وفاة الصادق المهدي آخر رئيس وزراء منتخب في السودان

الخرطوم – أعلن مجلس الوزراء السوداني الحداد العام لمدة 3 أيام، لوفاة الصادق المهدي (85 عاما)، زعيم حزب "الأمة القومي"، رئيس الوزراء الأسبق، جراء إصابته بفايروس كورونا.
ونعت قوى سياسية في السودان الصادق المهدي، الذي توفي متأثرا بإصابته بفايروس كورونا، واصفة إياه بالمفكر والحكيم.
وقال نائب رئيس مجلس السيادة، قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) على حسابه على تويتر "اليوم فقدت بلادنا الزعيم الصادق الصدّيق المهدي وانطفأ برحيله سراج الحكمة والوعي الكامل بقضايا وهموم هذا البلد، كنا ندّخرك للمواقف الصعبة والظروف السياسية المعقّدة التي تعيشها بلادنا.. فقدنا اليوم بعض تاريخنا وملامحنا وتسامحنا السوداني".
وأكدت قوى الحرية والتغيير في بيان "فجعت بلادنا اليوم برحيل علم من أعلامها السامقة ومفكر وحكيم من حكمائها وقائد سياسي وزعيم من قادتها العظام".
وأضافت أن المهدي "أفنى عمره كله منافحا ومدافعا عن الديمقراطية والحرية وعاملا من أجل عزة وكرامة شعبه".
وبدوره، أصدر حزب المؤتمر الشعبي السوداني بيانا نعى فيه المهدي، وقال إن رحيله خسارة كبيرة "للسودان في ظل هذه الظروف السياسية الحرجة التي ترتجي حكمته وسماحته وتطلعاته نحو وطن يتسع للجميع".
ونعى "تجمع المهنيين السودانيين" الراحل بقوله في بيان "كان المهدي ملهما في كل الظروف، ومنشغلا دون انقطاع بالهم العام". فيما قال وزير الشؤون الدينية والأوقاف السوداني نصرالدين مفرح، في بيان "انطوت اليوم صفحة من صفحات الفكر والحكمة والأدب والأخلاق النبيلة والزهد والترفع عن الصغائر والكبائر".
وكان المهدي آخر رئيس وزراء منتخب ديمقراطيا وأطيح به في عام 1989 في الانقلاب العسكري الذي أتى بالرئيس السابق عمر البشير إلى السلطة.
ترأس المهدي حزب الأمة الإسلامي المعتدل، أحد أكبر أحزاب المعارضة في عهد البشير، وظل شخصية مؤثرة حتى بعد الإطاحة بالبشير في أبريل 2019.
وفي الشهر الماضي، قالت عائلته إن الفحوص أثبتت إصابته بمرض كوفيد - 19 وتم نقله بعد ذلك ببضعة أيام إلى الإمارات لتلقي العلاج بعد فترة وجيزة من دخوله مستشفى في السودان.
وأعلن حزب "الأمة القومي"، في بيان، أن جثمان زعيمه سيُدفن صباح الجمعة في أم درمان، كبرى مدن العاصمة الخرطوم، فور وصوله من الإمارات، حيث كان يتلقى العلاج.
على مدار الساعات الماضية، كثف السودانيون دعواتهم علها تنقذ الصادق في معركته مع كورونا، غير أن القدر غلب الحذر ورحل رئيس حزب الأمة القومي.
في مدينة أم درمان، كبرى مدن العاصمة السودانية، أبصرت عينا الصادق المهدي لأول مرة في ديسمبر من العام 1935، لأب يتولى إمامة الأنصار الجبهة القومية المتحدة.
حين توفي الأب الصديق المهدي عام 1961، كان الابن قد بلغ من العمر 26 عاما، متحصنا بماجستير في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد عام 1957، ليصبح الطريق مفروشا له بالانتخاب رئيسا لوزراء السودان بين عامي 1966 و1967 ثم عامي 1986 و1989.
وتعرض رئيس حزب الأمة القومي للاعتقال لعدة مرات خلال الأعوام 1969 و1973 و1983 و1989.
صرخ المهدي بأشهر "لا" في وجه نظام الإخوان البائد، فدفع ثمن ذلك الخروج من السودان مطلع تسعينات القرن الماضي، عقب وصول عمر البشير إلى السلطة ولكنه عاد في عام 2002.
وخلال وجوده في الخارج دخل المهدي في تحالف "نداء السودان" الذي ضم الحركات المسلحة التي تقاتل حكومة البشير في إقليم دارفور منذ عام 2003 والحركة الشعبية التي تقاتل حكومة البشير في ولايتي جنوب كردفان والنيل منذ عام 2011.
كان المهدي قد عاد إلى السودان في ديسمبر 2018 بعد عام في المنفى الاختياري. وجاءت عودته في الوقت الذي اشتدت فيه الاحتجاجات على تدهور الأوضاع الاقتصادية وعلى حكم البشير. وكانت ابنته مريم، نائبة زعيم حزب الأمة، من بين الذين اعتقلوا خلال الاحتجاجات.
ولم يتم الإعلان عن اسم الشخصية التي ستتولى زعامة الحزب خلفا للمهدي لكن ابنته مريم كانت القيادية الأبرز بالحزب في المفاوضات السياسية وخلال التعامل مع وسائل الإعلام في السنوات الأخيرة.
وضعفت أحزاب المعارضة إلى حد كبير في ظل نظام البشير الذي دام ثلاثة عقود وتتنافس تلك الأحزاب على السلطة مع الجيش خلال الفترة الانتقالية في السودان مما يجعل وحدة حزب الأمة ضرورية للحفاظ على توازن القوى.
وبعد أن أجبر الجيش البشير على التنحي، طالب المهدي بالانتقال إلى الحكم المدني وحذر في مقابلات أجرتها معه رويترز من مخاطر الانقلاب المضاد. كما دعا إلى دمج قوات الدعم السريع لتعزيز الوحدة في صفوف القوات المسلحة والاستقرار في البلاد.
واعتقلت الحكومة السودانية المهدي لفترة وجيزة في عام 2014 واتهمته بالتآمر مع متمردين مسلحين، وهي تهمة قد تصل عقوبتها إلى الإعدام مما دفعه إلى اللجوء إلى القاهرة.