مؤثرين في موجة “نيو هوليوود” (هوليوود الجديدة) في السبعينات، الذين أعادوا تشكيل السينما الأميركية في العمق، ما زعزع منظومة راسخة كان منتجو الأستوديوهات النافذون يهيمنون فيها على القطاع.
وبجانب زملائه مثل فرانسيس فورد كوبولا ومارتن سكورسيزي، دخل فريدكين المشهد السينمائي بقوة في هوليوود عام 1971 مع الفيلم الدرامي الجريء “ذي فرنش كونكشن”. وقد فاز بخمس جوائز أوسكار، بينها جائزتا أفضل مخرج وأفضل فيلم. وتابع فريدكين نجاحاته العام 1973 مع “ذي إكزورسيست” الذي حقق نجاحا تجاريا ضخما، مع إثارته الجدل على نطاق واسع.
فتح “ذي إكزورسيست” أبواب العالمية مشرعة أمام المخرج، إذ كان ومازال من أهم أفلام الرعب لما قدمه من دقة في الصورة والموسيقى التصويرية والأداء، إذ اقتبس قصته عن رواية “طارد الأرواح” للكاتب والمخرج الأميركي ويليام بيتر بلاتي التي صدرت سنة 1971.
تدور أحداث فيلم “ذي إكزورسيست” (الراقي) حول طفلة مسكونة بأرواح الشريرة بينما تحاول أمها يائسة إعادتها إلى حالتها الطبيعية بواسطة عملية طرد للأرواح الشريرة يقوم بها كاهنان. وأحداث الفيلم والرواية كلاهما مستوحى من عملية طرد أرواح موثقة حصلت عام 1949 لفتاة بعمر 12 سنة.
أجواء مرعبة ترافق تلك الجلسة التي قام المخرج بتقديمها بشكل صادق تماما، خاصة وأنه قام بتصويرها في الفاتيكان، بما له من رمزية دينية ووقار يوحي بتلك الأجواء الروحية الملغزة، “لم يصور مثله أحد من قبل”.
وإن كان بطل القصة الأصلية في الواقع فتى فالمخرج جعل بطل فيلمه أنثى، وهي شابة تدعى ريغان ماكنيل تعاني من مس شيطاني، ويعمل كاهنان على علاجها. وقال فريدكين عن فيلمه “لقد قمت بأبحاث كثيرة حول هذه القصة، وهي وقعت العام 1949، وأنا واثق أنها صحيحة”. وأضاف “جرت هذه القصة مع فتى في الرابعة عشرة من العمر وليس مع فتاة، لكن أسقف واشنطن طلب من الكاتب حينها أن يتحدث عن فتاة، كي لا يلفت الأنظار إلى الصبي”.
وأكد المخرج أنه رجع إلى ملاحظات الكهنة والأطباء والممرضين والمرضى أيضا الذين كانوا في مستشفى سانت لويس في ولاية ميزوري، حيث يفترض أن تكون أحداث هذه القصة قد جرت.
◙ فريدكين كان من بين مجموعة مخرجين شباب مؤثرين في موجة “نيو هوليوود” (هوليوود الجديدة) في السبعينات الذين أعادوا تشكيل السينما الأميركية في العمق
وخلق هذا عملا مازال راسخا كواحد من اهم أفلام الرعب على مر التاريخ. وقد رشح هذا الفيلم الصادم لعشر جوائز أوسكار، فاز باثنتين منها، وحصد 440 مليون دولار على شباك التذاكر. وقد أنتجت تتمات عدة لهذا الفيلم، بينها ثلاثية مقبلة من منتج أفلام الرعب جايسن بلوم تعود فيها إلين بورستين كبطلة للفيلم الأصلي. وقال بلوم في بيان له الاثنين إنه “مدين شخصيا” لفريدكين.
وأوضح في بيان حصل عليه موقع “ديدلاين” المتخصص، “أكثر من أي مخرج آخر، غير (فريدكين) طريقة تعامل المخرجين مع أفلام الرعب وأيضا مفهوم هذه الأفلام في الثقافة الأوسع”. ,وأضاف “نشعر بحزن عميق لسماع خبر وفاته ولدينا امتنان شديد للإرث الذي تركه وراءه”.
وبعد النجاح الباهر لفيلم “ذي إكزورسيست”، تراجعت مسيرة فريدكين بشكل حاد. وقد أنجز عام 1988 فيلم "سورسرر" الذي مني بفشل تجاري رغم ميزانيته الضخمة آنذاك، مع أن معجبين بالمخرج، بينهم مؤلف قصص الرعب الأكثر مبيعا ستيفن كينغ أشادوا بالفيلم.
وكتب كينغ "آسف جدا لسماع نبأ وفاة وليام فريدكين، المخرج السينمائي الموهوب للغاية"، مضيفا "كان 'ذي إكزورسيست' رائعا، لكن بالنسبة إلي، كان 'سورسرر' العمل الكلاسيكي الحقيقي". وواصل فريدكين مسيرته الإخراجية بزخم حتى الثمانينات من عمره.
وولد فريدكين في التاسع والعشرين من أغسطس عام 1935 ونشأ في شيكاغو وهو ابن لمهاجرين أوكرانيين فقراء. وبسبب عدم قدرته على تحمل تكاليف الدراسة الجامعية، عمل فريدكين في إدارة البريد بمحطة تلفزيونية في شيكاغو بعد الدراسة الثانوية. وعانى فريدكين من نوبة قلبية في عام 1981 وقال في ذلك الوقت إن ولعه بالبيتزا والنقانق هو الذي سبب له ذلك.