وساطة أميركية لوقف التصعيد بين إسرائيل وفلسطين

لا يعلق الفلسطينيون آمالا كبيرة على الوساطة الأميركية في صراعهم مع إسرائيل إذ أنها تضع وقف التصعيد هدفا أساسيا لها، فيما يطمح الفلسطينيون إلى إحياء مفاوضات السلام المتوقفة منذ سنوات.
رام الله - كشف قيادي فلسطيني الأربعاء عن بدء وساطة أميركية لوقف التصعيد الإسرائيلي في الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس، فيما لا يعلق الكثير آمالا على وساطة أميركية لإحياء مفاوضات السلام في ظل ترويج رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لمفهوم جديد للسلام قال إنه يبدأ مع الدول العربية لينتهي بالفلسطينيين.
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أحمد مجدلاني إن “طواقم أمنية وسياسية أميركية بدأت الأربعاء بالحديث مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كل على حدة من أجل وقف التصعيد”.
وأضاف أن “الوساطة الأميركية تعمل على تحديد القضايا الجوهرية المتصلة بالإجراءات الأحادية الجانب الإسرائيلي منها ما يمس ويجحف بقضايا الوضع النهائي والقضايا اليومية والحياتية بما في ذلك استقطاعات أموال الضرائب الفلسطينية (المقاصة)، والاقتحامات والمدن والقرى الفلسطينية”.
وتابع “الإجراءات والقرارات الفلسطينية التي اتخذتها مؤخرا ما تزال قائمة ومتواصلة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق مرضي وضمانات حقيقية ولفترة زمنية محددة تفتح الأفق السياسي بعدها”، في إشارة إلى قرارات اتخذتها بلاده بشأن العلاقة مع إسرائيل أبرزها وقف التنسيق الأمني.
الوساطة الأميركية قد تنجح في وقف مؤقت للتصعيد إلا أنها لن تكون قادرة على تحريك جمود مفاوضات السلام
والثلاثاء اجتمع وزير الخارجية الأميركي في رام الله بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأكد على دعم واشنطن لحل الدولتين لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود، وسبقته اجتماعات مع مسؤولين إسرائيليين ومصريين.
وتدرك الولايات المتحدة أن مصر هي أهم القوى الإقليمية، إن لم تكن الوحيدة في المنطقة، التي تملك تأثيرات قوية وواضحة، في مجريات الأوضاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث أنها الدولة الوحيدة في المنطقة التي تملك اتصالات وثيقة مع الفصائل الفلسطينية، والسلطة الفلسطينية، وكذلك مع الجانب الإسرائيلي.
وكذلك، فإن مصر لديها كل الأدوات والأوراق التي تمكنها من ممارسة ضغوط كبيرة على الأطراف في فلسطين وإسرائيل، ولعب دور حاسم في الوساطة بينهم، للتوصل إلى تهدئة بوقف إطلاق النار، وهو ما تنجح فيه دائما، سواء في الحروب الثلاث بين غزة وإسرائيل، أو الموجات التصعيدية المتفاوتة.
ويرى مراقبون أن الوساطة الأميركية بمساعدة مصرية قد تنجح في وقف مؤقت للتصعيد بين الإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أنها لن تكون قادرة على استئناف مفاوضات السلام المتوقفة منذ سنوات.
ويشير هؤلاء إلى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي الثلاثاء والتي أعلن فيها عن مفهوم جديد للسلام تستبعد أي دور فلسطيني فيه.

وقال نتنياهو لشبكة سي.أن.أن الأميركية “ذهبت مباشرة إلى الدول العربية وصنعت مفهوما جديدا للسلام”.
وأضاف “أبرمت أربع اتفاقيات سلام تاريخية، اتفاقيات إبراهيم، وهي ضعف عدد اتفاقيات السلام التي قام بها جميع أسلافي في 70 عاما”.
وبشأن إمكانية تحقيق السلام مع السعودية، قال نتنياهو “إذا توصلنا إلى سلام مع السعودية، وهذا يعتمد على قيادة المملكة، وجلبنا الصراع العربي ـ الإسرائيلي إلى نهايته، فأعتقد أننا سنعود إلى الفلسطينيين ونحقق سلاما عمليا معهم. أعتقد أن هذا ممكن وأنه الطريق الصحيح”.
وشهد الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني مدا وجزرا على مدى عقود من الحروب والانتفاضات ومحادثات السلام. والأن أصبحت لدى إسرائيل علاقات مع عدد أكبر من الدول العربية، بينما أصبح الفلسطينيون أكثر عزلة وانقساما.
ويتفاقم العنف باستمرار، بعد أن أصبحت آفاق التقدم السياسي أكثر قتامة مما كانت عليه منذ سنوات.
وتشهد الضفة الغربية والقدس الشرقية حالة توتر شديد، عقب اجتياح إسرائيلي لمخيم جنين (شمال) الخميس الماضي أسفر عن مقتل 9 فلسطينيين، أعقبته عملية إطلاق نار في القدس قتل فيها 7 إسرائيليين.

ويقول محللون إن بعد إراقة الدماء في القدس والضفة الغربية وبعد شهر من وصول أكثر الحكومات الإسرائيلية يمينية إلى السلطة، تغامر إسرائيل والفلسطينيون بالانزلاق إلى دائرة مواجهة أوسع.
وزادت التوترات منذ عودة نتنياهو إلى السلطة في ديسمبر مع وجود قوميين متدينين في مناصب وزارية رئيسية، وتوعدهم بموقف أكثر صرامة وإثارتهم لمشاعر الغضب لدى الفلسطينيين.
ومنذ فوز أحزاب اليمين الديني المتطرف في الانتخابات الأخيرة وعودة نتنياهو إلى السلطة وإحاطة نفسه بائتلافات متشددة، يتقدمها حزب الصهيونية الدينية و”عوتسما يهوديت” (العظمة اليهودية أو القوة اليهودية)، تسود مخاوف من تصعيد عسكري إسرائيلي خطير قد يفجر موجة عنف وعنف مضاد، متنقلا بين القدس وأحيائها وإلى مدن الضفة وقراها.
وتدفع هذه الأحزاب إلى تغيير قواعد الاشتباك مع الفلسطينيين، ويركز إيتمار بن غفير زعيم القوة اليهودية والذي تولى منصب وزير الأمن القومي في حكومة نتنياهو، على دعم الاستيطان في الضفة وتصعيد المواجهة مع الفصائل الفلسطينية وتضييق الخناق على العرب داخل إسرائيل.
وإلى حد الآن تبدو المؤشرات على نشوب حرب ضعيفة، إلا أن توسع نطاق المواجهة ينذر باندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة يحذر محللون من تداعياتها الأمنية في المنطقة.