وضعية حقوق الإنسان في الجزائر أمام أنظار الأمم المتحدة

ناشطون سياسيون ومهتمون بحقوق الإنسان في الجزائر يؤكدون على أن  بلادهم تنتهك الحريات.
الثلاثاء 2022/09/13
انشغال بتلاشي مساحة الحريات في الجزائر

الجزائر - كشفت فعاليات جزائرية مشاركة في الاستعراض الأممي حول حقوق الإنسان المنعقد بجنيف، عن تسجيل 7500 حالة اعتقال منذ العام الماضي، وخروقات مختلفة لحقوق الإنسان في البلاد، وهو ما جاء عشية طلب الحكومة الجزائرية تأجيل زيارة المقرر الأممي، مما يزيد من قتامة الوضع الحقوقي ويضع السلطة في موقع حرج يعيق مساعيها لكسر العزلة.

وحمل ناشطون سياسيون ومهتمون بحقوق الإنسان في الجزائر انشغالاتهم إلى العرض الدولي الشامل المنعقد بمقر الأمم المتحدة في جنيف نهاية الشهر المنقضي، حيث تم طرح العديد من القضايا التي باتت تؤرق الشارع الجزائري، في مجال الحريات السياسية والإعلامية والدينية، وتكوين الجمعيات وحرية التظاهر السلمي.

ولفت هؤلاء إلى أن بلادهم عرفت خلال السنوات الأخيرة، لاسيما العامين الماضيين، تراجعا كبيرا لمساحة الحريات، حيث تم غلق العديد من أماكن العبادة لغير المسلمين، والتضييق على حرية التعبير، وحظر التظاهر السلمي، فضلا عن مضايقة وحل جمعيات وأحزاب سياسية، بسبب مواقفها المعارضة للسلطة.

غلق العديد من أماكن العبادة لغير المسلمين، والتضييق على حرية التعبير، ومضايقة وحل جمعيات وأحزاب سياسية

وصرحت الإعلامية والناشطة الحقوقية جميلة لوكيل، التي لم تتمكن من الحضور إلى التظاهرة الأممية رفقة زوجها الأكاديمي والنقابي والحقوقي، بسبب منعه من السفر إلى جنيف، بأنها “توبعت إلى جانب زوجها قدور شويشة والصحافي سعيد بودور قبل 17 شهرا بتهم واهية تتعلّق بالإرهاب، وأنهم تحت الرقابة القضائية منذ ذلك الحين”.

وأضافت “أوضاع حقوق الإنسان والحريات تدهورت بشكل حاد في الجزائر، فرغم أن الحكومة قبلت توصيات دورة 2017 إلا أنها لم تنفذها، وأن قانون العقوبات خضع منذ العام 2020 لتعديلات واسعة من خلال توسيع نطاق التهم، وتشديد العقوبات الجنائية وتوسيع مفهوم الإرهاب ليشمل أي نشاط أو موقف حاسم مع استخدام المؤسسة القضائية كأداة لردعه، مما أدى إلى تجريم الأنشطة النقابية والسياسية، وأنشطة المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين وسجن الآلاف من الأشخاص”.

وتابعت “القانون ألغى تجريم العمل الصحافي، إلا أن صحافيين ومدونين سجنوا عام 2021 بتهم الإرهاب أو بتهم التحريض على التجمهر غير المسلح، وإحباط الروح المعنوية للجيش، وإهانة هيئة نظامية.. “

وكان القضاء الجزائري قد قرر في غضون الأسبوع الماضي، سجن الصحافي بلقاسم حوام من جريدة الشروق المحلية، على خلفية شكوى تقدمت بها وزارة التجارة بعد نشره مقالا يتحدث عن إرجاع كندا لكميات من التمور الجزائرية، بحجة تضمنها مواد سامة مضرة بالصحة الجسدية للإنسان، الأمر الذي اعتبرته وزارتا التجارة والزراعة مساسا بالمقدرات الاقتصادية للبلاد.

وتحدث تقرير لإذاعة “راديو أم” عن أن المشاركين في العرض السنوي للأمم المتحدة انتقدوا بشدة “البند 87 مكرر من قانون العقوبات، حيث أصبح استخدام تهم الإرهاب التي لا أساس لها ضد المعارضة السلمية أمرا طبيعيا، وأن البند غامض من حيث اللغة والمصطلحات مثل ‘بأي وسيلة كانت’، والغرض من ذلك توجيه تهم ثقيلة متعلقة بالإرهاب والارتباط بكيانات إرهابية”.

وأضاف “لقد تم تعديل البند 95 مكرر من قانون العقوبات في أبريل 2020، حيث صار ينص على الحبس من خمس إلى سبع سنوات، وغرامة مالية لأي شخص يتلقى أموالا أو تبرعا من دولة أو مؤسسة محلية أو أجنبية، الأمر الذي يترك نفوذا كبيرا للسلطة التقديرية الرسمية والتفسير المسيء، بحيث حتى التحويلات المالية من أفراد الأسرة تندرج تحت هذه المادة ويعاقب عليها بشدة”.

كما استهجن هؤلاء ما أسموه بـ”الحل التعسفي وإلغاء تسجيل الجمعيات والأحزاب، الأمر الذي يتعارض مع البند 22 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.

جميلة لوكيل: اتهمنا قبل 17 شهرا بتهم واهية تتعلّق بالإرهاب ونحن تحت الرقابة القضائية منذ ذلك الحين

وتضمن الدستور الجزائري المعدل العام 2020 إشارات إلى التكيف مع النصوص الدولية، كما صرح الرئيس عبدالمجيد تبون في أكثر من مناسبة بأن جميع النصوص والتشريعات تخضع لتوجهات القوانين العالمية، غير أن الممارسات تذهب عكس ذلك، حسب المشاركين في العرض الدولي بجنيف.

واستدل هؤلاء بالبند 51 من الدستور الذي يكفل الحماية الدينية وحرية العبادة التي تضطلع الدولة بحمايتها وبشكل حيادي، غير أن حرية ممارسة المعتقد لغير المسلمين تشوبها الكثير من الخروقات، كغلق عدد من الكنائس وأماكن العيادة وتقييد الأدب المسيحي، فضلا عن التضييق على القائمين على الديانة المسيحية، وعلى بعض المتدينين الذين لوحقوا أمام القضاء وحكم عليهم بأحكام قاسية.

وأجمع المشاركون على ضرورة “إلغاء أو مراجعة بعض النصوص”، على غرار البندين 97 و100 و95 و87 مكرر لاسيما الفقرة 14، وذلك كونها تقيد الحق في حرية الحصول على المعلومات، وما يعرف بالتمويل الأجنبي، والأنشطة الإرهابية والتخريبية.

وطالب هؤلاء بـ”إرساء المحاكمة العادلة، وافتراض قرينة البراءة، والإفراج عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان والصحافيين والمحامين والمدونين والمتظاهرين المحتجزين حاليا بسبب أنشطتهم في مجال حقوق الإنسان، وإسقاط جميع التهم الموجهة إليهم، فضلا عن مراجعة قانون السمعي البصري، وتأسيس الأحزاب والجمعيات والنقابات”.

كما دعا المشاركون إلى “إعادة فتح جميع الكنائس المغلقة منذ العام 2019 بقرار من السلطة، ومنح الترخيص لجمعية الكتاب المقدس الجزائرية باستيراد الأناجيل والأدب المسيحي، وشجب التمييز والمضايقات التي يتعرض لها المسيحيون الجزائريون في البلاد وفي المطارات”.

4